الأسبوع الماضي أخبرني طبيب البنج، قبل شك “الإبرة”، أنني أشبه المدير التنفيذي لأمازون جيف بيزوس، “لكنه أسنّ منك قليلاً”. هكذا خُيّل إليه. فعلّقت: ليت التشابه يشمل ثروة كلينا. “لقد خسر المسكين قسماً كبيراً من ثروته.، ذهبت إلى طليقته ماكينزي سكوت”، قال الطبيب وهو يعد “الجرعة”، في لحظات حامت أفكاري في عوالم المطلّقة الثرية، فاعلة الخير السخيّة بعطاءاتها من مال زوجها الحلال، وفي اللحظات نفسها كانت إبرة الدكتور تخترق ظهري في ما يعرف بالـ Anesthésie péridurale أو التخدير الموضعي الذي تخضع له من تُجرى لهن عمليات ولادة قيصرية. لم أرَ الإبرة بيد الطبيب بل شعرت أنها رفيعة و”طويلة” ومسمّة.
لتسهيل الأمور على المريض، يٌقال له عادة: الأمر بسيط شكة إبرة أو “قلعة ضرس”. فهل ذاق أحدكم وجع إبرة كورتيزون تحفر في مفصل الكتف؟ انا ذقتها ورأيت نجوم الظهر فيما كان الطبيب يستلذ بتحريك الإبرة بشكل دائري ويهزأ بدموعي وينفخ في وجهي دخان سيكاره. كرهته جداً.
ولإقناع الولد الحرون بتناول ملعقة دواء السعال، تروي له والدته حكاية مرعبة مختصرها ” يا ماما يا حبيبي، إذا ما أخدت الدوا، بتطلع حرارتك، وإذا طلعت حرارتك كتير بتموت، وحتى ما تموت يا ماما مجبورين ناخدك عند الدكتور، وبيصير الدكتور بدّو يكشّفلك عن الـ”درييير” ويعملّك “بيكور” و…”، في تلك اللحظة الحاسمة من الحكاية المشوّقة تجحظ عينا الولد هلعاً فيتناول دواءه بكل شجاعة وينام ويبصر في منامه إبرة بطوله.
وليس أسوأ من الكماشة في فمك، سوى إبرة تخدير تخترق فكك وتخرج من أحد منخاريك. وتسألون لماذا يتجنّب كثيرون عيادات طب الأسنان؟ وفي الحديث عن الشكّ، لا بد من الإعتراف أن بعض الممرضات يدهنّ خفيفة بضرب الإبر، وبعض الأطباء يشكون الإبرة في أعلى الفخذ كما المسلّة في كيس الخيش، أما إبرة المصل بيد ممرضة متمرنة فقد توصلك إلى مرحلة العذاب قبل أن تستهدي إلى “العرق”.
ومن لا يخشى إبرة ناعمة، أو إبرة غليظة مخصصة لتخصيب بقرة، لا بد أن يتأثر أمام المشهد المتكرر في كل نشرات الأخبار في عمليات التلقيح ضد كورونا. من يوم وصول “فايزر” والإحتفاء به، و”يومك يومك” ماشي الشك على الجسم الطبي وزنود العجزة، ومع كل شكّة “ينشلط” قلبي ويقشعر بدني وأحسّ أنني على حافة الغثيان. الحمد لله لم أرَ الياس الفرزلي يتلقّح.
كل الإبر فيها الوقاية واحتمالات الشفاء والراحة، ما عدا إبر المورفين التي يلجأ إليها الرؤساء والمسؤولون. أليست مساءلة الرئيس لحاكم مصرف لبنان والتحقيق معه إبرة مورفين لشعب لبنان؟ عرفنا أسئلة الرئيس المبكلة لكن بمَ أجابه الحاكمُ ؟ الناس بانتظار أجوبة وحلول لا إبرٍ.