Site icon IMLebanon

لبنان يتبلّغ رسالة دولية بعدم تركه يسقط في قعر البئر مالياً واقتصادياً

 

اجتماع الدول المانحة في باريس اليوم ليس تقريرياً بل استشاري

 

 

لقاء فرنسي – أميركي – بريطاني قريب للتنسيق حيال الملف اللبناني من مختلف جوانبه

في الوقت الذي يكتنف فيه الغموض الملف الحكومي تكليفاً وتأليفاً، وفي الوقت الذي لا ترصد فيه تحركات حقيقية لا معلومة ولا مجهولة رغم الأيام القليلة التي تفصلنا عن موعد الاستشارات النيابية الملزمة الاثنين المقبل، فإن أنظار اللبنانيين تشخص باتجاه العاصمة الفرنسية باريس حيث سينعقد اجتماع «مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان» اليوم بعد ان وصل الوضع الاقتصادي والنقدي في لبنان إلى أدنى مستوياته وبات يتطلب تدخلاً دولياً للحد من هذا الانهيار بعد ان استنفدت كل محاولات الداخل.

 

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ان هذا المؤتمر على أهميته من حيث الشكل في الوقت الحاضر سيكون قادراً على انتشال لبنان من قعر البئر الذي وصل إليه على المستويين المالي والاقتصادي؟

 

لا بدّ من الإشارة إلى أن الاجتماع الباريسي اليوم هو اجتماع ليس تقريرياً بل استشاري بغية سبر غور نوايا الدول المشاركة فيه تجاه مساعدة لبنان، لكن المؤتمر التقريري إما يكون في «سيدر» أو في مؤتمر الدول المانحة أو أي إطار آخر.

 

لكن أهمية هذا الاجتماع انه يُؤكّد إرادة المجتمع الدولي وخصوصاً فرنسا وأوروبا على عدم ترك لبنان يسقط وينهار مالياً واقتصادياً، كما انه سيحث القوى اللبنانية لكي تؤلف حكومة، كما ان هذا الاجتماع قد أعطى لونه قبل انعقاده من خلال تصريحات وزير أوروبا والشؤون الخارجية جان ايف لودريان الذي أشار إلى عدّة نقاط من بينها:

 

أولاً: الاتحاد الاوروبي يدعم الموقف الفرنسي.

 

ثانياً: الدول الداعمة تريد حكومة تتجاوب ومطالب الشعب.

 

ثالثاً: على الحكومة الجديدة ان تبدأ بتنفيذ الإصلاحات الضرورية والمفيدة.

 

هذا على المستوى الخارجي وما تتطلع إليه الدول الداعمة لإخراج لبنان من المأزق الذي يتخبّط فيه على كل المستويات، اما على المستوى السياسي فإن هذا المؤتمر سيجعل من الصعب على السلطة اللبنانية ان تعيد النظر بموعد الاستشارات الذي حُدّد الاثنين المقبل، وفي المقابل سيفرض على الأطراف الأخرى إعادة النظر في سقف المطالبة، وإلا فالسلطة و«الثورة» سيتحملان مسؤولية الانهيار، فالسلطة لا تستطيع الاستمرار في رفض المطالب، وفي المقابل الثورة لا تستطيع ان تستمر في وضع شروط لا تتلاءم والواقع اللبناني الموجود والتقليدي.

 

في هذا الإطار، فإن التركيز اليوم أصبح على مسألة تأليف حكومة تكنوسياسية شرط ألا يكون الوزراء التكنوقراط أسماء مموهة للاحزاب، وألا يكون الوزراء السياسيون مرفوضين من الرأي العام، أو اسماؤهم مرتبطة بفساد معين، وبحسب المعطيات المتوافرة فإن الاتصالات التي جرت مع الرئيس سعد الحريري في الساعات الماضية أكدت هذا الاتجاه، لكن الرئيس الحريري لم يعط بعد الموافقة على تكليفه قبل معرفة الموقف الداخلي من النقاط التي يطالب بها لقبول تكليفه إضافة إلى انتظار معرفة الموقف الخارجي ان كان عربياً أم اميركياً، لأن المرحلة المقبلة هي للانقاذ، وهذا الانقاذ شئنا أم أبينا يحتاج إلى قرار دولي لا داخلي، حيث توجد الأموال ان كان لدى الدول أو المؤسسات المالية مثل البنك الدولي، أو صندوق النقد الدولي، أو مصرف الاستثمار الأوروبي، ولكن حسم كل القضايا يتطلب معرفة نوعية المداولات التي ستحصل اليوم في باريس والتي سيعقبها وفق معلومات موثوقة اجتماع ثلاثي أميركي – فرنسي – بريطاني للتنسيق أكثر حيال الملف اللبناني.

 

وفي دلالة واضحة على الاهتمام الذي يوليه أهل الحكم لمؤتمر باريس فقد حرص رئيس مجلس النواب نبيه برّي على إبلاغ ممثّل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش الذي سيكون من ضمن الذين سيحضرون اجتماع باريس اليوم بأن المجلس النيابي بصدد إنجاز موازنة 2020، وقد شارفت لجنة المال والموازنة على إنجازها تمهيداً لاقرارها قبل نهاية العام وقد طلب إليه إبلاغ المؤتمرين في باريس هذا الأمر كون الرئيس برّي يُدرك بأنه سيكون لمثل هذه الاخبار الوقع الإيجابي بين حاضري هذا الاجتماع، والذين يعتبرون ان التزام لبنان بالموعد الدستوري لإقرار  الموازنة التي تعد منطلقاً اساسياً للإصلاحات يُشكّل خطوة إيجابية يعوّل عليها في اعتبار لبنان دولة تلتزم بما تتعهد به امام المجتمع الدولي.

 

وقد أبلغ الرئيس برّي وفداً من نقباء المهن الحرة زاره في عين التينة انه متفائل بانعقاد مؤتمر باريس. وفي الملف الحكومي أكّد انه يعوّل على الإسراع في تأليف الحكومة لاختصار عذابات اللبنانيين وقال: «ان تخفيف هذه العذابات يتم بأسابيع ان تألفت الحكومة، وينخفض ذلك إلى أيام إذا بدأنا بالاصلاحات».