على رغم بعض الاستنتاجات التي تكهنت بحلول الوساطة القطرية كليا مكان الوساطة الفرنسية، يمكن القول ان الموفد الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف #لودريان شكل في حديثه الى وكالة الصحافة الفرنسية مفاجأة سياسية بدا واضحا انها استهدفت القوى اللبنانية بجملة رسائل. ذلك ان لودريان “المنتظرة” زيارته الرابعة بكثير من الغموض والتساؤلات والشكوك في جدوى استمرار مهمته في ظل الإخفاق والتعثر اللذين اصاباها، أراد الاطلالة مجددا على مسرح مهمته بموقفين لافتين أساسيين: أولهما تجديد الدعوة الى “الخيار الثالث” الذي ختم به زيارته الثالثة، وثانيهما اطلاق تحذير من وقف التمويل الدولي للبنان بما يوحي انه يتحدث باسم المجموعة الخماسية كلها. وفي ظل تأكيده انه سيعود خلال أسابيع الى لبنان رسم كلام لودريان فيما لا يزال الموفد القطري يجول على قيادات لبنانية دلالات بارزة اثارت التساؤل الأساسي عما اذا كان ملف الازمة الرئاسية صار وقود تنافس وتنازع “ناعم” بين دول المجموعة الخماسية او بعضها، ام ان كلام لودريان جاء ليشكل اسنادا للوسيط القطري اذ انهما تقاطعا على الدعوة الى اعتماد الخيار الثالث او المرشح الثالث وهذا قد يعكس اتجاها توافقيا بين الدول الخمس المنخرطة في المجموعة الخماسية على تبني هذا الخيار.
في مقابلته مع وكالة الصحافة الفرنسية دعا لودريان المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد “خيار ثالث” لأزمة انتخابات الرئاسة بعد نحو 11 شهرا من الشغور، فيما لا يملك أي فريق أكثرية برلمانية تخوّله إيصال مرشّح. وقال “من المهم أن تضع الأطراف السياسية حداً للأزمة التي لا تطاق بالنسبة إلى اللبنانيين وأن تحاول إيجاد حل وسط عبر خيار ثالث”. واعتبر ان “المؤشرات الحيوية للدولة اللبنانية تشي بأنها في دائرة الخطر الشديد”، وذلك في خضمّ أزمة سياسية وانهيار اقتصادي متماد منذ أربعة أعوام.
وبالنسبة الى المرشحين سليمان فرنجية وجهاد ازعور اوضح لودريان “ليس بإمكان أي منهما الفوز، ولا يمكن لأي من الخيارين أن ينجح”.
ورداً على سؤال، رفض لورديان تسمية مرشّح، مؤكداً أنه ليس إلا “وسيطا”، وأنّ الامر متروك للبنانيين لإبرام تسوية. وقال “أجريت مشاورات أظهرت أنّ أولويات الأطراف الفاعلة يمكن بسهولة أن تكون موضوع توافق “.
ويعتزم لودريان العودة مجدداً إلى بيروت “خلال الأسابيع المقبلة” لإطلاق المسار الذي من المفترض أن يدوم “لأسبوع تقريباً”، على أن يقدّم في اليوم الأول ردود مختلف اللاعبين السياسيين حول “أولويات الرئاسة التي يمكن الاتفاق عليها للسنوات الست المقبلة”. وتلي ذلك مرحلة من التشاور بين القوى السياسية اللبنانية، وفي الوقت ذاته ينعقد البرلمان “في جلسات متتالية ومفتوحة” حتى التوصل الى حلّ.
ونبّه لودريان الى أن الدول الخمس التي تتابع الملف اللبناني، أي #فرنسا والسعودية ومصر والولايات المتحدة وقطر، بدأت تفقد صبرها وتهدّد بوقف الدعم المالي الذي تقدمه للبنان. وقد اجتمع ممثلون عن تلك الدول في 19 أيلول على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، من دون أن يصدر عنهم بيان ختامي.
ورجحت مصادر ان يجتمع اليوم في الرياض لودريان الى المستشار السعودي نزار العلولا ويشارك فيه السفير لدى لبنان وليد بخاري، الذي قيل انه غادر بيروت امس على عجل بناء لاستدعاء من بلاده.
وقال لودريان “الدول الخمس موحدة تماماً، ومنزعجة للغاية، وتتساءل عن جدوى استمرار تمويلها للبنان، في وقت يتمادى المسؤولون السياسيون في عدم تحمّل المسؤولية”.
ولا يزال احتمال فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون إنهاء الأزمة مطروحاً. وقال لودريان في هذا السياق “من الواضح أنها فرضية” مطروحة، في موازاة إصراره على أن “الاستفاقة لا تزال ممكنة”.
