مع ان الخطة الإصلاحية التي قدمها النواب الأربعة لحاكم #مصرف لبنان امس الى مجلس النواب عبر #لجنة الإدارة والعدل لا تترك مجالا للشك في احقية وضرورة ملاقاة الاتجاهات المحلية والدولية الملحة في شأن اطلاق الإصلاح الأسير من اسره في لبنان، فان توقيت تقديم الخطة وما تتضمنه من محاور وربط مواقف نواب الحاكم ضمنا بما بدا محاصرة للمجلس والسلطة بخطة إصلاحية في الأسبوع الأخير المتبقي من ولاية الحاكم #رياض سلامة، اشعل التكهنات والتفسيرات اللاهبة حيال ما يجري وما يمكن ان يطرأ من مفاجأت في الأسبوع الأخير الفاصل عن 31 تموز.
ذلك ان جلسة لجنة الإدارة والعدل الثانية المخصصة للاستماع الى نواب الحاكم قبيل حلول موعد انتقال السلطة في مصرف لبنان من الحاكم سلامة الى النائب الأول للحاكم وسيم منصوري، وفق قانون النقد والتسليف، لم تفض الى أي نتائج او اتجاهات او توصيات حاسمة، بل ارجئ الامر الى جلسة ثالثة، فيما طغى خبر تقديم النواب الأربعة للحاكم خطة إصلاحية مالية ونقدية على المشهد ليطلق التساؤل الأشد الحاحا: هل يمهد توقيت تقديم الخطة قبل أسبوع من استحقاق الحاكمية الى حشر السلطة السياسية في زاوية الخيارات الأشد حرجا بين تغطية سياسية كاملة بل وتحمل التبعات الكاملة مع نواب الحاكم كشرط لا مفر منه، والا ترجم نواب الحاكم وعيدهم السابق بالاستقالة في الدقيقة الأخيرة ؟ وماذا ستعني موافقة لجنة الإدارة والعدل وتوصيتها للمجلس والحكومة بتبني الخطة التي قدمها النواب الأربعة في حين ان ما تتضمنه الخطة هو تجميع لكل المشاريع الإصلاحية الملحة التي طالب ولا يزال يطالب بها الداخل والخارج ولم تجد طريقها للتنفيذ منذ اربع سنوات؟ فهل سيكون الأسبوع الأخير الانتقالي كافيا لاعجوبة إصلاحية او لتنفيذ متطلبات “استفاقة إصلاحية” وجد المجلس والسلطة نفسيهما محاصرين امامها تحت وطأة واقع محتمل غير مسبوق في فراغ حاكمية مصرف لبنان ؟ وماذا لو لم تكن مواقف السلطتين التشريعية والتنفيذية كافية، فهل يستنكف النواب الأربعة عن انجاز الاجراء الانتقالي ام ان وراء الاكمة مفاجآت غير محسوبة واي تداعيات لكل ذلك على الاستقرار المالي والنقدي بل على الستاتيكو الراهن ؟
خطة نواب الحاكم
وسط تصاعد نذر الاستحقاق المالي مع تكثيف لافت في “عمليات” اقتحام مودعين للمصارف، التأمت مجددا لجنة الإدارة والعدل واعلن رئيسها النائب جورج عدوان بعد الجلسة التي استغرقت اكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة انه “سيصار الى استكمال درس الموضوع المالي” وسيعقد موتمرا صحافيا في الايام المقبلة يوضح فيه كل شيء. وتقدم نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة من اللجنة بخطة نقدية مالية تقوم على إعادة النظر في مشروع الموازنة وإقرار قوانين للكابيتال كونترول وإعادة هيكلة المصارف ومعالجة الفجوة المالية وحماية والودائع إضافة إلى التعاون بين مصرف لبنان والبرلمان والحكومة في ضبط سوق الدولار. ووضعت الخطة تواريخ زمنية لتنفيذ كل هذه النقاط في مهلة أقصاها تشرين الثاني. واوضح نائب حاكم مصرف لبنان الاول وسيم منصوري، في حضور نواب الحاكم انه “تم عرض ما تم القيام به في المصرف المركزي واحتياجات المرحلة المقبلة واهم شيء اساسي هو مصلحة كل الشرائح وتحديدا القطاع العام الذي يقبض بالعملة اللبنانية. وسننتظر الاتصالات التي سيقوم بها السادة النواب ونطلعكم على ما جرى”. وقال: “لم يتمّ التوصل الى أي نتيجة من الاجتماع وسننتظر في اليومين المقبلين الاتصالات التي سيجريها النواب وفي بداية الأسبوع المقبل سنعرض لنتيجة هذه الاتصالات وللموقف الذي سنتخذه على هذا الأساس”.
