IMLebanon

..والخاسر الأكبر لبنان الدولة والوطن والمجتمع  

أياً ما سيرسو عليه قانون الانتخابات النيابية العتيد، فإن الأفرقاء السياسيين عموماً بدأوا الاعداد الميداني المبكر للانتخابات النيابية المقبلة، باطلاق المواقف وسلسلة الزيارات التي تقاطعت مع الافطارات الرمضانية والمناسبات التي تخص كل منطقة بذاتها وبعاداتها وتقاليدها ومناسباتها الاجتماعية.. ويتصرف الأفرقاء وكأن الانتخابات واقعة في وقت قريب على رغم ما أعلنه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وتأكيده «ان القانون يحتاج الى ستة أشهر (او سبعة أشهر) على الأقل لتنفيذ متطلباته التنفيذية كونه يعتمد النظام النسبي للمرة الأولى في لبنان..» ليخلص الي القول مشيراً الى أنه «قانون عاقل ويتسم بالواقعية الشديدة، لكنه ليس عادلاً..»؟!

بعد سلسلة الأزمات المتواصلة، وعلى مدى عقود من الزمن، شاء عديدون ان يرموا المسؤولية على قانون الانتخاب، وارتفعت أصوات منذ أواخر سبعينات وأوائل ثمانينات القرن الماضي تطالب بنظام انتخابي جديد غير طائفي يعتمد النسبية ويكون لبنان دائرة انتخابية واحدة.. لكن الأمور سارت بالاتجاه المعاكس.

مع نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي، أطلق الرئيس نبيه بري مبادرة «الحوار الوطني» من أجل صياغة قانون جديد، وعلى رغم تمديد ولاية المجلس مرتين، فإن طاولة الحوار لم تنتج قانوناً يعتد به ويكون بداية مرحلة جديدة في الحياة السياسية اللبنانية.. على رغم تراكم المعاناة الشعبية وتنامي الضغط الاجتماعي والسياسي وتعطل المؤسسات والتمديد الأول والثاني لمجلس النواب الحالي واشتداد الأزمات السياسية وغير السياسية..

تاريخياً، ارتبط النظام السياسي – الطائفي في لبنان بنظام الحمايات الخارجية.. وتأسيساً على ذلك، فإن من المبالغة القول ان لبنان عرف «السيادة والحرية والاستقلال»؟ كما من المبالغة القول إنه عرف «الوحدة المجتمعية الحقيقية القائمة على أساس المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات بين مكونات المتحد اللبناني والمناطق اللبنانية كافة..» وكان الجميع على قناعة بأن النظام الطائفي لبنان، والذي تحول الى طائفي ومذهبي، وعلى مدى التجربة التاريخية، هو نظام مولّد داعم للأزمات والانقسامات والحروب الداخلية بين اللبنانيين أنفسهم، واداة للتطلع الى الاستقواء بالخارج، أياً كان هذا الخارج، عربياً – اقليمياً دولياً، أم كل ذلك..

ليس من شك في ان لبنان، الـ١٠٤٥٢كلم٢ هو في صلب اهتمامات المحاور الخارجية الدولية والاقليمية والعربية، أياً ما آلت اليه التطورات في الواقع الاقليمي الملتهب، والمفتوح على العديد من الاحتمالات، التي من بينها اعادة تقسيم المنطقة، وفق «سايكس – بيكو» جديد، على أسس طائفية – مذهبية واتنية – عرقية.. ومن أسف ان الأفرقاء اللبنانيين في غالبيتهم الساحقة لم يتنبهوا لخطورة الوقوع في فخ المحاصصات الطائفية، والخروج من هذا المطب وصياغة قانون انتخابي جديد يكون على أساس المواطنة لا على أساس الطائفة والمذهب..

بعيداً عما ستؤول اليه خاتمة الاتصالات والنقاشات والتوافقات لانجاز قانون الانتخابات النيابية العتيد، فإن اللبنانيين سيكتشفون، عاجلاً أم آجلاً، وعبر التجربة، ان القانون الذي يعدّ له، ولو اتصف بالنسبية، لن يكون أقل سوءاً من «قانون الستين»، وهو الذي يكرس، بشكل او بآخر الولاءات المذهبية والطائفية على نحو ما حصل بالنسبة الى العاصمة بيروت التي قسمت الى «شرقية» و»غربية» – تماماً كما بالنسبة الى صيدا – الزهراني – جزين.. وذلك على الرغم من مطالبة عديدين.. وعلى خلفية التحديات التي تواجه لبنان في خضم ما يجري في المحيط الاقليمي من مشاريع بالغة الخطورة، حاضراً ومستقبلاً.. بالاسراع في «الاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية يقوم على أساس النسبية الكاملة، ولبنان دائرة انتخابية واحدة، بما يعكس التمثيل الحقيقي لجميع اللبنانيين، وتقديم المصلحة الوطنية على مصالح الافراد والطوائف والمذاهب..؟!

في سياق تقييم البعض لما آلت اليه التطورات، فإن «الجميع سيخرج رابحاً من معركة قانون الانتخاب، ولو بنسب متفاوتة..» لكن ما فات هذا التقييم هو ادراك ان لبنان الوطن، سيكون الخاسر الأول في هذه «اللعبة».. خصوصاً وأن «البعض سيستفيد من الظروف الاستثنائية – التي تمر بها المنطقة العربية، «من المحيط الى الخليج» – بما يتناسب ووضعيته وولاءاته وارتباطاته في مجالات عدة..

في مطلق الأحوال، تتجه الأنظار الى جلسة مجلس الوزراء يوم غد الاربعاء حيث لم يدرج على جدول الأعمال هذه الجلسة بند قانون الانتخاب.. وما ستكون عليه النتيجة وقد نشطت المساعي الآيلة لحلحلة – العقد التفصيلية» التي تحول دون ابرام قانون الانتخاب العتيد.. وذلك على رغم ان التسريبات كلها، تؤكد ان الأجواء باتت «أكثر ايجابية..» والعقد هي في ملعب «اللجنة الوزارية» أولاً وفي ملعب الحكومة مجتمعة لاحقاً ليصار الى بتها في جلسة مجلس الوزراء لاحالتها الى مجلس النواب في جلسته المقررة في ١٢ الجاري بمادة وحيدة هي قانون الانتخاب، لاقرارها، حيث «الجميع تحت سقف «اتفاق بعبدا الثلاثي» او «الرباعي».