ما زال المسيحيون يتحسرون على انتخاب رئيس للجمهورية وينتظرون كلمة السر كي يتم اختيار رئيس من صفوف الموارنة ليدخل مجددا إلى قصر بعبدا الخالي من الرئاسة.
ولكن اللافت في هذه القضية أنه وبعد مرور نحو عامين على هذا الفراغ فلا كلمة القادة السياسيين للموارنة مسموعة في هذا الاستحقاق وكذلك الكلمة الروحية التي تجسدها بكركي وعلى رأسها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
وتقول مصادر في بكركي إن البطريرك الراعي مصاب بإحباط تجاه هذا الموضوع ولا سيما من طريقة تعاطي القيادات المارونية معه بحيث ان كلمته أصبحت غير مسموعة لدى هؤلاء، وهو يعلم علم اليقين أن هؤلاء القادة قد تعهدوا أمامه بدعم من لديه الحظوظ الأقوى للوصول إلى سدة الرئاسة ولكنهم نكثوا بوعودهم مستخدما كلمة قاسية تدل على هذا الواقع.
وأشارت المصادر إلى أن البطريرك كان يدرك منذ البداية أن لا أمل في توافق القادة الموارنة على أحدهم أو على شخصية من خارج صفوفهم كي تصل إلى سدة الرئاسة بل أن كل واحد منهم كان يعمل كي يصل هو وان يتم استبعاد أخصامه عاملا على تشويه صورتهم وصيتهم السياسي.ورغم أن البطريرك يبارك كل خطوات التقارب المارونية إلا أنه يرى فيها تكتيكات سياسية تستخدم في النزاع القائم بين هذه القيادات، بحيث تساهم في قطع الطريق الرئاسي على بعضهم البعض لاسيما وأن هؤلاء القادة يدركون في شكل حاسم أنهم وحدهم مجتمعين أو في شكل ثنائي لا يمكنهم إيصال رئيس للجمهورية إلى قصر بعبدا من دون التوافق مع القيادات الإسلامية.
هذا العتب البطريركي ليس فقط عتبا على مسيحيين،بل هو يمتد ليطال أيضا قادة من المسلمين السنة والشيعة ولا سيما أولئك الذين يرفعون شعارات الوحدة الوطنية، ولم يتردد البطريرك الماروني في الحديث معهم أكثر من مرة منبها إلى مخاطر الفراغ الرئاسي وانعكاساته السلبية على دور المسيحيين ووجودهم في لبنان والمنطقةـ، حتى تعاظمت لديه الشكوك بأن بعض هؤلاء يريدون بالفعل لهذا الوجود أن يضمحل في ظل لا مبالاة لبنانية وإقليمية.
وتشدد هذه المصادر على أن البطريرك الماروني يريد رئيسا للجمهورية في أسرع وقت ممكن لأن الأمور ما عادت تتحمل الصراعات المسيحية والحسابات الإسلامية، لافتا إلى أن القضية أصبحت قضية وطنية بامتياز إلا أن ذلك لا يعني كما يحلو للبعض أن يروج بأن بكركي تريد رئيسا كيفما كان بل هي تعتقد وتؤمن بوجود شخصيات مسيحية مستقلة تستطيع أن تتبوأ هذه المسؤولية بكل جدية وحس وطني وتستطيع بكل الحالات أن تكون أفضل من الفراغ السائد في البلد والمتسببين به.
المصادر في بكركي تقول قد تكون هناك مآخذ مسيحية على البطريرك وقد يكون هو تجاهل بعض المواقف المسيئة للمسيحيين ولكن ما من إساءة أكبر من التفريط بالموقع الرئاسي المسيحي الوحيد في الشرق الأوسط حتى يكرر القول الديني المأثور ومن بيتي أبي ضربت.