والخطة الموضوعة باللغة الإنكليزية، وصفها نواب الحاكم بأنها “عالية المستوى وترمي الى تصحيح السياسة النقدية وبدء مسار التعافي. وهدفها الأساسي تعويم سعر الصرف بطريقة يمكن ادارتها عبر منصة معترف بها دولياً، على نحو يعكس القيمة الحقيقية للعملة الوطنية”. وحددت الخطة مهلة زمنية لتنفيذها تمتد على ستة اشهر بالتوازي مع تأمين الاستقرار الاجتماعي وحماية القدرة الشرائية للقطاع العام والفئات الأكثر هشاشة. وتطالب الخطة نظراً الى التفاعل بين السياستين النقدية والمالية بإصلاحات مالية أساسية، واستصدار عدد من القوانين وتبني إجراءات تستعيد الطلب على الليرة، على ان يكمل المصرف المركزي هذه الإجراءات عبر اصدار التنظيمات الضرورية، وتبني البنى التحتية اللازمة ووضع السياسات والإجراءات التي تؤمن الحوكمة كل المتطلبات الادارية الاخرى.
وبحسب الخطة، على الحكومة والمجلس النيابي التعهد بإقرار القوانين من اجل استعادة الثقة وتأمين الإيرادات الإضافية من الموازنة لدفع القروض الجديدة. وتزامنت الاستعدادات الجارية لاستحقاق الحاكمية مع تطور سلبي مصرفي تمثل في عودة المصارف الى إجراءات الاقفال والتضييق ردا على تصعيد عمليات اقتحام عدد من المصارف وكان اخرها امس في سن الفيل. وأصدرت مساء جمعية المصارف بيانا “استنكرت فيه بشدة ما تتعرض له المصارف من اعتداءات ممنهجة منذ أيام، واستهجنت تقاعس الدولة ومؤسساتها في تعاملها مع هذه الاعتداءات”.
واعلنت انها “تجد نفسها مضطرة الى العودة الى الإجراءات الإحترازية والتنظيمية المتشددة وذلك بدءاً من صباح يوم غد الجمعة ( اليوم) وحتى إشعار آخر”. ولفتت إلى أن “المصارف ستستمر المصارف بتأمين الخدمات بحدها الأدنى داخل الفروع وعبر الصرَّافات الآلية، مع إمكانية إقفال بعض الفروع بصورة مؤقتة في حال الضرورة”.
فرونتيسكا وتقرير #غوتيريس
وسط هذه الأجواء قدمت امس المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونِتسكا ووكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا احاطة الى مجلس الأمن عن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول تنفيذ القرار 1701 ويغطي التقرير الفترة الممتدة من 21 شباط الى 20 حزيران 2023. وتناول النقاش في مجلس الأمن التوترات الأخيرة على طول الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل وضرورة قيام الطرفين بمنع وتجنب أي أعمال يمكن أن تؤدي إلى تصعيد سريع. وأكدت فرونِتسكا نداءات الأمين العام التي وردت في تقريره “الى جميع الأطراف لتنفيذ القرار 1701 بالكامل، ووقف الانتهاكات واحترام وقف الأعمال العدائية.” وشددت على أهمية القرار 1701 الحاسمة لأمن واستقرار كل من لبنان وإسرائيل والمنطقة واهمية المضي قدما في تطبيق الالتزامات المتبقية لكلا الطرفين. وقالت: “علينا التقدم نحو القرار 1701 وليس الابتعاد عنه. إن التنفيذ الكامل للقرار 1701 يظل مسوغ وجودنا الأساسي.”
