Site icon IMLebanon

النهار: “إنذار الدورة”: هل بدأت اضطرابات النزوح؟

 

بدا الصدام الذي حصل ليل الخميس بين عدد من سكان محلة الدورة وابنائها وعشرات العمال السوريين في معمل للخياطة بمثابة انذار مبكر او جرس انذار خطير الى احتمالات اندلاع اعمال عنف تتخذ بعدا #لبنانيا – سوريا عنصريا في مناطق جوالة على خلفية انفجار ملف تضخم #النزوح السوري في الأسابيع الأخيرة وتحوله الى إعصار كارثي. وغداة هذا الصدام الذي بالكاد تمكن الجيش من احتوائه قبل ان يتمدد الى مناطق متنية أخرى، ويتفجر امس ايضا بمواجهة ليلية مع سوريين في منطقة السبتية، بدا المشهد الداخلي برمته على قدر كبير من الاضطراب الأمني والسياسي والإعلامي الذي اثاره ملف النزوح السوري وسط تراجع كل الأولويات الأخرى امام تقدم القلق من اضطرابات مماثلة لحادث الدورة خصوصا بعدما أفادت المعلومات ان الجيش أوقف امس الجمعة ٢٧ سورياً في الدورة إثر الاشكال. كما ان الوجه الاخر المثير للاضطراب تمثل في تجدد عمليات الهجرة غير الشرعية من خلال احباط الجيش عملية تهريب مركب هجرة غير شرعي على متنه 124 سوريا، مقابل جزيرة الرامكين، وهي ثالث محمية تابعة للجزر المعروفة بجزيرة الأرانب. وقد استغاث الركاب بالجيش اللبناني بعدما كاد المركب يغرق وعملت فرق الصليب الاحمر اللبناني على انقاذ واسعاف الركاب مع العلم أن ليس هناك أي إصابة.

 

ووسط الاحتدام الداخلي نقلت مراسلة “النهار” في باريس رنده تقي الدين عن مسوؤل رفيع في الرئاسة الفرنسية ردا على سؤال “النهار” حول اتهام القيادات اللبنانية للغرب انه يريد بقاء اللاجئين في لبنان وانه ايضا عبء تكلم عنه العاهل الاردني “ان هذا الموضوع بالغ الاهمية ونحن لا نتجاهله. والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون سيشارك في ترؤس منتدى عالمي حول اللاجئين في جنيف في ١٣ كانون الاول وسيعطي انتباها خاصا لمشكلة اللاجئين السوريين. ونعتبر انه ينبغي ايجاد وسائل براغماتية للتمكن من تنظيم عودة اللاجئين السوريين بشروط امنية يجب ضمانها. نعمل لهذا الهدف مع المفوضية العليا للاجئين. فمثلا يجب ان نعمل لعودة اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان الى منطقة حمص التي تقع على بعد ٥٠ كيلومترا من المكان الموجودين فيه منذ عشر سنوات وذلك يتطلب اعطاء النظام السوري ضمانات للامم المتحدة لاعادة اعمار منازل هؤلاء اللاجئين. حتى الآن ليس هناك جواب حول الموضوع من النظام السوري ونعتقد ان الاخير لا يرى مصلحة في اعادتهم. لكن رغم ذلك ونظرا للعبء لهذه المشكلة على لبنان والاردن يجب دفع حركة العودة عبر توفير كل الشروط الضرورية لعودتهم. فليس هناك حل مفصل لهذه المشكلة” .

اما عن مهمة المبعوث الرئاسي جان لوي لودريان فقال المسوؤل الرئاسي انه قام بزيارتين الى لبنان والآن المرحلة مهمة لانه ينبغي على المشاورات التي قام بها في بيروت ان تسفر عن توضيح النقاش.

 

المخاوف الداخلية

 

ومع مشهد الاضطرابات الجوالة تصاعدت المخاوف من التحدي الكبير امنيا وسياسيا وديبلوماسي الذي يواجهه لبنان ويرزح تحت اعبائه وسط عجز هائل عن وسائل المواجهة في ظل ازمة سياسية ودستورية تتصاعد فصولها وسلطة مفككة يتراشق وزراؤها بالاتهامات وقوى سياسية تتواجه في ما بينها بالمزايدات فيما تزحف الكارثة قدما نحو استيلاد مزيد من الإضطرابات والتحديات اليومية.

