لا تكمن الاهمية القصوى للقمة الحكومية الثالثة في عدد المشاركين الذي يقرب من 3 آلاف فحسب، ولا في نوعية المشاركين الذين يتقدمهم الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون اذ ان مشاركة 93 دولة في العالم تدفعه الى ان يتقدمها، لكن الاهمية الحقيقية تكمن في الرؤية وفي التخطيط الذي نفتقده كثيرا. فالخطط الموضوعة تتطلع الى ما بعد 50 سنة حيث تخطط دولة الامارات العربية المتحدة للاحتفال بتصدير البرميل الاخير للنفط من دون اسف. ولن تكون في حاجة مزيدة الى اموال النفط، لان الثروة الحقيقية، وفق ولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لا تكمن حاليا في النفط فكيف بعد 50 سنة من اليوم؟ ويعرض بالارقام ان الشركات العشر الأول في العالم لا تتضمن سوى شركة نفطية واحدة، ومن 500 شركة رائدة في عالم اليوم، لا تشكل الشركات النفطية اكثر من 8 في المئة، وتتقدمها شركات الاتصالات والمعلوماتية والتكنولوجيا، ما يعني ان الثروة الحقيقية تكمن في العقول وفي الموارد البشرية. ويقول ان موازنة دولة الامارات كانت في سبعينات القرن الماضي، اي عند قيامها، تعتمد على النفط بنسبة 100 في المئة، وانخفضت هذه النسبة الى 30 في المئة حاليا، وستنحصر في 5 في المئة سنة 2021، لتصير صفرا بعد نصف قرن، وستستمر المؤسسات الحكومية في عملها بالخدمات الاخرى التي تنمو باطراد وتوفر الخدمات المميزة والذكية باسعار مقبولة، وتحقق الارباح للخزينة.
اما المفهوم الآخر الذي ركزت عليه القمة فهو ان الحكومة مصدر سعادة للناس، وفق ما يؤكد رئيس الوزراء وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، فيقول ان الناس يفتشون عن سعادتهم باستمرار، في الاكل والملبس والزواج والعمل والسفر، واذا كانت الحكومات مسؤولة عن هؤلاء الناس فانها بالتالي مسؤولة عن سعادتهم، وعليها العمل الدؤوب لتوفير مقومات هذه السعادة، من حياة لائقة وامن واستقرار وفرص علم وعمل، وعليها اليوم ان تفيد من التكنولوجيا لتتحول حكومات ذكية توفر للناس الخدمات بطريقة اسهل بدل تحميلهم عناء الانتقال الى مراكز الدولة والانتظار في صفوف طويلة، ولذلك وضعت تطبيقات عبر الهاتف لمعظم الخدمات ولكل افراد العائلة، وقد اعتمدت بذلك على الشباب عبر اشراكهم في مسابقات ابداع وابتكار تظهر مواهبهم، وتفتح لهم افاقاً جديدة، وتكسبهم جوائز مالية تحفزهم على القيام بمشاريع خاصة وتؤمن الخدمات.
عمليا المقارنة مطلوبة ما بين واقع دولة الامارات التي لم يمض على قيامها نيف واربعون عاما، وبين دولتنا العريقة الغارقة في متاهات سياسات لا شأن لنا بها بل ترسم مصالح الخارج، وصراعات تقوم على منافع نتنة الروائح، وطموحات شخصية على حساب البلد، مما يؤدي الى عقول متخلفة، ومؤسسات فاسدة، وخدمات متأخرة، وحروب متكررة، ويسألون لماذا يهاجر شبابنا “السعداء”؟