يستضيف الإتحاد الأوروبي بعد غد الأربعاء، في مقره في العاصمة البلجيكية بروكسل مؤتمراً دولياً تشارك الأمم المتحدة في ترؤسه لعرض ملف المساعدات لسوريا، على ما أعلنت وزيرة خارجية الإتحاد فيديريكا موغيريني. وهي أضافت ان هذا المؤتمر «سيدعم السوريين داخل سوريا وفي الدول المجاورة» وسيشجع بقوة عملية المفاوضات… وبالتالي فإن المؤتمر «سيجري تقييماً للظروف الإقليمية التي يمكن في اطارها تقديم مساعدة بعد إنتهاء النزاع».
ونحن، في لبنان، معنيون جدياً ببضع نقط وردت في هذا الكلام الأوروبي المقتضب… وهي ستكون مدار إهتمام الوفد اللبناني الذي سيترأسه الرئيس سعد الحريري بعدما بلغت أزمة النزوح السوري عندنا حداً يفوق طاقة هذا الوطن على تحمل أعبائها وتداعياتها.
بداية يجدر التذكير بكلام رئيس مجلس الوزراء الذي أدلى به مساء يوم الجمعة الماضي وجاء فيه «إن أزمة اللاجئين السوريين وصلت الى حد الذروة في لبنان»، محذراً من أن «التوتر» بين اللبنانيين والسوريين يمكن أن يتحول الى «اضطرابات مدنية»… وهذا الكلام الخطير أتبعه الرئيس سعد سعد الحريري بإضافة أشد خطورة، إذ قال: «إن لبنان (…) أصبح مخيماً كبيراً للاجئين» (…).
وأمس بالذات تناقلت وسائط الإعلام مثالين بسيطين في الظاهر، ولكنهما على قدر كبير من الأهمية: منعت بلدية إحدى القرى الجنوبية استقبال النازحين السوريين. وكذلك: قطع مواطنون طريق الشويفات عند مفرق «كسر زعيتر» إحتجاجاً على العمال السوريين».
وهذان المثالان هما نموذجان حدثا أمس يختصران مئات الكوارث المماثلة وأيضاً الأبعد مدى التي سجلت طوال السنوات الأخيرة وبعضها عرف نتائج دموية… ناهيك بالأثر السلبي للنزوح على قطاعي الصناعة والتجارة، أضف التأثير على التغذية بالتيار الكهربائي واستهلاك المياه (…)
صحيح أن لبنان منهمك باستحقاقات كبيرة أبرزها: قانون الإنتخابات النيابية وإجراؤها، وإقرار الموازنة العامة، وإقرار سلسلة الرتب والرواتب الخ … ولكنّ الأصح أنّ مسألة النزوح السوري تتقدم على ما سواها من دون أدنى شك. و»تأمين عودة آمنة» للنازحين السوريين باتت مطلباً له الأولوية على ما سواه، من دون إهمال سائر القضايا وما أكثرها.
واللافت في كلام السيّدة موغيريني، الذي استهلينا به هذه العجالة، قولها إن المؤتمر «سيجري تقييماً للظروف الإقليمية التي يمكن في إطارها تقديم مساعدة بعد إنتهاء النزاع» (المقصود النزاع في سوريا).
والسؤال الذي يطرح ذاته في ضوء ما تقدّم: هل أن لبنان قادر على الإنتظار أكثر؟!. ومن يستطيع أن يجزم بأن الأحداث المؤلمة في سوريا مرشحة لأن تنتهي في المستقبل القريب؟!. والحروب يُعرف كيف تبدأ ولكن لا يُعرف كيف تنتهي!. فمن هو الذي يملك قدرة على إستشراف الحرب الحالية دونما تداعيات تتناسل حروباً أخرى بين النظام (أي نظام يكون في دمشق سواء أكان النظام الحالي أم أي نظام سواه) وبين الأكراد، على سبيل المثال لا الحصر، وقد جاءت دفعة دعم بارزة أمس من أخوانهم في العراق الذين قرروا الإنتقال من «الحكم الذاتي» الى الإستقلال الناجز عن بغداد باستفتاء معروفة نتائجه سلفاً؟!.
باختصار إن مهمة الوفد اللبناني برئاسة الرئيس سعد الحريري الى مؤتمر بروكسل ستكون دقيقة وصعبة جداً ولعل الأهم فيها استكشاف مخططات «الكبار» للدول المغلوبة على أمرها.