 

ولم يكن ادل على هذا الواقع المضطرب الا توّجه مخاتير منطقة الجديدة – البوشرية – السدّ بكتاب إلى المديرية العامة للأمن العام يحذرون فيه من “وضع خطير جدّاً على أبناء المنطقة ويطالبون بإغلاق جميع المحلات التجارية غير الشرعية المشغولة من غير اللبنانيين آخذين على عاتقنا مساعدتكم وإعلامكم عن هذه المحلات”.

 

ومن المفاعيل المتأتّية عن حادث الدورة مطالبة البلدات القيام في المهمات الاحترازية مع وجود أعداد مقدّرة بالوف النازحين المقيمين بطريقة غير شرعية. ووضعت فعاليات المنطقة بالتعاون مع مكتب النائب رازي الحاج للتشريع والاستشارات خطة مقسّمة إلى ثلاث مراحل أولها، إبعاد الأجانب غير الشرعيين من خلال إحصاء شامل لعدد القاطنين والعاملين في النطاق البلدي وتعبئة استمارة الأمن العام لهذا الهدف، ثم إعداد لائحة بالأجانب غير الحائزين إجازة عمل وإصدار بطاقات بأسماء العمال الشرعيين. وتقوم المرحلة الثانية على إلزام تسجيل عقود الإيجار في البلديات وتحديد عدد القاطنين المسموح وجودهم في المناطق. ثم تنطلق المرحلة الثالثة من تفعيل تطبيق القوانين والأنظمة وقمع المخالفات، ما يشمل تفعيل فرض التكاليف الضريبية وتطبيق قوانين السير وضبط المخالفات البيئية ومنع التجمعات والأعمال الصناعية خلافاً لقانون العمل وإزالة المخالفات عن الخدمات العامة وقمع مظاهر التسول وتنظيم محاضر ضبط للمخالفين والتشدّد في إعطاء تراخيص والتنسيق بين البلديات والاتحادات. وعلمت “النهار” أن هناك بلديات أو بلدات متنية باشرت فعلياً في إجراءات المسح الميداني لأعداد النازحين فيها، وهي سنّ الفيل، القعقور، المنصورية، بسكنتا، زرعون والدكوانة.

 

احتدام سياسي

 

وبازاء هذا الواقع احتدمت المواقف السياسية عاكسة صورة ساخنة للغاية من ملف النزوح على اختلاف التوجهات السياسية. وفي هذا السياق أنتقدت كتلة “اللقاء الديموقراطي” تحول أزمة النزوح السوري “بفعل الاهمال الرسمي، والشعبوية السياسية، والتحريض العنصري، إلى واقع خطير”. وذكرت “الرأي العام والقوى المنغمسة في نظريات العصبية أو الاستغلال ان اللقاء الديمقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي كانا أول من طالب منذ أواخر ٢٠١١ بضرورة تعامل الدولة بشكل منظم مع النزوح السوري، وإقامة مخيمات محددة، وضبط آليات تعامل المؤسسات الدولية مع هذه المخيمات، وحصر التداعيات في نطاق المخيمات وحدها. لكن الشعبويين أنفسهم رفضوا آنذاك تحت ذريعة أن إقامة المخيمات يُمهد للتوطين، وها هم اليوم يستخدمون الذريعة نفسها”. ودعت الى “وقف كل موجات التحريض، لدرء مخاطرها على الأمن الداخلي، ووقف كل نظريات الاستغلال السياسي الغريبة التي طرحها البعض تحت مسمى “تصدير” النازحين، وفي مقابل ذلك على الحكومة الاجتماع فوراً واعتماد سياسة رسمية واضحة وتنفيذها، عبر إجراء مسح كامل للمواطنين السوريين والتمييز بين العمال واللاجئين، وتحديد سبل التعاون مع المؤسسات الدولية ذات الصلة، ومنح الجيش والقوى الأمنية الدعم اللازم في سياق مهماتهم في هذا المجال”.

