Site icon IMLebanon

السنّي البيروتي العتيق

 

ذلك السنّي البيروتي العتيق الذي يقول لك «شو الله ما خلق الا سعد الحريري؟ من شو بيشكي تمام بيك، وبهيج طبارة، ونهاد المشنوق؟». قطعاً ليس ضد «الشيخ سعد». يحبه وازداد حبه له بعد «الويلات» التي عاشها في السعودية. المسألة أنه اغتاظ مما كتبه البعض حول أزمة القيادات داخل الطائفة السنية، خلافاً لطوائف أخرى…

يعيد «الأزمة» الى شخصية الرئيس رفيق الحريري «الذي تأثر كثيراً بأدبيات البلاط. السوريون الذين حكموا لبنان على طريقة جمال باشا، على أنهم الأشقاء الذين طالما تظاهرنا وهتفنا للوحدة معهم، آزروه في اقفال البيوتات السياسية السنّية، قبل أن يفاجأوا أنهم باتوا، الى حد ما، أسرى شخصية الحريري الذي امتد وهجه، وربما ماله، الى الحارات الدمشقية».

ينفي أن يكون «عشقنا للمال جعلنا نلتف حوله. لا شك أن الرجل كان سخياً، وأنقذ الكثير من المؤسسات، كما اشترى مرجعيات سياسية وروحية، حتى راح البعض يسأل ما اذا كنا نتجه الى «الجمهورية اللبنانية الحريرية». الحقيقة أنه كان ظاهرة كاريزماتية، وزادت في قوته علاقاته الدولية التي لم نكن قد رأيناها في أي زعيم سني آخر».

يقول «المغفور له أبوبهاء جاء في وقت كانت الليرة تتدهور، ويتدهور معها المواطن اللبناني، ربما الى الجحيم، وكان المغفور له عمر كرامي يدور داخل الحلقة المفرغة، بعدما كانت الطائفة قد افتفدت صائب سلام الذي استقر في المنفى السويسري، ولقي رشيد كرامي حتفه في انفجار الهليكوبتر».

توقف عند وصف مجلة «الاكسبرس» الفرنسية للحريري الأب بـ «السيد معجزة». بعدما تجول أحد مراسليها في أرجاء الداون تاون التي قامت فوق الخراب، وفوق خراب بيوت كثيرة تسبب بها قانون سوليدير. ولكن من كان باستطاعته أن يجترح تلك المعجزة المعمارية سوى رفيق الحريري؟.

بالمناسبة، السنّي البيروتي العتيق كان استاذاً في احدى الجامعات الكبرى. يقول ضاحكاً «لا تصدق أن «أبو العبد» و«أبو صطيف» يختزلان، على خفة دمهما، شخصية السنّي البيروتي. ولا أتصور أنك تعتقد أن «أبو صياح» و«أبو رياح» و«أبو قعود» يختزلون شخصية السنّي الدمشقي».

في رأيه أن أزمة السنّة في لبنان تعود الى كون الدول السنّية الكبرى, ومن مصر الى السعودية (عربياً)، ومن تركيا الى باكستان (اسلامياً)، في قبضة أميركا التي اخترعت صراع القبور بين السنّة والشيعة للقضاء على ما تبقى من القضية الفلسطينية».

يلاحظ كيف أن «أشقاءنا العرب وضعوا ثروات بلادهم بين يدي الأميركيين. وبالرغم من ذلك، لم تؤثر التريليونات قيد أنملة في سياسات واشنطن حيال القضية. على العكس، ها أن دونالد ترامب الذي حمل معه من قصر اليمامة ماحمل لم يراع، ولو بالحد الأدنى، خادم الحرمين الشريفين، وأعلن القدس عاصمة لاسرائيل. ماذا يعني ذلك سوى اننا دمى في حضرة السيد الأميركي؟».

يكاد يصرخ «يا جماعة…حتى رضوان السيد، بثقافته المترامية، بات أميركياً. هل من مصيبة أكبر من هذه المصيبة؟ هل من فضيحة أكبر من هذه الفضيحة؟».

السنّي البيروتي شديد الارتياب من « الهاجس الأمبراطوري لدى الايرانيين الذين يستنزفون امكاناتهم باللعب في احدى زوايا رقعة الشطرنج» …ولكن هل أن مواجهة ايران التي تقف، ولو لأغراض تكتيكية، ضد اسرائيل، يفترض فينا أن نذهب الى ما هو نقيض تراثنا، وقضايانا، ونحن أهل الأمة؟».

في اعتقاده «أن ايران أمام أزمة بنيوية، وهي بحاجة الى وقف الصراع، كما أن السعودية أمام أزمة بنيوية، ويفترض ألا تمضي في ذلك السيناريو الذي مضت فيه أبعد من اللامعقول، ودون أن تكون هناك نهاية لهذا الوضع الكارثي الا اذا صدّقنا وعود دونالد ترامب البهلوانية بزعزعة نظام آيات الله».

يعود متعباً، ويائساً، الى الساحة اللبنانية «لا أتصور أن سعد الحريري، ومهما فعل، يحظى بثقة صاحب السمو. السنّة في لبنان، ومع وجود عبد الفتاح السيسي، لا جمال عبد الناصر، في مصر، لا يمكن أن يبتعدوا عن السعودية».

هنا يتوقف عند ظاهرة لافتة «غريب أن تأثير الوهابية بين سنّة لبنان كان محدوداً جداً. هذا يؤكد أن لهم خصوصيتهم وأصالتهم، بل وتميزهم. على رأس السطح أقول لك أن سنّة لبنان لبنانيون وأوادم. الأزمة السورية، بجوانبها المأسوية، أججت المشاعر. لكنهم اكتشفوا قبل غيرهم الى أين تمضي بنا لعبة الدومينو».

ضاحكاً سألني «بين سعد الحريري وخالد ضاهر، ايهما تفضل أن يكون في السراي؟».