مواقف الرؤساء استوعبت التوتر…والباقي تسجيل مواقف
لم تكن معركة الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك والقاع والفاكهة المتداخلة مع القلمون السوري، منفصلة في الزمان والمكان والتوقيت والاهداف والظرف السياسي، عن معركة «حزب الله» والجيش السوري لتطهير جرود القلمون الغربي من مسلحي تنظيم «داعش»، ولذلك أُعطيت الاهمية السياسية من قبل المؤيدين والمنتقدين اكثر من المعركة التي حصلت في تموز الماضي ضد «جبهة النصرة»، نظراً لنتائجها السياسية المرتبطة بالتطورات الميدانية والسياسية الجارية في سوريا، والتي تتجه يوماً بعد يوم نحو تأكيد العملية السياسية ووقف الحرب، ونظراً لإنعكاساتها اللاحقة على وضع المنطقة ومنها لبنان.
ولذلك تبدو الظروف التي ادت الى قرار خوض معركة الجرود وطرد المسلحين منها نهائياً واستعادة سيطرة الدولتين اللبنانية والسورية عليها، غير بعيدة عن الظروف الاقليمية والدولية الضاغطة باتجاه إنهاء ظاهرة الارهاب، بعدما بلغ خطره اوروبا بشكل خاص ودول اخرى مثل اوستراليا.
وتعتقد مصادر المطلعين على موقف «حزب الله» ان الصراخ السياسي ارتفع بوجه ما قام به «حزب الله»، لأنه أفشل مشروعاً إقليمياً عمره اكثر من خمس سنوات هدف من بدايته الى جعل الجرود شوكة موجعة في خاصرة كل من «حزب الله» وسوريا للضغط عليهما في مسار التأثير في مجريات الحرب السورية. كما كانت شوكة في خاصرة لبنان لدفعه الى خيارات سياسية وامنية تغطي الواقع القائم، ولذلك اعتبر الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله ان المعركة واحدة ضد الارهاب وتجري على أرض واحدة، ولذلك اضاف على المعادلة الثلاثية اللبنانية» جيش وشعب ومقاومة» عاملاً رابعاً على هذه المعركة بالتحديد هو الجيش السوري، خاصة انها تتخذ ابعاداً اقليمية ودولية.
وفي رأي المصادر، ان السيد نصر الله يهيىء الارضية السياسية للبنان لتلقف المتغيرات السياسية والامنية المقبلة على سوريا، مع تقدم الحل السياسي والاعتراف الدولي المتتالي تباعاً، لا سيما الاميركي والفرنسي والبريطاني، ببقاء الرئيس بشار الاسد، من ضمن أسس الحل التي ستعتمد بعد تصفية مسلحي «داعش والنصرة» المنتشرين في مناطق سوريا والعراق، والذين تصر روسيا على استئصالهم كشرط اساسي في سياق الحل المطلوب.ما يشير الى ان هناك قراراً دولياً كبيراً بإنهاء وجود الارهابيين في كل مكان من العالم ومنه لبنان، وقد بدأ تنفيذه ولذلك كان ما كان في معركة الجرود، وأي كلام آخر يقع خارج السياق.
وترى المصادر ايضاً ان مخيمات النازحين السوريين في جرود عرسال كانت جزءاً من المعركة لطرد المسلحين، لأنها كانت تضم مئات المسلحين من «النصرة وداعش»، خلافاً لكل الترويج السياسي الذي كان سائداً، ومُنِع بموجبه تحرك الجيش قبل الان بحجة حماية المدنيين النازحين.ولكن خرجت من هذه المخيمات اكثر من مرة مجموعات من المسلحين منذ العام 2015 واشتبكت مع الجيش مراراً فسقط له شهداء وجرحى.
والسؤال المطروح بعد تحرير الجرود:الوضع الداخلي الى اين، في ظل الاشتباك الاعلامي الذي تجدد بين «حزب الله» ومؤيديه من جهة وبين خصومه معارضيه السياسيين من جهة ثانية، وهل سيترك تأثيرات على الحكومة وعلى الوضع العام؟
تجمع مصادر وزارية من «الثنائي الشيعي» ومن الفريق الاخر على ان التصعيد السياسي والاعلامي الحاصل سيكون مؤقتاً وأن الامور ستعود الى مجراها الطبيعي، وسيجري العمل لاستيعاب الوضع المتوتر حكومياً وسياسياً، خاصة بعد الانتهاء من قضية جثامين العسكريين الشهداء الذين كانوا مخطوفين لدى «داعش» وتشييعهم وطنياً وشعبياً.
وتؤكد المصادر الوزارية من الجانبين ان إعلان رئيس الجمهورية ميشال عون وقائد الجيش العماد جوزاف عون، نهاية عملية «فجر الجرود» بالنصر على الارهاب واستعادة جثامين العسكريين الشهداء، ودعوة الرئيس عون اللبنانيين «بأن لا يتركوا اجواء التشنجات السياسية والتجاذبات والتراشق بالتهم التي سادت في الايام الاخيرة تنسيهم انجاز الانتصار الذي تحقق»، وكذلك دعوة الرئيس نبيه بري الى «عدم إنكار النصر وتضييع المنجزات، وتأكيده ان رئيسي الجمهورية والحكومة كانا على علم بالمفاوضات التي كان يجريها اللواء عباس ابراهيم»، وكذلك توضيح رئيس الحكومة سعد الحريري بأنه والرئيس عون وافقا على ترحيل المسلحين، كل هذه المواقف كانت المدخل لاستيعاب السجالات والخلافات.
وتوضح مصادر وزارية معارضة لـ«حزب الله» ان الامور «لن تصل الى حد حصول ازمة حكومية او سياسية كبرى تعرقل مسار الحكومة، وأن الامور والملفات العالقة ستعالج بهدوء، مشيرة الى أن تسجيل الموقف الاعتراضي لا بد منه على مسار سياسي وامني معين، والى ان المرحلة المقبلة، ستشهد تحريكاً للوضع الحكومي لجهة عقد الجلسات بدءاً من هذا الاسبوع، والاهتمام بالوضع الاقتصادي بعد دخول سلسلة الرتب والرواتب حيزّ التنفيذ، وكذلك سيشهد المجلس النيابي تحريكاً لجلسات التشريع التي من ضمن بنودها المهمة درس وإقرار الموازنة العامة والتعديلات المقترحة على قانون الموارد المالية والضرائب في سلسلة الرتب والرواتب. عدا عن الازمة المستجدة بين لجان الأهل وبين المدارس الخاصة التي رفعت اقساطها والمعالجات التي يجريها وزير التربية مروان حمادة، الذي قال لـ«اللواء»:انه يعمل على لجم الزيادات غير المحقة ولكن مع بقاء وحدة التشريع بين المدارس الرسمية والخاصة، والتي تلحظ زيادة رواتب المعلمين في القطاعين.