IMLebanon

النهار: 4 آب “الثالثة”… هل صارت العدالة أم الشهداء ؟

 

 

في السادسة والدقيقة الثامنة من مساء هذا اليوم الموافق 4 آب 2023 سيتجمد اللبنانيون مجددا عند لحظة استعادة اضخم انفجار رابع تقليدي غير نووي عرفه العالم وزلزل بيروت والكثير من المناطق القريبة والبعيدة منها قبل ثلاثة أعوام تماما، حين انفجر مرفأ بيروت بحمولة الاف الاطنان من #نيترات الامونيوم مخلفا ما ينحو من 235 شهيدا و7000 جريح ومتسببا بدمار وتهجيرا طاولا نحو 300 الف شخص فيما فاقت قيمة الخسائر في الممتلكات مليارات الدولارات.

 

وإذ كان اللبنانيون يمنون النفس في السنوات الثلاث المتعاقبة منذ الانفجار بان تحتم نتائجه المفجعة وحجم تداعياته المدمرة وما اثاره من ترددات دولية قلما عرف مثلها حدث بالغ الخطورة بهذا الحجم ، المضي قدما نحو استكمال التحقيقات القضائية المحلية في الانفجار والاستعانة بالمعونات والمساعدة والمساندة الدولية من جهات متعددة، اذ بالسنة الثالثة الأخيرة منذ الانفجار تسجل أسوأ الكوابيس قاطبة لهذه الناحية المصيرية في كشف الحقائق المتعلقة بالمسؤوليات المباشرة وغير المباشرة والتبعات الموزعة على عشرات الجهات الرسمية والإدارية والأمنية والسياسية والحزبية وسواها في الانفجار. تمثل هذا الكابوس في واقع غير مسبوق حتى في أسوأ الأنظمة الديكتاتورية او الدول المتخلفة بحيث ضرب حصار خانق قاتل حول التحقيقات وشل تماما عمل المحقق العدلي طارق بيطار الذي صار مدعى عليه واختفى التحقيق والبحث عن الحقيقة من واجهة الاولويات اللبنانية وصار امرا مغيبا منسيا بقوة قاهرة ولولا صبر وشجاعة ومعاندة أهالي الشهداء في التذكير كل شهر بقضية شهدائهم لما بقي اثر بعد عين في اخطر واضخم جريمة جماعية عرفتها بيروت وعبرها لبنان.

بل لعل اشد المخاوف بلغت حدود التماثل بين مصير العدالة في هذه المقتلة ومصير العديد بل أكثرية جرائم الاغتيال التي حصدت نخبا لبنانية وقيد المجرمون في سجل المجهول بحيث يخشى كثيرا بان تكون العدالة نفسها صارت أم الشهداء وتتقدم قائمة أسمائهم !

 

اذن هي الذكرى الثالثة لانفجار 4 آب التي تصادف اليوم استحوذت على مجمل الحدث الداخلي السياسي والشعبي والروحي . وعشية تظاهرة حاشدة تمت الدعوة اليها عند الرابعة من بعد ظهر اليوم من مقر فوج اطفاء بيروت الى المرفأ، اقدم عدد من الناشطين على اقتحام قصر العدل في بيروت حيث قاموا بطبع صور المسؤولين “المتهمين” بملف تفجير مرفأ بيروت على أرض قصر العدل وذلك تذكيراً للجهات المسؤولة بضرورة متابعة الملف.

 

 

 

مجموعة الدعم

 

 

ووسط أصداء محلية واسعة في الذكرى يتوقع صدور ردود فعل خارجية تركز على ضرورة انجاز التحقيقات القضائية العالقة والمجمدة في الانفجار . وعبر عن هذا الاتجاه بيان أصدرته امس مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان اذ اعرب أعضاء المجموعة “عن تضامنهم مع عائلات الضحايا وكل الذين تأثرت حياتهم ومنازلهم وسبل عيشهم بشدة جراء هذا الحدث المأساوي.”

