Site icon IMLebanon

نكبة في قطاع الإنتاج الحيواني جنوباً

 

 

 

ببعض «الرضى»، تقبّل العائدون إلى قراهم الحدودية عقب إعلان هدنة غزة الأضرار التي لحقت بمنازلهم، خصوصاً لدى مقارنتها بخسائر عدوان تموز 2006. لكن، ولأن «الرزق يعادل الروح» فإن لأصحاب المصالح رأياً آخر.أمام معرض للمفروشات في بلدة ميس الجبل، كان عمال ينقلون كنبات إلى شاحنة صغيرة. يسارع صاحب المعرض إلى التوضيح بأن هذه «بضاعة بيعت قبل الحرب لزبون في بلدة الطيبة»، مردفاً: «من يصرف ألف ليرة على الكماليات في هذه الأيام؟».

تضم ميس الجبل عشرات محالّ بيع المفروشات والسجاد والأثاث المنزلي. تزامن بدء العدوان الإسرائيلي مع انطلاق موسم بيع السجاد والحرامات و«الدفايات»، ما أجبر أصحاب المحال على الإقفال لنحو خمسين يوماً. ورغم أن أياً من المحال لم يتضرّر بالقصف، إلا أن «الخسائر المادية كبيرة» كما يؤكد أحد التجار.

 

قبالة مستعمرة المنارة، يقع محل حمدان لبيع السجاد منذ عام 1978. قبل العدوان بأسبوع واحد، كان خضر حمدان قد ملأ مستودعاته ببضائع مستوردة بقيمة مليونين ونصف مليون دولار. لكنّ «العدوان سبقنا». بعد الهدنة، استأنف سوق ميس أعماله، وسُجّل إقبال على محال بيع السجاد والحرامات «لأنها في بلداتنا الباردة من الأساسيات مثل الأكل والشرب»، مشيراً إلى أن «زبائننا من المناطق البعيدة استغلوا أيام الهدنة لشراء حاجاتهم». أما محال بيع الأدوات المنزلية، فسجّلت حركة محدودة، بحسب مالك أحد المتاجر الكبرى أحمد قاروط، لأن «بضاعتنا تُعدّ من الكماليات بعد الاستنزاف المادي الذي عانى منه أهالي المنطقة في الشهرين الماضيين بسبب النزوح وتوقف مصادر عيشهم».

منظومة التجارة التي تقوم عليها ميس الجبل استثنائية بين البلدات المجاورة التي تعتاش غالبيتها من قطاع الزراعة والإنتاج الحيواني، إذ إن الردع الذي فرضته المقاومة في الـ 17 عاماً الماضية، شجّع كثيرين على صرف رساميل كبيرة في مشاريع زراعية وفي إنشاء مزارع للمواشي والدواجن ومناحل. لذلك، تكبّد هذا القطاع خسائر باهظة أكبر مما سُجّل في عدوان تموز 2006.

كل مزارع الدواجن والمواشي في البلدات الحدودية الجنوبية صارت فارغة

 

ويُنتظر أن تنجز مؤسسة «جهاد البناء»، غداً، إحصاء الأضرار الزراعية والحيوانية للعدوان الأخير. مدير المؤسسة في الجنوب، رئيس بلدية عيترون المهندس الزراعي سليم مراد، أوضح لـ«الأخبار» أن التقييم الأولي شمل المنطقة الممتدة من شبعا إلى الناقورة. ولفت إلى أن الشريط الحدودي يشكل منظومة اقتصادية زراعية – حيوانية متكاملة تمتد بعمق كيلومترين عن الحدود. ولأن هذه المساحة كانت خط تماس، سارع مربّو الأبقار والمواشي والدواجن إلى تفريغ مزارعهم. من استطاع منهم إنقاذها، نقلها إلى البلدات الخلفية. لكنّ كثيرين لم يجدوا مكاناً لإيوائها والعناية بها فاضطروا لبيعها بأقل من سعرها. عيترون من أبرز البلدات التي تضم مزارع أبقار لوجود معملين لإنتاج الحليب ومشتقاته فيها، أحدهما تديره البلدية. وأشار مراد إلى أن في عيترون وحدها 450 بقرة وآلاف الدواجن التي كانت تُربى في ثلاث مزارع. فيما تضمّ جارتها بليدا سبع مزارع دجاج. حسين داوود أنشأ أول مزرعة في بليدا بعد التحرير عام 2000 قبالة مواقع بياض بليدا وراموت نفتالي ومربض ديشون. في الشهرين الماضيين، تعرّضت مزرعتان يملكهما للتدمير، ما أدى إلى نفوق أكثر من 8 آلاف طير. وفي سهل الخيام، تعرّضت مزرعة للأعلاف للقصف. يجزم مراد بأن «كل مزارع الدواجن والمواشي الكبيرة والصغيرة على طول الحدود الجنوبية صارت فارغة». كذلك سُجّلت خسارة موازية في قطاع تربية النحل، إذ تزامن العدوان مع بدء إنتاج العسل الشتوي وتوزّع المناحل بين أحراج السنديان التي تعرّضت للقصف.

وتعدّ «جهاد البناء» حزمة تعويضات عينية للمتضررين، بعدما صنّفت الأضرار بين المنازل ومحتوياتها والطاقة الشمسية والآليات والزراعة. وبحسب مراد، المسؤول عن لجنة إحصاء أضرار الإنتاج الحيواني والزراعي في المؤسسة، فإن المطلوب «إعادة استنهاض هذا القطاع في بلدات الحدود واستعادة الأمن الغذائي وتشجيع الأهالي على الاستثمار مجدّداً في أرضهم».