عملية اغتيال العقيد ابو اشرف العرموشي مسؤول الأمن الوطني في «فتح» مع أربعة من مرافقيه على مدخل عين الحلوة لم تكن عملية عادية، بل كانت رسالة موجهة للاجتماع الذي عقد في اسطنبول بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس واسماعيل هنية على رأس وفد من «حماس»، طبعاً بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
والرسالة الثانية كانت رداً على اجتماع عقد في العلمين (مصر) بين قيادة «فتح» و»السلطة» وبين قيادة «حماس» والفصائل الفلسطينية الأخرى.
جاءت العملية لترد على الاجتماعين، أي ان القرار ليس في مصر ولا في تركيا، بل القرار هو في إيران وحدها. بمعنى أدق فإنّ أحداث عين الحلوة هي رسالة لتركيا ومصر.
من هنا، يطرح سؤال: من أين حصلت جماعة حماس والجهاد الاسلامي على هذه الكميات من الاسلحة..؟ بكل صراحة، جماعة إيران في لبنان هم الذين يمدّون الجماعات المتطرّفة بالسلاح والذخائر والمال.
أما الادعاء بأنّ مدير مخابرات السلطة الوطنية الفلسطينية ماجد فرح الذي مرّ على بيروت وعقد اجتماعاً هو الذي قام بالمؤامرة، وهو الذي جاء بالمال من أجل المؤامرة فهو كلام مضلّل.
فعلاً… إنّ هذا التحليل مضحك، فلو افترضنا أنّ مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرح دفع الأموال.. فكيف يكون من قام بالعملية هم جماعة حماس وجماعة الجهاد الاسلامي وجند الشام والشباب المسلم؟ الحقيقة واضحة وليست بحاجة الى أي إثبات.
وبالعودة الى تاريخ العلاقة بين مشروع ولاية الفقيه ومشروع التطرّف الاسلامي نقول: توجد علاقة طويلة تربط بين النظام في الجمهورية الاسلامية في إيران والنظام الشيعي فيها وبين جماعات التطرّف الاسلامي.. وهناك أدلة على ان هذه العلاقة لا تزال مستمرة.
لقد تعاون النشطاء الرئيسيون الذين مكّنوا الحركة الاسلامية الايرانية من الوصول الى السلطة عام 1979 ومنهم ابراهيم يزري، على سبيل المثال، مع المتطرفين وغلاة المسلمين…
ويعتمد النظام الشيعي في إيران على دعم الحركات الاسلامية المتطرفة كـ»حزب الله» في لبنان، وحماس والجهاد الاسلامي، وجند الشام والشباب المسلم… وفي أحداث عين الحلوة فضح محمد الحوراني عضو المجلس الثوري في حركة «فتح» ما حدث… إذ اعتبر أنّ حزب الله هو الذي أدخل جند الشام والشباب المسلم الى عين الحلوة وبمساعدة عناصره. وهذان التنظيمان قاما باغتيال أكثر من 50 قائداً فلسطينياً.
وأشار الى ان حركة فتح كانت قد طلبت من السلطات اللبنانية منذ سنوات أن تكون المخيمات الفلسطينية خالية من أي سلاح… لكن حزب الله أصرّ على إدخال عناصره.
وقد أشرت أمس بأنّ العمل الأوّل الذي قامت به الثورة الايرانية هو إقامة ما يسمّى بـ»فيلق القدس» حيث ترأسه اللواء قاسم سليماني التابع للحرس الثوري، بالإضافة الى إقامة سفارة لدولة فلسطينية بدل السفارة الاسرائيلية، للقول بأنّ الثورة الايرانية من أولوياتها القضية الفلسطينية وأهمها تحرير القدس.
وللأسف يبدو أنّ شعارات مشروع ولاية الفقيه ظلت شعارات فارغة.. ويكفي أنّ «فيلق القدس» لم يطلق طلقة واحدة ضد إسرائيل.. ويوماً بعد يوم يتبيّـن أنّ الهدف الحقيقي لجماعة حماس أو حركة الجهاد الاسلامي المرتبطتان تمويلياً مع إيران هدفه عدم إقامة دولة فلسطينية… لأنه لو تمت إقامة الدولة فإنّ سقوط مشروع ولاية الفقيه سيكون سقوطه فورياً… لأنّ هذا المشروع «أي مشروع ولاية الفقيه» أنشئ من أجل عدم الوصول الى حل لإقامة دولة فلسطينية.
باختصار، إنّ ما جرى في أواخر عام 2008 وبداية عام 2009 يؤكد ان إيران التي تدعم «حماس» هي التي تمنع إجراء مصالحة فلسطينية، ولذلك لم ينجح «اتفاق مكة» الذي رعاه الملك عبدالله رحمه الله، لأنّ التدخّل الايراني والأموال التي دُفِعَت هي التي حالت دون الاتفاق بين السلطة وحماس والفصائل الأخرى خارج منظمة التحرير.
وبالعودة الى الحرب التي قامت بها إسرائيل على غزة، وحاصرت يومذاك جماعة حماس في مستشفى «الشفاء»، وهو أكبر مستشفى في غزة حيث كانت قيادة حماس بأكملها مختبئة فيه، والقوات الاسرائيلية وصلت الى باب المستشفى، فجاءت الأوامر بالانسحاب لأنّ مصلحة إسرائيل أن تبقى «حماس» مما يعرقل الوحدة الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية، وهذا ما تريده إسرائيل.
إسرائيل، كما قلنا ونردد، لا تريد أي دولة فلسطينية على أرض فلسطين… والجمهورية الاسلامية في إيران تنفذ بارتياح هذه الأجندة.