 

وأضاف البيان “ثلاثة أعوام مرت على هذا الانفجار المميت الذي أدى الى مقتل أكثر من مائتين وعشرين شخصا واصابة وتشريد الآلاف، وما زال أهالي الضحايا والشعب اللبناني ينتظرون الحقيقة والعدالة والمساءلة. إن مجموعة الدعم الدولية إذ تأسف لعدم إحراز تقدم في المسار القضائي فإنها تدعو السلطات اللبنانية إلى ازالة جميع العقبات التي تحول دون تحقيق العدالة، وتسهيل استكمال تحقيق نزيه وشامل وشفاف.

 

إن ضمان المساءلة القضائية ومكافحة الإفلات من العقاب جزء لا يتجزأ من استعادة مصداقية مؤسسات الدولة اللبنانية. والجمود الذي يكتنف التحقيق في انفجار المرفأ يؤكد الحاجة الملحة لحماية استقلالية القضاء اللبناني وحياده ونزاهته. كما يدعو أعضاء مجموعة الدعم الدولية مجلس النواب اللبناني إلى الإسراع في سن التشريعات الكفيلة بتعزيز استقلال القضاء بما يتماشى مع المعايير الدولية. وتؤكد مجموعة الدعم الدولية على وقوفها إلى جانب لبنان وشعبه”.

الراعي

 

وترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مساء امس قداسا في كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت على راحة انفس شهداء انفجار المرفأ بحضور عائلات الشهداء ، واعتبر في عظته ان “ما يؤلم هذه العائلات ويؤلمنا بالأكثر هو عدم إكتراث المسؤولين في الدولة المنشغلين بمصالحهم وحساباتهم الرخيصة. فهم بكلّ أسف غير معنيّين بالذين ما زالوا على فراش الألم في المستشفيات أو في منازلهم، وبعض منهم في حالة غيبوبة منذ ثلاث سنوات، وآخرون يحتاجون إلى عمليّات جراحيّة وعلاجات دائمة لا يقدرون على حمل عبئها المالي. وما القول عن المباني والبيوت المتضرّرة التي تُشرد أهلها وهم غير قادرين على إصلاحها؟” وقال:” ان الله لا يترك ابناءه الذين في العالم فريسة الظلم والأفعال التي تعيق وتوقف عمل المحقّق العدلي بردود شكليّة متتالية وموسّعة كبّلت يديه منذ ثلاث سنوات. فلا بدّ من فتح كوّة في هذا الجدار. إنّنا نعتبر محقًّا مطلب أهالي الضحايا بلجنة دوليّة لتقصّي الحقائق تساعد المحقّق العدلي في إنجاز مهمّته، ونحثّ الدول على تسليم لبنان ما لديها من معلومات وتحقيقات وصور التقطتها أقمارهم الإصطناعيّة، ونطالبهم بوضع حدّ للتدخلات السياسيّة في ملفّ التحقيقات”.

 

ولفت الى “إنّنا نقدّر عمل مكتب الإدعاء في نقابة المحامين الذي منذ ثلاث سنوات يعمل ويُصرّ على متابعة قضيّة كارثة تفجير المرفأ، وصولًا إلى الحقيقة والعدالة والحكم بتعويضات عادلة للمتضرّرين، متحدّين كلّ العراقيل، ونذكر من بينها: تثقيل الملفّ بطلبات ردّ ونقل ومخاصمة؛ صعوبة وحرمان الحصول على أذونات إداريّة ونيابيّة ونقابيّة لملاحقة بعض المشتبه بهم؛ قضيّة طرح القاضي البديل؛ قرار المحقّق العدلي باستئناف مهامّه لكسر محاولات عرقلة التحقيقات والممارسات القضائيّة والقرارات بالمقابل التي اتخذها النائب العام التمييزي … هذا لا يعني أنّ تحقيقات تفجير المرفأ قد انتهت أو أنّ المسؤولين عن هذا الإنفجار سوف يبقون من دون عقاب، أو أنّ المجتمع اللبنانيّ لن ينال العدالة، ولن يعرف الحقيقة. فلا العدالة ينتصر عليها الظلم، ولا الحقيقة تفنيها الظلمة”.

