السبت ١٧ آذار نقل عن صلاح البندر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كامبريدج البريطانية، ان القرار بالحرب على لبنان قد اتخذ، وأتحمّل مسؤولية كلامي والتحضيرات للحرب جارية على قدم وساق على كافة المستويات، لكن اسرائيل تنتظر اقناع الحلف الأطلسي.
وبما ان الناس على دين ملوكهم، فان قناعة الأطلسي، هي من قناة مليكه دونالد ترامب، بدليل ان جولة وزير الخارجية الأميركية السابق ريكس تيلرسون، في المنطقة، في بيروت يوم ١٦ شباط كانت مهمتها اطلاع الدول التي زارها وتحديدا لبنان والأردن بالقرار، الذي ربط توقيته بالموقف الأميركي من الاتفاق النووي مع ايران.
ومن هنا كانت العين اللبنانية على السادس من أيار حيث موعد الانتخابات، والثاني عشر منه، حيث الموعد المفترض للقرار الأميركي بخصوص الاتفاق النووي مع ايران.
وبدأت الاستخبارات السياسية، بصوت مرتفع، هل تندلع الحرب بين ايران واسرائيل قبل الانتخابات أم بعدها؟ قبل فتح صناديق الاقتراع أم بعد إقفالها؟ في حين كان نتنياهو يقول لوسائل الاعلام: ان حكومتي لا تسعى وراء الحرب!
الحقيقة انه كان يموّه، بانتظار الضوء الأخضر المعلوم، في وقت كانت واشنطن تسعى لاقناع حلفائها المطواعين بالخروج من الاتفاق النووي مع ايران، وبالتالي بعمل يضع حدّا للتوسّع الايراني في المنطقة، استنادا الى وقائع أوردها روجر بويز في التايمز اللندنية في حينه، وأهمها: قيام الحرس الثوري ببناء قواعد عسكرية في مختلف المناطق السورية تحسبا للانسحاب الأميركي وتهيّؤا للحلول محل الأميركيين لتعبئة الميليشيات الافغانية والباكستانية الشيعية لقاء ٨٠٠ دولار في الشهر، مع الوعد باقامة دائمة في ايران، وعلى أساس الولاء للإمام الخامنئي، وليس للرئيس الأسد… ممارسة ايران النفوذ الفعلي على أربع عواصم عربية، هي دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء، وتوجهها لبناء ممرّ برّي من حدودها مع العراق الى سوريا فلبنان، ووضع اسرائيل تحت طائلة التهديد الدائم، عبر السيطرة على مساحات واسعة من جنوب وشرق سوريا، لزعزعة الحدود مع الأردن أيضا…
واستكملت الصورة بوصول بولتون الى البيت الأبيض كمدير للأمن القومي، وتعيين مارك بومبيو مدير السي أي إيه السابق، وزيرا للخارجية، والذي عهد اليه باطاحة أهم انجاز للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ألا وهو الاتفاق النووي مع ايران…
الاختلاف بين ما كتب من توقعات لحرب شاملة في المنطقة، وما تمّ ابلاغه الى الدول المعنية، ومنها لبنان، بأن المواجهة ستكون أشبه بحرب مواقع، اسرائيلية في الجولان وايرانية في سوريا.
وعلى هذا الأساس، التزم المسؤولون اللبنانيون المعنيون بالحياد، أو بالنأي بالنفس، المدرج في البيان الوزاري للحكومة الحريرية.
لكن، طبقا للمصادر المعنية، فان هذا الموقف اللبناني كان مشروطا بعدم تجاوز الحرب النمط المطروح، أي ضربة، بعد ضربة، ولا حربا شاملة، تجنبا لاحراج واشنطن أمام موسكو، وموسكو تجاه طهران، وبما يضمن محاصرة هذا الحريق داخل النطاق السوري.
بيد ان مثل هذه الحرب الاستنزافية، قد لا تناسب أيا من الطرفين، آثرة ضربة ما موجعة، بحيث يلجأ الى الضربة القاضية؟ هنا تصبح الحرب شاملة، في هذه الحالة، ومعها أرجل الجميع في الفلق، عندها يغدو القرار لأصحاب النفوذ، وما على عامة الناس الآخرين سوى الأنين…