IMLebanon

النهار: نصرالله يضبط الجبهة على”المشاغلة” وتحذير أميركي من دمار لبنان

 

قد تكون السمة الأكثر بروزا في الكلمة التي القاها الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن #نصرالله عصر امس، انها جادت مصداقا للتوقعات التي سبقتها بانها ستكرس المعادلة الميدانية التي انبرى اليها الحزب غداة عملية “#طوفان الأقصى” أي في الثامن من تشرين الأول الماضي على الجبهة الجنوبية مع إسرائيل ولو أضاف اليها معادلة التهديد بالاحتمالات والخيارات المفتوحة على إيقاع حرب إسرائيل على غزة. هذه الخلاصة كانت واقعيا هي الأكثر “توقعا”، ولم يبتعد عنها ابدا السيد نصرالله الذي خصص اطلالته الأولى منذ عملية حليفته “#حماس” في غلاف غزة، للكلام المسهب عن أهمية هذه العملية استرتيجيا والتشديد القاطع على طابعها الفلسطيني الخالص تخطيطا وتنفيذا ونفي ان يكون الحزب او أي طرف اخر حتي في غزة قد علم بها مسبقا، خلص في الجزء اللبناني من انخراط الحزب في جبهة مساندة ودعم “حماس” وغزة ضد إسرائيل الى جملة خلاصات أساسية. ابرز هذه الخلاصات ان نصرالله اخذ جمهوره أولا الى الناحية الأساسية التي أراد من خلالها تكريس مفهوم المعادلة الميدانية الجديدة المختلفة تماما عن كل التجارب الحربية السابقة مع إسرائيل من خلال القتال المباشر والهجمات المباشرة على جبهة خطوط التماس على طول خط الحدود اللبنانية الإسرائيلية وفي حيز جغرافي محدد وليس مفتوحا “بعد” على الأعماق. والخلاصة الثانية البارزة تمثلت في ان نصرالله طرح نسبا رقمية محددة كاهداف محققة لمعادلة المشاغلة الميدانية للقوات الاسرائيلية تخفيفا للضغط على غزة وايراده رقم ثلث القوات الإسرائيلية حشد في مواجهة الجبهة اللبنانية الامر الذي عكس ان هذه هي حدود معادلة المساندة ل “حماس” والمشاغلة لإسرائيل في موازاة حرب غزة ما دامت إسرائيل لا تفتح الحرب الشاملة او ترتكب “الحماقة الكبرى” في لبنان كما حذرها منها نصرالله. اما الدلالة الثالثة البارزة فتمثلت في انه الى جانب تكريسه معادلة المشاغلة أراد نصرالله ان يخصص تهديده للاساطيل الأميركية وتذكيره بالهجمات على الاميركيين في بيروت في الثمانينات ليوحي بان حركة الاساطيل تستهدف “حزب الله” .

 

في أي حال رأى العديد من المحللين أن الخطاب الذي ألقاه نصر الله يظهر أن الحزب لا يريد توسيع نطاق الاشتباك في الجبهة مع إسرائيل، على الأقل في المرحلة الحالية، وذلك لأسباب تتصل بإيران وحساباتها، أو بحسابات أخرى تعمل على إشغال إسرائيل دون الدخول في حرب واسعة.

 

اما في الردود على الكلمة فبدا لافتا ان المتحدث باسم البيت الأبيض سارع الى التعليق على كلمة نصرالله بالقول أنه “على حزب الله ألا يحاول استغلال الصراع الدائر في غزة، والولايات المتحدة الأميركية لا تريد أن ترى هذا الصراع يمتد إلى لبنان”. ولفت الى انه “لا يمكن تصور الدمار المحتمل الذي سيحل بلبنان وشعبه في حال توسع الصراع ويجب تجنب ذلك”.

 

كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رد مرتين قبل الكلمة وبعدها . فكرر قبل الظهر تهديده لبنان قائلاً: “أنصح أعداءنا في الشمال بألّا يجربوننا وسيدفعون الثمن غاليًا”. ثم رد على خطاب نصر الله فقال: “أي خطأ سيكلفك ثمنا لا يمكنك حتى تخيله.”

 

اذن تضمنت كلمة نصرالله في القسم الاوسع منها شرحا لما حصل منذ عملية “طوفان الأقصى” واعتبر ان “المقاومة الاسلامية في لبنان منذ 8 تشرين الأول، تخوض معركة حقيقية لا يشعر بها الا من هو موجود بالفعل في المنطقة الحدودية وهي معركة مختلفة في ظروفها وأهدافها واجراءاتها واستهدافاتها”، مؤكدا ان “الجبهة اللبنانية خففت جزءا كبيرا من القوات التي كانت ستسخر للهجوم على غزة وأخذتها باتجاهنا”. وقال :”ما يجري على جبهتنا اللبنانية عند الحدود مهم ومؤثر جدا ولم يتم الاكتفاء به على كل حال وهو غير مسبوق في تاريخ الكيان” .