 

بدوره دعا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أئمة وخطباء المساجد في لبنان الى تخصيص خطبة الجمعة ظهر اليوم عن #انفجار مرفأ بيروت وان تتزامن إطلاق التكبيرات في المساجد مع وقت وقوع الانفجار عند الساعة السادسة والدقيقة العاشرة لمناسبة مرور ثلاث سنوات على ذكرى الانفجار. وطالب المفتي دريان المسؤولين المعنيين في الدولة “بالإسراع في كشف أسباب هذه الجريمة النكراء التي أصابت كل اللبنانيين بمختلف طوائفهم ومذاهبهم، لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة”. وسأل “ألا يستحق أهالي الضحايا والجرحى والمتضررون من انفجار مرفأ بيروت تخصيص جلسة لمجلس الوزراء في السرايا الحكومية لاطلاع الرأي العام على آخر ما توصلت إليه التحقيقات القضائية والمعطيات الأمنية في هذا المجال لإراحة كل اللبنانيين “؟

 

 

رسالة نارية

 

ووجه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل رسالة نارية في المناسبة اعلن فيها “اننا لن نسكت عمّا فعتله منظومة مجرمة كدّست النيترات في المرفأ لحروب حزب الله العبثية وحلفائه في المنطقة، واستهترت بالتحذيرات من المادة القاتلة وتركت اللبنانيين فريسة الأخطار ولم تُحرك ساكنًا لحمايتهم”. وأضاف “هذه المنظومة التي تخطف البلد وتشل أوصاله وتغتال مؤسساته وتكبّل قضاءه هذه المنظومة نفسها هي التي تقف في وجه العدالة، وتهدد المحقق العدلي في عقر داره عبر وفيق صفا، وتعرقل التشكيلات القضائية عبر وزير ماليتها، وتخضع المحقق للتحقيق في أكبر مهزلة يشهد عليها العالم .” ووجه نداء إلى “كل أصدقاء لبنان الذين يرفعون الصوت لمساندة اللبنانيين في وجه الجرائم التي ترتكب بحقهم، أوقفوا مسلسل وضع اليد على لبنان والاستيلاء على مقدراته فيصبح ممرًا لكل أنواع الارتكابات.

والخوف كل الخوف ألاّ تبقى جريمة المرفأ يتيمة، فالمرافق العامة كلها مستباحة والمطار ليس بمنأى عن كارثة جديدة طالما أن حزب الله وشبكته الأمنية والمصلحية تسيطر عليه وتمارس التهريب على أنواعه من مخدرات وأسلحة وعناصر حزبية غريبة… إن قيام تحقيق دولي ومن ثم محاكمة دولية أضحى هو السبيل الوحيد للانتصار لبيروت، العاصمة التي لا تموت، ولدماء الضحايا وجروح المصابين، والوسيلة الوحيدة لمحاسبة القتلة مهما علا شأنه”.

 

وفي المقابل وبمناسبة الرابع من آب قال الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله : “هي ذكرى مؤلمة وحزينة ونعزي عوائل الشهداء والشفاء للجرحى الذين لم يشفوا حتى اليوم ونذكر بأننا كلنا ننتظر الحقيقة لكن من ضيع الحقيقة هو من سيّس الواقعة المؤلمة منذ اليوم الأول”.

 

استدعاء سلامة

 

وسط هذه الأجواء برز مساء امس تطور قضائي في ملف اخر اذ قرّرت الهيئة الاتهامية في بيروت فسخ قرار قاضي التحقيق الأول في بيروت بالانابة شربل ابو سمرا، واستدعت الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة الى جلسة الإثنين المقبل.

 

وكانت رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر ممثلة الدولة المدعية استأنفت قرار المحقق الأول أمام الهيئة الاتهامية في بيروت طالبة توقيفه.

 

والتأمت الهيئة بعد ظهر امس برئاسة القاضية المناوبة لمى أيوب والمستشارتين القاضيتين فاطمة ماجد وميراي ملاك، وأصدرت قرارها بدعوة الحاكم السابق للمثول أمامها الأربعاء المقبل تنفيذاً للاصول القانونية بإصدار مذكرة بتوقيفه، بحسب مصادر قضائية. وأفادت معلومات أن غرفة جديدة ستتولى استجواب الحاكم السابق وهي برئاسة القاضي سامي صدقي.