توقفت الاشتباكات في مخيم عين الحلوة، وأقفلت مدينة صيدا، عاصمة الجنوب احتجاجاً على كل تلك »الشواذات الخطيرة«، من دون اقفال نهائي وتام لخيارات أخرى قيد التداول اذا ما استمر التعدي على أمن الناس واستقرارهم فيزيد من بؤسهم وعذاباتهم ومعاناتهم..
كل أنظار اللبنانيين اتجهت الى تلك المنطقة خشية ان يتحول أكبر مخيم ملاذاً للطفار والعاملين على ضرب الأمن والاستقرار ولكل مرتكب ومطلوب للعدالة، »كما لأصحاب الأجندات الموصولة بالجماعات الارهابية والتكفيرية..« في المحيط القريب والبعيد، وقد بات الارهاب عابراً لحدود المناطق والدول والقارات.. وكأن لبنان لا يكفيه ما عليه من أزمات متعددة العناوين والمضامين ومشاريع الحلول تدور في حلقة مفرغة، وكأن الجميع بات على قناعة باستحالة التوصل الى توافقات تؤدي الى اتفاق حول قانون الانتخابات واجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، تماماً كما وبالنسبة الى الموازنة العامة لعام 2017، التي تمر بعقبات وشروط وشروط مضادة..
وإذا كانت الغالبية متفقة على ان الموازنة العامة ستبصر النور في وقت قريب على رغم ربط »القوات اللبنانية« التصويت عليها بتبني خيارها »خصخصة الانتاج الكهربائي« فإن مشروع قانون الانتخابات بات في نظر عديدين مجرد إضاعة للوقت.. ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لا يترك مناسبة، صغيرة او كبيرة إلا ويؤكد ان »الوصول الى اتفاق حول قانون الانتخابات هو شغلنا الشاغل حالياً، لأن من دونه لن نتمكن من تغيير صورة التمثيل الذي نريده، ولا يمكن تحقيق هذا التغيير من دون النسبية..«؟! وعلى رغم ذلك، فإن غير فريق يلحظ تراجعاً عونياً على خط انجاز هذا الاستحقاق، والصيغ التي قدمها رئيس »التيار الحر« (وزير الخارجية) جبران باسيل، سواء في »اللجنة الرباعية« او في صيغتي »التأهيل والتمثيل« أم في صيغة أخرى يجري الحديث عنها، لم تلقَ قبولاً عند غالبية الافرقاء المعنيين، الأمر الذي دفع بالوزير باسيل الى التلويح من جديد بالعودة الى »مشروع القانون الارثوذكسي« الذي منذ لحظة ولادته لم يلق قبول غالبية القوى السياسية والحزبية؟!
اللافت، وأنه ومع استمرار الدوران في الحلقة المفرغة، واعلان الغالبية ان لا عودة الى »قانون الستين« فإن غير فريق يرمي كرة المسؤولية في ملعب رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أقفل أبواب المجلس ووضع المفاتيح في جيبه، وفي الداخل حوالى 17 مشروعاً لقانون الانتخاب لم يتم تحريك أي منها.. ومن أبرزها مشروع قانون الانتخاب الذي أنجز في عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وتعاون على انجازه عدد غير قليل من الخبراء والدستوريين، وهو مشروع يستند الى النسبية ولبنان 13 دائرة انتخابية..
يأخذ البعض ممن توالوا على السلطة على الحكومات السابقة وعلى مجلس النواب الممدد لنفسه مرتين، ان مجلس النواب لم يبادر الى مناقشة هذا المشروع منذ ان أبصر النور في العام 2012.. وهو لايزال مجمداً في الجوارير.. كما يأخذ هولاء على المعنيين بالأمر ان النقاشات والمساعي الجارية على خط قانون الانتخاب ، غالباً ما تتم خارج المؤسسات الدستورية وهي غابت عن مجلس الوزراء كما غابت عن مجلس النواب الركيزة الشرعية الأساس لبناء الدولة وديمومتها.. وهكذا، فقد بات في امكان أي فريق مقتدر، يستند الي قاعدة طائفية او مذهبية ان يضع الـ»فيتو« على أي مشروع او صيغة لقانون الانتخابات النيابية..
ترتفع هذه الأيام وتيرة المزايدات في رفض ما يسمى بـ»قانون الستين« الذي على أساسه كانت التركيبة الحالية في مجلس النواب.. وقد أدرك رئيس المجلس نبيه بري هذه »اللعبة« فبادر الى اتهام هؤلاء »بأن قلوبهم مع الستين وسيوفهم عليه..«؟! حتى اذا وصل الى مرحلة »الأمر الواقع« واعلان القبول بالستين بديلاً عن الفراغ راح البعض يصوب عليه، تماماً كما فعل رئيس »القوات« سمير جعجع بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أول من أمس، واعلانه من القصر الجمهوري في بعبداك »60 مرة للتصويت في المجلس النيابي ولا مرة واحدة لقانون الستين..«؟! بعدما كان الرئيس عون قال غير مرة ان »الفراغ النيابي أفضل من قانون الستين ومن التمديد ومن انتخاب مجلس غير منصف..«؟!
شعر وزير الداخلية نهاد المشنوق بعمق المسؤولية، فبادر الى توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وأحاله الى رئاسة مجلس الوزراء حيث وقعه الرئيس سعد الحريري، ومن السراي الحكومي الى قصر بعبدا ضل المرسوم طريقه، حيث لم يعرف بعد ما سيكون عليه الموقف النهائي لرئيس الجمهورية الذي سبق وأعلن أنه لن يوقع..
تتعدد الصيغ والاقتراحات.. وموعد اجراء الانتخابات بات يضغط حيث يمكن اجراؤها في 21 ايار او في 20 حزيران المقبلين.. وهناك من بدأ يصيغ مقولة خلاصتها أنه وفي حال الوصول الى قانون فإن الافرقاء المعنيين يحتاجون الى بضعة أشهر لتطبيقه، بما يسمى »تمديد تقني« او يعود المجلس الى الاجتماع والتمديد لنفسه بسبب عدم الاتفاق على قانون.. على خلفية ان عدم وجود مجلس النواب هو موت الدولة ونهاية لها؟! فقد تعددت »الأسباب والنتيجة واحدة«؟!