يبدو أننا متجهون الى «هدنة» داخلية تضع حداً للأجواء المشحونة محلياً وإقليمياً التي أعقبت إستقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض. وإذا صحّت المعلومات الأكيدة المتوافرة، فإنّ لبنان قد تجاوز الأيام والأسابيع العصيبة وصار بالإمكان الأمل في إستراحة قد تمتد من الآن الى ما بعد إجراء الإنتخابات النيابية المقررة في السادس من شهر أيار المقبل.
مؤشرات عديدة تشي بأننا في الطريق الصحيح، منها على سبيل المثال لا الحصر الآتي:
أولاً – إعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من إيطاليا أنّ الرئيس سعد الحريري سيواصل (من موقعه في رئاسة الحكومة) مسيرة قيادة لبنان. وهذا الكلام يحمل الكثير من الإيجابيات:
أ – المدى الذي بلغته علاقة الصداقة (وربما التحالف) بين الرجلين.
ب – الإستعداد لتمكين الرئيس الحريري من تأدية دوره ومسؤولياته كاملة في رئاسة الحكومة.
ج – في المطلق ليس بالأمر البسيط أن يتحدث الرئيس عون عن أن رئيس الوزراء هو الذي يقود المسيرة. وهذه بادرة أكثر من إيجابية، من الرئاسة الأولى، القادرة والمتمكنة، نحو الرئاسة الثالثة، ما يعني إتجاهاً جدياً الى ضبط الإيقاع في مسار الدولة على أسس ثابتة.
ثانياً – كلام الدكتور سمير جعجع، أمس، بالذات الى الوكالة «المركزية»، والذي حمل رسائل عديدة إيجابية أبرزها اثنتان:
أ – الأولى نحو حزب اللّه بقوله إن الحزب «جدّي» في النأي بالنفس. وهذا عنصر جديد في أدبيات القوات اللبنانية. وهو عنصر إيجابي في كل حال.
ب – الثانية نحو الرئيس الحريري وجمهور القوات اللبنانية وتيار المستقبل حول اللقاء «قريباً» بين الحكيم والشيخ سعد.
ثالثاً – تكرار الكلام الصادر عن الرئيس نبيه بري، مباشرة وشخصياً، أو عبر الوزير علي حسن خليل حول أن الأزمة باتت وراءنا بمفاعيلها كلها (…).
رابعاً – غير إشارة وغير دليل من قبل حزب اللّه بأنّ الأمور سائرة نحو التهدئة، إضافة الى ما سبق لسماحة أمين عام الحزب السيّد حسن نصرالله ما أظهره في إطلالاته الثلاث (التي أعقبت الإستقالة الشهيرة) من إيجابيات ملموسة.
خامساً – تلقف الرئيس سعد الحريري تلك الإشارات بإيجابية مماثلة وكلامه الإيجابي أيضاً عن الحزب وسلاحه، وهو الكلام الذي حاول البعض أخذه الى مكان آخر، بسوء نية متعمّد… ما استدعى رداً قاسياً من تيار المستقبل عبر مقدّمة نشرة أخبار تلفزيون التيار الأزرق، وقد تناولت ثلاثة بالذات من الذين أرادوا أن يحوّروا مفهوم كلام رئيس الحكومة ومدلولاته.
ويمكن الإسهاب مطوّلاً في تناول الإيجابيات التي تقدّمت على السلبيات، لا بل إنها أزاحت السلبيات نهائياً مبشرة بمرحلة جديدة سيكون مرضياً عنها (… ومرحباً بها) داخلياً وإقليمياً ودولياً، خصوصاً لجهة النأي بالنفس جدياً وليس كلامياً وحسب.
طبعاً هذا كله لا يمنع أن تبقى العين مفتوحة على ما يمكن أن يلجأ اليه الإرهاب وكذلك القلة من الذين يسيئهم أي وفاق حقيقي في لبنان.
خليل الخوري