وفي عرض حول الوضع في لبنان، كررت تأكيد ضرورة قيام القادة السياسيين اللبنانيين بالإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية كنقطة انطلاق نحو إعادة تفعيل مؤسسات الدولة وبدء عملية التعافي. وقالت إن الفراغ الذي دام قرابة التسعة أشهر “يقوض قدرة لبنان على معالجة أزمة البلاد المتعددة الأوجه من خلال زيادة تآكل مؤسسات الدولة وتأخير عودة لبنان إلى التعافي.”
ومن ابرز ما تضمنه تقرير غوتيريس اشارته الى “أن اشغال البناء والهندسة التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي بالقرب من الخط الازرق كانت سبباً في إشعال فتيل التوتر في عدة مناسبات”. ولفت الى “مواصلة اسرائيل خرق المجال الجوي اللبناني في انتهاك للقرار 1701 وللسيادة اللبنانية”. وتحت عنوان “نزع سلاح الجماعات المسلحة” أكد التقرير أنه “لم يُحرَز اي تقدم ومازال حزب الله يعترف علناً بأن لديه قدرات عسكرية ولايزال احتفاظ حزب الله وجماعات أخرى مسلحة خارجة عن نطاق سيطرة الدولة في انتهاك القرار 1701 يعوق قدرة الدولة على ممارسة كامل سيادتها وسلطتها على أراضيها”. وأشار الى ان “الوضع السياسي القائم في البلد اصبح غير قابل للاستمرار، ولذا أدعو جميع الجهات صاحبة المصلحة أن تسارع بروح من التوافق والتراضي إلى انتخاب رئيس جديد تحقيقاً لمصلحة الشعب اللبناني ودعماً لاستقرار البلد. فاستمرار الشغور في الجهاز التنفيذي للدولة مع قيام حكومة تصريف لتصريف الاعمال بتسيير شؤون البلد أمر ينال من قدرة لبنان على التصدي للتحديات التي تواجهه”. وأعرب عن القلق “من استمرار وقوع الحوادث واستعراض القوة بالقرب من الخط الأزرق”. وأضاف الامين العام “مازلت أشعر بقلق بالغ إزاء وجود أسلحة غير مأذون بها في المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والخط الازرق، واستمرار الافتقار إلى الدعم اللازم لكي يتسنى الوصول إلى ميادين الرماية أمر غير مقبول. واقامة البنى التحتية في شمال الخط الازرق وإن كانت لا تشكل انتهاكاً للقرار 1701 تهدّد حرية تنقل القوة المؤقتة كما يتضح من الحوادث التي وقعت في الآونة الاخيرة. وإني ألاحظ بقلق بالغ إجراء حزب الله تدريباً عسكرياً في 21 ايار شارك فيه مقاتلون مسلحون يرتدون الزي العسكري ويحملون الاسلحة الثقيلة، فهذا انتهاك للقرار 1701 وأدين احتفاظ حزب الله وجماعات مسلحة أخرى غير تابعة لدول بأسلحة غير مأذون بها لا تخضع لسيطرة الدولة كما أدين اعترافها المتكرر بذلك. وإنني أهيب بالحكومة اللبنانية مرة أخرى أن تتخذ جميع الاجراءات اللازمة حتى لا تكون هناك أي اسلحة في لبنان غير أسلحة الدولة اللبنانية أو سلطة غير سلطتها بما في ذلك التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف وقراري مجلس الامن 1559 و1680 اللذين يطالبان بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان. وأكرر دعوتي إلى تناول عناصر القرار 1701 التي لم تنفذ بعد ومسالة استراتيجية الدفاع الوطني”.