في غضون ذلك أعلنت سفارة قطر أن سفير دولة قطر لدى الجمهورية اللبنانية الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، زار النائب محمد رعد رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة”. ومساء امس زار السفير القطري رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقا وليد جنبلاط .
#بري وجعجع
اما في المواقف السياسية البارزة وبعد إعلانه ان مبادرته الحوارية انتهت وانه ادى قسطه الى العلى أشار رئيس مجلس النواب نبيه برّي امس الى “أنني لم أكن يوما الا متعاوناً مع اي مبادرة خارجية، ومن لديه بديل عن الحوار ليتفضل .. عطيناهن فرصة العمر وما تجاوبوا، حدا يقلي اي رئيس جمهورية وصل بلا حوار”.
وأضاف ان مجموعة اسماء يطرحها القطري وليست محصورة باسم معين لافتاً الى “أنني تعاونت مع الفرنسي وسهلت مهمته، واتعاون الآن مع القطري واتمنى له النجاح ودائما كنت اقول: منتشكركن على مساعدتكن لنحنا ننتخب مش لتسمولنا اللي بدنا ننتخبه. وحول ما تردد عن موعد انتخاب رئيس جمهورية في تشرين المقبل، قال بري “انا لا اتحدث عن مواعيد ولكن اتمنى ان ننتخب اليوم قبل الغد”، مؤكداً أنني “لن ادعو الى اي جلسة الا اذا كانت ذات جدوى، واي جلسة ليست مسبوقة بحوار ما فيها جدوى” .واعتبر أن كلام لودريان عن الخيار الثالث “يلخص قيمة الحوار، مشدداً على أن “مرشّحنا هو سليمان فرنجية وحتى الآن ما في plan B.
في المقابل توجه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ببيان الى بري قائلا “دولة الرئيس لا لم تؤدِّ بعد قسطك للعلى” مفندا موقفه من موضوع دعوات بري للحوار والجلسات الانتخابية. وقال ” قلتم “فليتفضّل مَن رفض الحوار أن يقدِّم لنا بديلا”، وأنا اقدِّم لكم البديل من صلب موقفكم بالذات، حيث جاء على لسانكم حرفيًّا “كان في مقدورنا أن نجتمع، فإن توافقنا فهذا خير للبلد، وإن لم نتوافق، فلا يعني ذلك نهاية الطريق، بل في كلا الحالتين ننزل الى مجلس النواب ونَحتكم الى صندوقة الاقتراع في جلسات انتخاب متتالية ومفتوحة حتى نتمكّن من انتخاب رئيس للجمهوريّة، وليربح مَن يربح”، وبالتالي لماذا لا تعتبر بكل بساطة أنّنا لم نتوافق فيصار بعدها الانتقال مباشرة إلى الشقّ الثاني من مبادرتكم عبر الدعوة إلى جلسة بدورات متتالية، حتى الوصول إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد ؟” .
من جانبه جدد “تكتل لبنان القوي” بعد اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل، “موقفه الداعم لإجراء لقاءات تشاورية لإنضاج الاستحقاق الرئاسي من خلال التفاهم على الأولويات الرئاسية للعهد المقبل ومواصفات واسم الرئيس المؤهل لهذه المهمة”. وأكد التكتل “ضرورة توفير الظروف التي تؤمن نجاح الحوار من دون رفض أو تعنت، لأن مبدأ الحوار يقوم على مبدأ تبادل الأفكار”. كما أكد أن “الحوار يجب أن يكون محصورا في مهلة زمنية محددة وأن يجري على مستوى رؤساء الأحزاب أصحاب القرار على أن تتم إدارته في شكل حيادي وموضوعي، ويلي ذلك عقد جلسة انتخابية مفتوحة بمحضر واحد، إما لانتخاب الاسم المتفق عليه وإما لحصول منافسة ديموقراطية بين المرشحين”.
وفي رسالته بمناسبة عيد المولد النبوي اكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أن “الحراك الداخلي هو الأساس في إنجار الاستحقاق الرئاسي، والحراك الخارجي مساعد وداعم له، وعلى القوى السياسية كافة تحمل مسؤولياتها تجاه الوطن والناس”، وشدد على أن “الاستحقاق الرئاسي سيحصل مهما اشتدت العواصف كي نضع حداً لآلام اللبنانيين” واعتبر أن “اتفاق الطائف سيبقى الضامن للشراكة الاسلامية – المسيحية، ولا مكان أبداً للطروحات التي تمزق الوطن وتفرق اللبنانيين” .