Site icon IMLebanon

.. وتبقى عرسال «الحصرم».. في عين «حزب الله»

يعود «حزب الله« الى تفعيل ملف عرسال على وقع اخفاقاته الكثيرة في القلمون، وآخرها عودة الاشتباكات الى جرود فليطة والتلال المجاورة، على الرغم من اعلان تحريرها بالكامل. فبعد أسابيع على المؤتمر الصحافي الذي عقده أديب الحجيري، مسؤول حزب «البعث« في عرسال، ومجموعة ممّن وصفتهم «الممانعة» بـ»فعاليات عرسال»، لمطالبة الجيش اللبناني بـ»تطهير البلدة من التكفيريين»، عقد أمس الأول محمد نوح، أحد وجوه «8 آذار» في البلدة، مؤتمراً صحافياً في بعلبك، طالب فيه الجيش اللبناني بالدخول الى البلدة لـ»إلقاء القبض على الارهابيين».

إنطلق نوح وصحبه في حديثهم عن واقع عرسال من مطالب محقّة. فالعراسلة يتململون من أوضاعهم الاقتصادية الآخذة بالتدهور يوماً بعد آخر، بفعل حصارها من كافة الجهات، الأمر الذي أدى الى منع الأهالي من الوصول الى مصالحهم وأرزاقهم ومحاصيلهم ومقالع الحجارة في جرود بلدتهم.

«إلّا أن مطالبة هؤلاء الجيش اللبناني بالدخول الى عرسال، مطلب حق يراد به باطل»، تقول مصادر نافذة في عرسال. فأهالي هذه البلدة الحدودية، كانوا من أوائل المطالبين بدخول الجيش اليها وحماية أهلها وحدودها. بالمقابل يعمل «حزب الله« على تحريك «مجموعاته» في عرسال، لمطالبة الجيش بدخولها، ليس لحمايتها، ولينفّذ أجندته المعروفة، اي مواجهة عشرات آلاف النازحين السوريين..ما يعني الخراب المطلوب.

«حزب الله«، الذي تطالب بياناته باعتماد «الحلول السياسية» في سوريا واليمن والمنطقة، يفصل عرسال وجرودها عن هذا المسار، لأهداف معروفة. فالحلول من شأنها أن توقف مخطّطه للسيطرة على عرسال. والسيطرة، بالمعنى السياسي والعسكري، باتت من الثوابت التي يعمل عليها الحزب، خاصة بعد حديث للسفير الاميركي السابق في دمشق روبرت فورد، والذي رجّح ان يكون التقسيم هو النتيجة النهائية للحرب السورية. وفي كلامه عن تقسيم سوريا بين الفصائل والتحالفات المختلفة، تحدّث فورد عن منطقة يعمل النظام و«حزب الله« للحفاظ عليها، وتضم الساحل والحدود اللبنانية – السورية، ومن ضمنها عرسال، الواقعة في قلب هذه الجغرافيا.

هكذا، ولهذه الاسباب، يعرقل «حزب الله« «الصفقة العربية» لتحرير العسكريين المخطوفين لدى جبهة «النصرة«. فحلّ هذا الملف ينزع من الحزب ورقة مهمة ويُسقط مخططه «لتحريرهم بالطرق العسكرية«. سيخرج من يقول بأن «حزب الله« يرفض منطق التفاوض مع «التكفيريين»! لكن الاحداث السورية الطويلة والمتواصلة، اثبتت انه والنظام السوري فاوضا «النصرة» في مراحل كثيرة. أوّلها، يوم فاوض النظام السوري هذه الجماعات لتحرير راهبات معلولا للقول بأنه يضحّي بمبادئ المقاومة حفاظاً على المسيحيين! والمرحلة الثانية، كانت بالتفاوض المباشر بين «النصرة» و«حزب الله«، حيث نجح الأخير في تحرير أحد عناصره الاسرى، مقابل اطلاق سراح اسيرين لـ»الجبهة» كانا لديه. والمرحلة الثالثة، تمكن في المفاوضات المتواصلة بين الحزب و«النصرة«، بهدف تجنّب معركة شرسة في القلمون، يفقد فيها الطرفان الكثير من عناصرهما.

وفي هذا الاطار، يقول «الإعلام الحليف» لـ»حزب الله«، إن «المقاومة» تخوض المفاوضات مع التكفيريين من موقع القوة، بعد سيطرة «رجال الله» على 80% من الجرود التي كانت بيد المسلحين، ومحاصرتهم في مساحات ضيّقة. إلا أن المسار العسكري للاحداث، يدحض نظرية «الانتصارات» هذه. فجرود فليطة، التي قال الحزب انه حرّرها بالكامل، شهدت في الايام الماضية اشتباكات ضارية، أُجبر فيها الحزب على التراجع بضعة كيلومترات، بفعل استخدام «جيش الفتح» لصواريخ «كونكورس» و»كورنيت» المضادة للدروع، وهي الصواريخ التي أوقفت تقدّم الدبابات الاسرائيلية جنوباً خلال «عدوان تموز«. 

«حزب الله مش مستعجل»، قالها الأمين العام السيّد حسن نصرالله في خطاباته الأخيرة، مطالباً بعدم «إلزامه بجدول زمني لإنهاء المعارك بوجه التكفيريين، وتحرير كامل الجرود». لكن هذا الحزب، لا تقوم أجندته على التخطيط ليومين أو شهرين مقبلين. يخطّط بهدوء ويهيئ الأرضية، بانتظار ساعة الصفر. ساعة تحدّث عنها روبرت فورد، المُطّلع على تفاصيل المفاوضات النووية بين ايران والغرب، وما يمكن ان ترسو عليه في ما خصّ تقسيمات النفوذ في سوريا والمنطقة. وإلى حينها، يتفنّن «حزب الله« بابتكار سجالات داخلية وجبهات وهمية للتعمية عن خسائره واخفاقاته على جبهات القتال الواقعية. ويُذكّر بين الحين والآخر بعرسال «المُحتلة من الارهابيين»، بانتظار كلمة السر الايرانية وساعة الصفر.