بعد ان مرّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بفترة طويلة من الهدوء والانعزال عن صراع فريقيّ النزاع في 8 و14 آذار، بحيث لم يعد يميل الى اي منهما، لانه لعب دور الوسيط على خطوط سياسية عدة، وقد يكون دقيقاً وصف جنبلاط بأكثر السياسيين قدرةً على قراءة عناوين المرحلة المقبلة، لذا قرّر خلال السنوات الماضية وبعد خروجه من خط 14 آذار، الانفتاح على الجميع والبقاء في الخط الوسطي، لانه مريح من كل النواحي بحسب ما ردّد خلال تلك الفترة . رافضاً التقوقع والشعارات الضيقة، عاملاً وجاهداً لمرحلة جديدة يكون عنوانها الغاء الطائفية السياسية التي اصبحت تلوث حياتنا السياسية والوطنية بحسب ما صرّح جنبلاط دائماً، مشدّداً على اعتماد الحياد في أي صراع في المنطقة.
اما اليوم وبعد 30 حزيران الماضي، أي تاريخ حادثة قبر شمون المشؤومة، والتي اوصلت الوضع الى الخراب بفعل تداعياتها التي توّزعت على لبنان ككل، خصوصاً على الحكومة المعتكفة خوفاً من حصول الاعظم خلال جلساتها، مع ما يرافق ذلك من ردود متبادلة واتهامات قسّمت الشارع الدرزي واللبناني والمسيحي، جرّاء نتائج تلك الحادثة التي اوجدت مخاوف مسيحية من الدروز بفعل التصريحات المتواصلة، والتي تنبئ بحدوث ما لا يُحمد عقباه، خصوصاً بعد الكلام المبطّن والاتهامات بحصول كمائن الاغتيال، وما نتج عن ذلك من محاولة كسر جنبلاط كما يؤكد مسؤولون في الحزب التقدمي الاشتراكي.
إزاء هذا الوضع لم يعد جنبلاط وحيداً في الاطار السياسي، لان الركن الاساسي في القيادات المسيحية أي رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، يقف الى جانبه ويبدو ان التحالف قائم من جديد على قدم وساق بينهما، بحسب ما يؤكد الطرفان، ناهيك عن دعم خارجي اميركي سعودي- روسي له، اذ من غير المسموح إزالته عن الساحة الدرزية بصورة خاصة وعن الساحة اللبنانية بصورة عامة، وآخر هذا الدعم ظهر من خلال زيارة مرتقبة لجنبلاط الى موسكو للقاء الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين، بعد اتصالات قام بها ممثل الحزب الاشتراكي في روسيا حليم بو فخرالدين من خلال الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الاوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف، لان الزيارة مطلوبة اليوم وبشدة خصوصاً في هذه الظروف الدقيقة والحساسة جداً ، تحت عنوان تلقيّ الدعم الروسي والحماية السياسية لزعيم المختارة من ابرز دولة راعية لمحور الممانعة.
هذا وتشير مصادر الاشتراكي الى أن التحضيرات لزيارة موسكو قائمة على نار حامية، في انتظار تحديد موعد من الجهة الروسية، على ان توصل هذه الزيارة رسالة مفادها ممنوع المسّ بالزعيم الاشتراكي، على الرغم من ان علاقة موسكو بجنبلاط لم تخلُ ضمن فترات معيّنة من الفتور السياسي، خصوصاً حين وجّه الاخير انتقاداته للقيادة الروسية خلال تدخلها في الازمة السورية ، لكن وبحسب مصادر الاشتراكي فجنبلاط مُرّحب به في موسكو، وهذا ما اكده المسؤولون هناك، لان الهدف إعادته الى الحضن الروسي من جديد، ناقلة إمتعاض المسؤولين الروس مما يتعرّض له جنبلاط من محاولات تحجيم من قبل فريق لبناني معيّن.
وختمت المصادر المذكورة بأن جنبلاط سيُعيد مصالحة الجبل الى ما كانت عليه، وإن مرّت اليوم ببعض الفتور، لكن لاحقاً ومن خلال علاقته الجيدة جداً اليوم مع رئيس حزب القوات، فكل شيء سيكون على خير ما يرام، في ما يخص وضع مناطق الجبل بصورة عامة.