IMLebanon

ومتى اختراق استباقي؟

غريب ان تتكرر معزوفة التشكيك إياها في نهايات كل من المعارك التي يخوضها الجيش قبل ان يشيع شهداؤه المتساقطون في صورة تراجيدية فيما العالم كله لا يزال لا يصدق ان لبنان لم ينخرط بالكامل بعد في اللهيب بفضل هؤلاء الشهداء؟

لا تثار هذه الناحية في ما تصاعد من تشكيك في نهاية تحرير طرابلس من المجموعات المسلحة فقط بل من زاوية البيان البالغ الاهمية والدلالة الذي سارع الرئيس سعد الحريري الى إصداره امس غداة قراره المتجدد في تغطية عملية الجيش في طرابلس ليقف سدا إضافيا امام نزعات عصبية خطرة تنادي “بثورة السنة”.

نسأل فورا بعد هذه الوقفة الحريرية الجديدة ماذا تراهم “الآخرون” فاعلين لاسناد خط الدفاع عن لبنان ومنعه من الانزلاق القاتل في موازاة إنجازات الجيش ومسار الحريري في مناهضة لا هوادة فيها للتنظيمات المتطرفة؟ ونسأل ايضا متى يحين أوان اقتناع “حزب الله” تحديدا، لكونه حجر الرحى الذي لا تستقيم معادلة الاستقرار من دونه، بالقيام باختراق داخلي يلاقي به الحريري قبل فوات كل أوان؟

قد يكون اغرب ما يصاحب المرحلة الطالعة بعد معركة طرابلس ان تنشط تنظيرات تمعن في البعد الأمني والعسكري لعمليات الجيش في المواجهة الطويلة المضنية مع الارهاب ولا تلتفت الى جانب اشد أهمية يتصل بضرورة حاسمة لاختراقات سياسية تحمي الجيش وفلول الاستقرار. وإذا كان بات من الأوهام الحديث عن انسحاب “حزب الله” من سوريا في تطور الحرب والمواجهات الآن، فماذا عن “عملية استباقية” سياسية انقاذية في الداخل؟

تحفل الثرثرة الاعلامية الفائضة عندنا، وعلى اختلاف الاتجاهات والمشارب والعصبيات، بالسخرية من مسار حملة التحالف الدولي الجوي على داعش في العراق وسوريا لكثرة الشوائب التي تعتريها ولا سيما لجهة خلوها من مسار سياسي مواكب للحملة العسكرية. ولكن هل الصورة في لبنان مغايرة عن هذا الشطط الدولي؟ اي مسار سياسي استباقي يواكب مسار العمليات العسكرية للجيش في الإمعان في اسر الانتخابات الرئاسية على يد قوى ٨ آذار وأي قيمة لدعم الجيش كلاميا ما دام التعطيل بات في مستوى الخطر على فلول الاستقرار نفسه؟

لعلنا لا نخشى بعد اليوم اختراقات داعش والنصرة مقدار ما نخشى نقل المواجهة الى عقر الفراغ الدستوري الذي باتت معه صورة لبنان داخليا وخارجيا مكرسة لدولة فاشلة تنازع السقوط القاتل. وما لم تقترن الحرب التي يخوضها الجيش على الارهابيين وخلاياهم المفرخة باطراد وبنيران الحروب الاقليمية والمذهبية وامتداداتها الى مناطقنا الواحدة تلو الاخرى من الحدود الى الداخل باختراق استثنائي حقيقي لن يكون أمان وأمن بالحد الادنى الممكن لتجنب السقوط في المحارق.