 

وفي المقابل طالبت “كتلة تجدد” مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار بتكليف قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل” بمساعدة الجيش اللبناني في إقفال المعابر غير الشرعية ومراقبة المعابر الشرعية لتأمين الضبط الصارم للحدود، واستعادة السيادة اللبنانية على كامل الحدود. وتوجهت الكتلة للمجتمع الدولي بطلب تغيير مقارباته وسياساته في التعامل مع ملف النزوح السوري، بفعل التغيير الجذري في الوقائع التي حصلت منذ العام ٢٠١١ حتى اليوم” . ولفتت الكتلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، إلى “أنه من العبث طرح الحلول الشعبوية لمشكلة النازحين في هذا التوقيت، كحل ارسالهم في البواخر إلى أوروبا. وذكّرته “بأن مشاركته في الصراع السوري، كانت سبباً رئيسياً لهذا النزوح، وهو حصل في ظل حكومات يسيطر على قرارها الحزب، والتي لم تقم بأي خطوة لضبطه وتنظيمه، منذ العام 2011 حتى اليوم”.

 

جبهة “التيار”- “القوات”

 

والهبت اتهامات وجهها الاعلام العوني الى “#القوات اللبنانية” الجبهة الإعلامية السياسية مجددا بين “#التيار الوطني الحر” و”القوات ” التي ردت على “قناة التيار” بأنّ “القوات” كانت ترفض عودة السوريّين إلى بلادهم وأنّها استفاقت اليوم على ذلك، فوصفت هذا الاتهام بانه “تسويق كاذب، تنفيه التصريحات العديدة لرئيس حزب “القوات” سمير جعجع مع بداية أزمة النزوح، عندما طالب أمام كلّ الديبلوماسيّين الغربيّين وبشكل علني، عام 2013 أيّ منذ عشر سنوات، بوجوب إنشاء مخيّمات حدوديّة آمنة للنازحين داخل الأراضي السوريّة برعاية دوليّة”. وقالت ان “التضامن الإنساني مع الشعب السوري الذي عانى من جرائم النظام الأسدي ليس بتهمة، لكنّه لم يكن عذرًا لحكومة الممانعة و”التيار” أي “حكومة النزوح” كي تمتنع عن ضبط المعابر الشرعيّة وإقفال المعابر غير الشرعيّة ولجم التدفّق الكبير للنازحين، هذا عدا عن رفض “التيار” وحكومة محوره الأخذ باقتراح “القوات” في إنشاء مخيمات داخل سوريا، والعمل على أساسه”. وقالت “القوات”: “إحترف “التيار التضليلي” قلب الحقائق، محاولةً منه للتنصّل من مسؤوليّاته، فماذا فعل هو وحلفاؤه لمواجهة أزمة “النزوح السوري”؟ لقد بدأ النزوح عندما كانت كلّ السلطة التنفيذيّة تحت إمرتهم، إضافةً لكل الأجهزة والادارات، ما هي القرارات التي اتخذوها غير الشعارات وتغطية الفريق المسلّح الذي ساهم في تأزيم النزوح السوري نحو لبنان؟ وما هي الاجراءات التي اتّخذها العهد الرئاسي الجهنّمي لمواجهة هذه الآفة غير عقد المؤتمرات الشعريّة والتمترس دفاعًا عن نظام بائد؟”

 

اما رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران #باسيل فاعتبر “أنّ ما حصل في منطقة الدورة خطير ويتطلّب وعيًا مجتمعيًا وحزمًا من أجهزة الدولة”. ولفت إلى” أنّ هذه نتيجة تقاعس الحكومة وتآمر المجتمع الدولي وتقصير الأجهزة المعنية. كل فريق يستثمر ويحرّض على العنف ضد النازحين يتحمّل مسؤولية خطر جرّ البلاد لمشاكل أمنية وأحداث لا أحد يعلم إلى أين تؤدّي”. وشدد على “أننا نرفض العنف ضد النازحين والأمن الذاتي والحقن والتحريض”، موضحًا أنّ “الموقف الصحيح يكون بالضغط على المنظمات الدولية وتطبيق الوزارات والبلديات للقوانين، ومنع دخول أفواج جديدة من النازحين وضبط الجيش والأجهزة الامنية للحدود وتحريك كل مؤسسات الدولة لتأمين العودة السريعة”.