تجزم أوساط نيابية مسيحية، بأن تفاهم «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، هو حجر الزاوية للمصالحة، وأن ما من استحقاق سياسي أو غير سياسي، سيؤدي إلى إزاحة هذا الحجر وزعزعة المصالحة التي تكرّست في أكثر من مجال، وبدأت تتّسع لتطال أحزاباً وأطرافاً عدة في المرحلة المقبلة. وتقول هذه الأوساط، أن الحديث عن رأب الصدع للعلاقة القائمة ما بين الطرفين غداة انتشار مناخ مشوب بالتوتّر، يندرج في إطار الحرص على تعزيز التعاون وتأكيد الثوابت المتّفق عليها في «تفاهم معراب»، مروراً ببلورة الصورة الكاملة، وإزالة أي التباسات مهما كانت محدودة وتفصيلية.
وعلى الرغم من التباين في مقاربة ملفات إقتصادية بارزة على طاولة مجلس الوزراء، قد بات أمراً واقعاً، فإن الأوساط توضح بأن التفاهم لا يعني «الإندماج» أو الذهاب إلى القرار الواحد في كل المجالات، معتبرة أنه ينسحب على الثوابت والعناوين الوطنية الكبرى، وهي التي وردت في كل المحادثات التي تلت إعلان المصالحة، وقد تم التأكيد عليها في اللقاءات الأخيرة التي حصلت خلال الأيام الماضية بين قيادات من «التيار الوطني الحر» ومن «القوات اللبنانية».
ومن هنا، فإنه من الخطأ، ووفق هذه الأوساط نفسها، تصوير علاقة «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية»، وكأنها قيد الإختبار بشكل دائم ومن قبل العديد من القوى السياسية، وليس من قبل الطرفين. وتشدّد في هذا المجال، على أن صفحة الخلافات الجوهرية قد طويت إلى غير رجعة، وقد تأكد خلال المحطات السياسية الأخيرة ان التقاطع في الامور الاستراتيجية، هو ثابت ونهائي ومقدس لدى القيادتين، اذ ان لا عودة الى الوراء تحت اي ظرف من الظروف ورغم اي تطورات. وبالتالي فان اي اختلاف في بعض المعالجات وخصوصا في ما يتعلق بالشأن العام، لا يؤشر الى اي سلبية في الاداء من قبل اي طرف تجاه الطرف الاخر بل على العكس فهو يكرس مناخ الديموقراطية في العلاقة الثنائية ويعطي نموذجا متطورا وعصريا عن كيفية التعاون في السلطة من خلال التشاور المستمر وذلك بصرف النظر عن استمرار الاختلاف وليس الخلاف حول قضايا معينة ومحددة وغير سياسية بالدرجة الاولى.
وفي هذا السياق ترى الاوساط النيابية المسيحية ان هذه المعادلة تنطبق على الاستحقاقات المقبلة التي يواجهها «تفاهم معراب»، وفي مقدمها الاستحقاق النيابي وذلك لجهة التنسيق والتشاور في كيفية التعاون الانتخابي وان كان من المبكر اليوم الانخراط في اي توقعات مسبقة حول خارطة التحالفات الانتخابية في العديد من المناطق والتي بدأت نشاطا حزبيا انتخابيا في الاسابيع الماضية، بالنسبة لـ«القوات» كما بالنسبة لــ«التيار الوطني الحر». وتوضح الاوساط نفسها ان الاستحقاق الانتخابي النيابي سيشكل محطة ديموقراطية لكل الاطراف والقوى السياسية في السلطة وخارجها، كما ان الاستعدادات الانتخابية الفعلية لم تنطلق بعد بشكل فعلي، وصورة الترشيحات ما زالت ضبابية وان كانت بعض المؤشرات قد تكرست ولدى الطرفين وانما بشكل محدود حتى الساعة.