السعوديون منكفئون رئاسياً.. وبعض العرب يتقدّمون
تشريح ديبلوماسي للمرشحين.. تحت السقف الأميركي
الرئاسة في لبنان مؤجلة حتى تذليل موانع إتمامها، وتلاقي إرادات الداخل والخارج لاستيلاد رئيس جديد بعملية طبيعية أو قيصرية.
الأميركيون يدعون علناً، الى اتفاق اللبنانيين على رئيس، ولا فيتو على أحد، وأما في السرّ فيشرّحون كل المرشحين، ووفق معاييرهم. يفاضلون بين هذا وذاك، ويقدمون هذا على ذاك، يسجلون انتقاداتهم لمرشح، ويكيلون المديح لآخر، وثمة كلام ديبلوماسي اميركي «طازج»، و «شديد اللهجة في إيجابيته»، قيل في حق النائب سليمان فرنجية.
الديبلوماسية الغربية، تتحرّك رئاسياً، تحت السقف الاميركي، والديبلوماسية العربية تعكس إرباك دولها. السعودية منكفئة، ومنهمكة في جرحها اليمني، وحتى اندمال هذا الجرح لا مكان للاستحقاق الرئاسي اللبناني في أجندة أولوياتها واهتماماتها. واما سائر العرب، فلكل منهم هموم وأوجاع وأمراض تكفيرية وارهابية، اهم واكبر من لبنان.
في الاساس، الحركة الديبلوماسية العربية ربطاً بالرئاسة اللبنانية، شبه منعدمة، وفي جوهرها بلا فعالية ولا تملك القدرة على جذب اللبنانيين نحو مساحات مشتركة. واما المستجدّ، فهو حضور دولة عربية رئاسياً، بعد فترة طويلة من الانكفاء، ومحاولة التسلل الى العناوين السياسية والرئاسية، من خلف الانكفاء السعودي، ومحاولة ملء فراغ دور المملكة، بآخر.
في الكلام العلني، يقول سفير تلك الدولة «الظروف الإقليمية المحيطة بلبنان، والفراغ الرئاسي، يوجبان إيجاد حلول للخروج من هذا المأزق. وحتى ذلك الحين يجب الحفاظ على الحكومة اللبنانية وتفعيل عملها. فعدم وجود حكومة معناه حرمان الشعب اللبناني من الخدمات العامة وحقوقه السياسية». ويضيف «أننا على اتصال بكل القوى السياسية، ونقول موقفنا بوضوح، ومستعدون للقيام بأي جهد من أجل لبنان».
الموقف الرسمي هذا، يقابله الموقف الحقيقي، الذي يُقال في الصالونات السياسية والغرف المغلقة وفيه كلام آخر، يفيد بما يلي:
ـ انتظار مآل تطورات المنطقة، وتداعياتها عليها. الوجود الروسي في سوريا تطوّر كبير من شأنه أن يخلط أوراق المنطقة وأولوياتها. وفي هذه التطورات، لبنان خارج دائرة الاهتمامات والأولويات حالياً.
ـ نحن (الدولة العربية الكبرى) أقرب، من حيث التحالف والموقف السياسي العام، الى قوى «14 آذار»، لكننا مع الانفتاح على سائر القوى اللبنانية.
ـ تطبيع العلاقة مع «حزب الله» ليس ممكناً حتى الآن، فهناك قضايا سياسية وقضائية محل خلاف جوهري. العلاقة ليست سليمة مع الحزب، لكن التواصل معه موجود.
ـ لا مع ولا ضد ترشيح سمير جعجع لرئاسة الجمهورية، ولكن في الوقت ذاته، تبرز حماسة ملحوظة حيال بعض المرشحين الآخرين ومن بين هؤلاء مَن توجب الظروف الراهنة التي يمر بها لبنان أن يتولى الرئاسة وإدارة الدولة. وهنا يتوقف يتوقف السفير عند بعض المواقف والمواصفات لبعض هؤلاء المرشحين «أنا أحترم شفافية سليمان فرنجية، وهذا أمر يسلّم به الجميع، وأنا أقدّر موضوعيته، وهناك من نقل لي أنه يقرأ الموضوع الرئاسي في لبنان بواقعية ويقول إن لا حظوظ له الا عبر تسوية خارجية كبرى. وأما جان عبيد فهو يعمل بهدوء وبلا ضجيج تحت عنوان المرشح الوفاقي لا التوافقي.. ويبقى قائد الجيش العماد جان قهوجي، فمن موقعه كقائد دخل الى نادي المرشحين مرشحاً قوياً، وهناك مَن يعطيه الأرجحية على غيره».
ـ اتهام النائب ميشال عون بتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، بدعم مباشر من «حزب الله»، وتأييد «الفيتو» السعودي على عون بذريعة أنه حليف «حزب الله»، وان انتخابه ليس في مصلحة لبنان لأنه يغلب طرفاً على طرف. لكن هذا لا يمنع من «إرضاء» عون في مجالات اخرى، كالطرح الأميركي الأخير لترفيع بعض العمداء في الجيش الى ألوية، ومن بينهم العميد شامل روكز. (تجدر الإشارة هنا الى أن هذا الطرح لم ينضج بعد، خاصة أنه قد ألقى بارتدادات سلبية على المؤسسة العسكرية، وأوجد تململاً في صفوف الضباط. وأطلق تساؤلات كثيرة، ما زالت بلا جواب حتى الآن، كيف سيتمّ ترفيع العمداء الـ12، وعلى أي أساس، هل بترفيع شامل منفرداً، وعلى أي أساس، ومَن يضمن ألا يعترض ضباط آخرون واللجوء الى خطوات غير مسبوقة كالاحتكام الى القضاء مثلاً، ومَن يستطيع أن يقدّر تداعيات هذا الترفيع على الجيش)؟
ـ انتقاد إصرار عون على خوض ما سمّاها سفير الدولة العربية المذكورة «معركة الأصهار». وقد سبق ذلك رد من قبل أحد وزراء «8 آذار» خلال لقاء عقد قبل فترة قصيرة مع السفير المذكور، في ذلك اللقاء أبدى السفير المذكور استياءه من تصلّب عون في موضوع قيادة الجيش وإصراره على تعيين صهره، فردّ الوزير مشيراً الى أن تعيين الأصهار ليس أمراً جديداً في لبنان، بل هو أقرب الى التقليد؛ ففي عهد الرئيس الياس الهراوي عيّن الهراوي صهره فارس بويز وزيراً للخارجية، وفي عهد الرئيس اميل لحود عيّن لحود صهره الياس المر وزيراً، وقبل الطائف عيّن امين الجميل والده وزيراً، وقبله عيّن الرئيس سليمان فرنجية ابنه الشهيد طوني فرنجية وزيراً، وكذلك عيّن صهره الراحل عبدالله الراسي وزيراً.. ويُقال إنه بعدما سمع السفير هذا الكلام سحب استياءه.. إلا أنه عاد وكرره في لقاءات أخرى.