Site icon IMLebanon

مليون ونصف مليون “تكفيري” في لبنان

الدراسة التي نشرتها قبل أيام المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قرعت جرس إنذار في العالم باستثناء لبنان على رغم أنه البلد الاكثر استضافة للاجئين في العالم قياسا على عدد سكانه ومساحته. ففي هذه الدراسة يتبيّن أن عدد اللاجئين في العالم بلغ في نهاية عام 2014 نحو ستين مليون لاجئ. أما ما يعنينا مباشرة في هذه الدراسة فقولها أن”الصراع الدائر في سوريا منذ 4 أعوام، أدى الى لجوء 3 ملايين و880 ألف شخص في نهاية 2014 الى الدول المجاورة في الشرق الاوسط، كما أدى الى نزوح 7 ملايين و600 ألف داخل الاراضي السورية… إن واحداً من أصل 5 نازحين في العالم هو سوري الجنسية”.

التحذير تلو التحذير الذي يطلقه وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس المعني مباشرة، وآخره الذي ورد في التقرير الذي رفعه الوزير الى الرئيس تمام سلام ضاع في زحمة الكلام على تلبية مطالب العماد ميشال عون المدعومة من “حزب الله” في شأن التعيينات الامنية كشرط لمعاودة مجلس الوزراء جلساته. والنقطة الاساسية في تقرير الوزير درباس تتناول تنسيق الجهود مع الاردن من أجل إيجاد مناطق آمنة يعود اليها اللاجئون السوريون الموجودون في لبنان (البالغ عددهم مليون ونصف مليون لاجئ) والموجودون في الاردن على السواء. فهل ما يقترحه الوزير درباس ضرباً من الخيال؟

تبعاً للأولويات التي يفرضها “حزب الله” على لبنان، يبدو اقتراح وزير الشؤون الاجتماعية خياليا فعلا، ومثله مقترحات وزير الداخلية نهاد المشنوق التي تردد أنه طرحها مجدداً على “حزب الله” لمعالجة وضع عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين في بلدة عرسال وحدها وتقضي بإنشاء مخيمات لهؤلاء اللاجئين في مناطق جديدة في الداخل اللبناني. والسبب هو أن هذا الحزب لا يريد أن يسمع اليوم كلمة “لاجئ” تبعد الاهتمام عن كلمة “تكفيري” المقدسة عنده.

يروي أفراد تمكنوا من الوصول الى الاراضي السورية عبر الحدود مع الهرمل أنهم شاهدوا دماراً هائلا في الممتلكات في مناطق واسعة انطلاقا من مدينة القصيّر التي شنّ عليها الحزب حربا في مثل هذه الايام قبل عاميْن أدت الى تهجير سكانها بالكامل فاستقر بضعة آلاف منهم في جرود عرسال والقلمون حاملين السلاح وصاروا يحملون وفق توصيف الحزب لقب “تكفيريين”. وبحسب روايات هؤلاء الشهود لم يبق من المنازل القائمة سوى تلك التي يقطنها مسيحيون سوريون والذين رفعوا فوقها رايات الحزب الصفراء للدلالة على هوية سكانها فرضتها القوة المسيطرة على المنطقة. إن تدمير هذا العدد الهائل من الابنية ينطوي على قرار عدم السماح لسكانها بالعودة اليها كي يتحقق، كما يشاع، مشروع الدويلة الايرانية التي يقطنها العلويون وسائر الاقليات الموالية.

لا يبدو أن هناك أفقاً لعودة اللاجئين السوريين الى ديارهم قريبا في ظل هذا المخطط من التطهير العرقي. ولن يكون بعيدا اليوم الذي سنسمع فيه كلمة “تكفيري” تطلق على كل لاجئ.