للمرة الاولى منذ التسعينيات ستدخل الدولة الى الضاحية الجنوبية بشكل فعلي وعملي. هذا هو باختصار المشهد في الضاحية التي بدأت أمس الخطة الامنية فيها بعد اكثر من ثلاثة اشهر من التحضيرات لها والتي أتت كنتيجة للحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله».
بعد طرابلس والبقاع، تتوجه الانظار الى الضاحية الجنوبية التي سينتشر فيها حوالى ألفي عنصر، 1500 عنصر من الجيش و500 عنصر من قوى الامن إيذاناً ببدء مرحلة جديدة في هذه المنطقة التي باتت تعاني شتى انواع المخالفات.
وإن كان تنسيق وزارة الداخلية مع «حزب الله»، المسيطر بشكل كامل على الضاحية، أمراً لا بد منه خصوصا وان في الضاحية مراكز حزبية وأمنية لها حساسيتها عند الحزب، فإن الحزب هو من اكثر المطالبين بدخول الدولة الى الضاحية بعدما باتت الاوضاع الاجتماعية فيها خارجة عن قدرته على معالجتها. من ملف تجارة المخدرات الى السرقات والتعديات شبه اليومية. كل هذه الملفات باتت تشكل عاملا ضاغطا على الحزب الذي لا يريد ان يدخل في اشكالات مع العشائر والعائلات الكبيرة في الضاحية، والتي يفرض بعض من أفرادها الخوّات على التجار او يتاجر بالمخدرات. ونظرا الى حساسية هذه العلاقة بين الحزب وهذه العائلات التي يتركها حزب الله كخزان لأي تحركات مستقبلية في وجه الطرف الآخر، او حتى في وجه الدولة اللبنانية، فإن مصلحته تقتضي دخول طرف ثان يتولى مهمة ضبط الامن في الضاحية. وقبل ساعات من بدء الخطة الامنية أبلغ «حزب الله» وحركة «أمل» جماهيرهما بأنهما رفعا الغطاء عن أي مخل بالأمن. إلا ان بعض المعلومات والمعطيات أشارت الى ان «غالبية المخلين ومنهم تجار المخدرات محميون من قِبَل الحزب وسرايا المقاومة التي تعرف جيدا أماكن انتشار هؤلاء التجار من الرويس الى الليلكي مرورا بشارع السوق في حي السلم، وكلها أماكن معروفة جيداً ويتخذ منها تجار المخدرات الكبار مراكز لهم وينجحون في كل مرة في الهروب قبل حصول المداهمات الامنية. ويمكن للقوى الامنية ان تسأل اهالي الضاحية عن اماكن تواجد هؤلاء التجار وفارضي الخوات، فالجميع يعرف جيداً عناوينهم، إلا ان أحداً منهم لم يتم القبض عليه حتى هذه الساعة.
ويبقى الرهان على نجاح كبير تحققه الخطة الامنية على الرغم من تعقيدات الاوضاع في الضاحية.
وزارة الداخلية وعبر هذه الخطوة تريد التأكيد مرة جديدة انه ليس في لبنان منطقة خارجة عن سيطرة الدولة او عصية عليها، من طرابلس الى البقاع مرورا بسجن روميه واليوم الضاحية الجنوبية.