المواطن اللبناني مصاب بخيبة أمل لسبب بسيط أنه عندما جاء «الرئيس القوي» الى الحكم (كما رُوّج له) وبعد الانتخابات النيابية التي أجريت بعد 9 سنوات، بسبب التمديدات المتتالية للمجلس النيابي، وبعد قصة الأحجام وبعد السرعة في الاستشارات والتكليف… كان اللبناني يتوقع تأليفاً سلساً للحكومة، خصوصاً أنّ رئيس الجمهورية وصل بالإجماع اللبناني، ورئيس المجلس النيابي جاء بالإجماع اللبناني، والتكليف تم بالإجماع اللبناني إذ نال تأييد 111 نائباً.
اليوم الوضع هو الآتي:
1- الأزمة المسيحية بسبب الخلاف الحاد بين «التيار الوطني الحر» و»القوات»، وكنا نتوقع تهدئة الأمور بعد لقاء الحريري – جعجع في «بيت الوسط»، ومن أسف أنّ مقابلة جبران باسيل التلفزيونية نسفت كل شيء إيجابي… وكان منتظراً لقاء باسيل وجعجع للبحث في نقط الخلاف، وإذا بالأمر يتحوّل الى حرب تلفزيونية وحرب على مواقع التواصل الاجتماعي.
2- في الوقت ذاته يتحدّث وليد جنبلاط بعدما استقبله الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا بأنه لم يبحث الأمر الحكومي مع الرئيس ويصرّ على 3 وزراء… فهل ذهبت الى القصر للتحدّث في الطقس؟
3- وفي هذا الوقت أيضاً يتحدّث الوزير حسين الحاج حسن بأنهم مصرّون على توزير شخصية سنيّة… أن يكون لهم مطلب شيعي شيء وأن يقولوا بتوزير سنّي فهذا أمر آخر لأنه تدخّل في شؤون وصلاحيات الرئيس المكلف.
4- إلى ذلك، فإنّ جماعة «حزب الله» كلفت النائب نوار الساحلي رئاسة لجنة مهمتها بحث عودة النازحين السوريين الى بلدهم بالتوافق مع النظام السوري… وهذه تشكل سابقة مرفوضة كون هذا الأمر من صلاحيات الدولة اللبنانية حصرياً.
أمام هذه الصعوبة السؤال يطرح ذاته: كيف يمكن لسعد الحريري أن يشكل الحكومة؟
أولاً- نعم سيؤلفها خلال الاسبوعين المقبلين بالرغم من هذه العراقيل التي أشرنا إليها آنفاً، ذلك أنّ سعد الحريري يثبت يوماً بعد يوم أنه رجل دولة من الطراز الرفيع.
ثانياً- ثم انه يتمتع بالصبر وطول الأناة، ليتعامل مع هذه العراقيل على أنها استدراج عروض ورفع أسعار لتحصيل ما يمكن تحصيله، وهذه ليست جديدة فهي معروفة ومألوفة في تاريخ تشكيل الحكومات في لبنان.
ثالثاً- والأهم من هذا كله العلاقات الطيّبة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وأيضاً العلاقة الطيّبة بين الرئيس الحريري والرئيس نبيه بري… وهذا يرجح الإيجابيات ما يعني أنه يتوقّع تشكيل الحكومة في مدى قريب.
رابعاً- أخيراً قد يكون الرئيس سعد الحريري مستعجلاً على تشكيل الحكومة نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة والبطالة التي لامست حدود الـ35% لأنّ تشكيل الحكومة يعطي دفعاً للاقتصاد خصوصاً مع تطبيق بنود مؤتمر «سيدر 1» الذي سعى الرئيس الحريري إليه جاهداً، وهذا يقتضي تشكيل الحكومة في وقت غير بعيد…
عوني الكعكي