 

ولفت الى انه “لو كان موقفنا التضامن سياسيا والتظاهر لكان الاسرائيلي مرتاحا عند الحدود الشمالية وكانت قواته ستذهب الى غزة”.وقال :”جبهة لبنان استطاعت ان تجلب ثلث الجيش الاسرائيلي الى الحدود مع لبنان وجزء مهم من القوات الصهيونية التي ذهبت الى الجبهة الشمالية هي قوات نخبة ونصف القدرات البحرية الاسرائيلية موجودة في البحر المتوسط مقابلنا ومقابل حيفا ، وربع القوات الجوية مسخرة باتجاه لبنان وما يقارب نصف الدفاع الصاروخي موجه باتجاه جبهة لبنان ونزوح عشرات الآلاف من سكان المستعمرات”.وأكد ان “هذه العمليات على الحدود أوجدت حالة من القلق والتوتر والذعر لدى قيادة العدو وأيضا لدى الأميركيين”. وقال :”العدو يقلق من امكانية ان تذهب هذه الجبهة الى تصعيد اضافي او تتدحرج هذه الجبهة الى حرب واسعة وهذا احتمال واقعي ويمكن ان يحصل وعلى العدو ان يحسب له الحساب. حضورنا في الجبهة وهذا العمل اليومي يجعل العدو مردوعا. وعمليات المقاومة في الجنوب تقول لهذا العدو الذي قد يفكر بالاعتداء على لبنان أو بعملية استباقية أنك سترتكب أكبر حماقة في تاريخ وجودك”.

 

أضاف: هذه العمليات على الحدود هي تعبير عن تضامننا مع غزة لتخفيف الضغط عنهم . قيل لنا منذ اليوم الأول اذا فتحتم جبهة في الجنوب فالطيران الاميركي سوف يقصفكم لكن هذا التهديد لم يغير من موقفنا أبدا”. وتابع :”بدأنا العمل بهذه الجبهة في الجنوب وتصاعدها وتطورها مرهون بأحد أمرين أساسيين الأمر الأول هو مسار وتطور الأحداث في غزة والأمر الثاني هو سلوك العدو الصهيوني تجاه لبنان”. وحذر “العدو الصهيوني من التمادي الذي طال بعض المدنيين في لبنان وهذا سيعيدنا الى المدني مقابل المدني”. وقال: “أقول بكل شفافية وغموض بناء ان كل الاحتمالات في جبهتنا اللبنانية مفتوحة وان كل الخيارات مطروحة ويمكن ان نذهب اليها في أي وقت من الأوقات ويجب ان نكون جميعا جاهزين لكل الفرضيات المقبلة.

 

مساعدات فرنسية للجيش

 

وفي اطار التحركات المتصلة بالوضع عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية، جال امس وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو على المسؤولين اللبنانيين في محاولة للجم اي تصعيد عسكري. والتقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب #ميقاتي حيث “تم التشديد على التعاون والتنسيق الوثيق بين الجيش واليونيفيل وتفعيل مهام القوات الدولية وضرورة ارساء الهدوء على طول الخط الازرق”. وشدد لوكورنو “على اهمية أن تتحلى كل الاطراف في الجنوب بالعقلانية والحكمة وعدم دفع الامور نحو التصعيد والتدهور”. وأكد” ضرورة ايجاد حل عاجل لقضية الرهائن في غزة والبحث في ايجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية”. وأبلغ الوزير الفرنسي الحكومة أن “فرنسا قررت ارسال مساعدات عاجلة للجيش ومن بينها معدات طبية وأدوية”. كما التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش العماد جوزف عون.

 

التصعيد جنوباً

 

اما على الصعيد الميداني فاستمر التصعيد ولو بنسبة اخف من اليوم السابق. وتعرض الوادي الواقع بين بلدتي طيرحرفا والجبين وأطراف بلدات الناقورة وعلما الشعب والجبين منذ الصباح لقصف مدفعي اسرائيلي. كما طال القصف منطقة الصالحاني بلاط جبل باسيل في القطاع الغربي ومحيط بلدة رامية وأطراف عيتا الشعب والقوزح. وقصف الطيران الاسرائيلي مشروع الطاقة الشمسية في بلدة طيرحرفا ، والذي يغذي بئر المياه العام  بالطاقة الكهربائية،  وتقدر كلفة المشروع ب ٣٠٠ الف دولار. وبعد الظهر افيد عن  إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان على موقع للجيش الإسرائيلي في الجليل الأعلى، فردت مدفعيته على مصدر اطلاق النار. كما سمعت انفجارات في محيط موقع هرمون على أطراف بلدة رميش وسجل قصف مدفعي اسرائيلي في محيط تلال كفرشوبا وشبعا.

 

وفي انعكاسات هذا الواقع ديبلوماسيا أعلنت سفارة السويد في لبنان أن “الحكومة السويدية تنصح بعدم السفر إلى لبنان، وتحث جميع السويديين على مغادرة البلاد”. واكدت أهمية “مغادرة السويديين لبنان الآن، في حين لا تزال هناك رحلات جوية تجارية متاحة، وذلك لن يكون متاحا إذا تدهور الوضع الأمني. وسيتعين على السويديين الذين يختارون السفر إلى لبنان أو البقاء فيه -على الرغم من دعوة الحكومة الواضحة بالمغادرة- أن يتحملوا مسؤولية شخصية كبيرة”.وأوضحت أنه “في حال نشوب نزاع مسلح أو اضطرابات خطيرة، سيكون لدى الحكومة السويدية والسفارة في بيروت إمكانيات محدودة للغاية لمساعدة السويديين في لبنان، من هنا ننصح بمغادرة البلاد الآن بينما لا يزال ذلك ممكنا”.