Site icon IMLebanon

دولة اسبارطية في الظاهر ومجتمع مذعور في الباطن!

 

لليهود في العالم طبائع وسلوكيات خاصة بهم ميزتهم عن غيرهم في المجتمعات التي عاشوا في كنفها على امتداد الكوكب. وقد تصرفوا عبر التاريخ، وكأنهم يعانون من عقدة الاضطهاد الملاحقة لهم عبر العصور والأجيال. وهذا ما يفسّر انطواءهم على أنفسهم، والعيش داخل غيتوات في المجتمعات التي يقيمون فيها. ولم يكن ذلك في مصلحتهم لأنه جعلهم بمثابة الخروف الأسود في القطيع الأبيض! كل ذلك نحت طبعا متوارثا وثابتا في شخصيتهم يقوم على المداهنة والمسايرة، وعدم المواجهة، واعتماد الأساليب السرية والسلسة للسيطرة المالية والاقتصادية على المجتمعات التي يعيشون فيها، والتواصل فيما بينهم عبر الحدود لبسط سيطرتهم على العالم في الخفاء، ودون استفزاز أو تحديات. لذلك كان من أبرز أساليبهم استخدام سلطة المال، والنساء، والتجسس، كبديل عن المواجهات والحروب!

 

***

انبثاق الفكرة الصهيونية أحدث زلزالا في الطباع والسلوكيات اليهودية المتوارثة عبر العصور. والدعوة الى اقامة الوطن القومي لليهود اقترنت باعتماد العنف والارهاب وسيلة لتنفيذ هذا الهدف، وكانت طلائعه العصابات المسلحة، وكانت عصابة الهاغاناه وأمثالها من روادها الأوائل. وقاد ذلك لاحقا الى قيام دولة اسرائيل العنصرية على أرض فلسطين، تبعا للمفهوم السبارطي حيث كل مواطن مقاتل! وكان ذلك يتناقض مع الطباع الدفينة للنفسية اليهودية التي لم تتغيّر عبر العصور والأجيال، والقائمة على عدم المواجهة المباشرة والحروب. وقد نجحت الصهيونية في إلباس المواطنين اليهود الأثواب العسكرية، ولكنها لم تتمكّن من تغيير طباعهم الدفينة!

***

هذا ما يفسّر حالة الاختناق الدائمة التي تشعر بها اسرائيل، حكاما ومجتمعا. وعلى الرغم من طوفان المساعدات العسكرية والاقتصادية والمالية التي جعلت من الجيش الاسرائيلي من بين أقوى الجيوش في العالم، فان حالة الاختناق والذعر من الأغيار لا تزال مستمرة كما كانت في الزمن الغابر! وهذا ما أوجد حالة انفصام في اسرائيل بين دولة اسبارطية في الظاهر، ومجتمع مذعور في الباطن! أليس من المذهل ان الطيران الاسرائيلي الحربي والطيران المسيّر دون طيّار لا يكفّ عن التحليق في الأجواء اللبنانية على مدار الساعة، سعيا لتعزيز بنك الأهداف في الحرب المقبلة، وتحسبا من مواجهة دولة صغيرة وهشة مثل لبنان؟! مع ذلك فان الانتخابات النيابية ينبغي ألاّ تشغل المسؤولين اللبنانيين عن التنبّه الى العدوانية الاسرائيلية المستمرة، وعدم التقصير في فضح تعدياتها على سيادته أمام المجتمع الدولي… لأن عدم القيام بردّ الفعل المناسب يعطي اسرائيل رخصة مفتوحة لاختراق الأجواء تمهيدا لحرق الأرض!