قد تكون الساعات الثماني والأربعين الأخيرة حملت القدر الأكبر من التطورات الميدانية التصعيدية واشدها خطورة لجهة الاندفاع نحو حرب ثانية بعد غزة تندلع عبر الحدود اللبنانية الجنوبية مع #إسرائيل، وتتسبب بمواجهة شاملة دأب الجميع في الداخل والخارج على التحذير منها. اذ ان المواجهات العنيفة التي تبادلها “#حزب الله” وإسرائيل منذ الاحد بدت كأنها النقلة الميدانية الأعلى في سلم تدرج المواجهة منذ الثامن من تشرين الأول الماضي. وفيما عزي تكثيف العمليات والهجمات التي شنها “حزب الله” ضد المواقع والتجمعات العسكرية الإسرائيلية على امتداد الجبهة الجنوبية الى ترجمة العنوان الجديد الذي اطلقه امينه العام السيد حسن نصرالله السبت الماضي وهو “الكلمة للميدان”، جاءت معالم الرد الجوي والمدفعي الإسرائيلي بمثابة انذار دموي عبر استهداف مدنيين لبنانيين واعلاميين ناهيك عن تصعيد التهديدات بمواجهة كبيرة .
ولعل الخطورة الماثلة في المعطيات الخارجية عن هذه التطورات تمثلت في ما نقله مراسل “النهار” في باريس سمير تويني عن مصادر ديبلوماسية غربية تتابع الوضع في الشرق الاوسط تخوفت من احتمال تصاعد المناوشات بين “حزب الله” وحلفائه من جهة، واسرائيل من جهة اخرى، بما بات ينذر بتصعيد نسبة اندلاع حرب شاملة على لبنان بحيث ستطال العمق اللبناني كما المناطق الحدودية مع اسرائيل. وحذرت هذه المصادر من ان إسرائيل تراهن على استدراج الحزب الى حرب شاملة وهذا ما تخشاه واشنطن، التي تطالب وتضغط بقوة لعدم تصعيد المواجهات في لبنان تجنبا لتوريطها في حرب اقليمية. وقالت هذه المصادر ان المواجهة باتت مفتوحة على شتى الاحتمالات بعد المواقف التصعيدية الأخيرة بين اسرائيل و”حزب الله” وان هناك تخوفا حقيقيا من توسع قواعد الاشتباك، والخروج عن الهامش المعتمد بين الطرفين بما وسع مسرح العمليات العسكرية في الايام الماضية وهدد الاستقرار الداخلي.
ولفتت المصادر الديبلوماسية الغربية نفسها الى ان إسرائيل قد ترى فرصة الحسم واستهداف الحزب في لبنان وسوريا ملائمة لها في ظل ما يوفره انتشار اساطيل وجيوش غربية من حماية لامن اسرائيل التي ستتعرض في حال اتساع النزاع الى فتح جبهات قتالية عدة. وقالت المصادر “ربما الحزب لا يريد الحرب واسرائيل لا تريد فتح الجبهة الشمالية لكن التصعيد اليومي للاشتباكات يهدد في أي لحظة بتفلت الأمور بما يهدد الاستقرار ويدفع إسرائيل الى اعتبار ان الفرصة مؤاتية كي تقوم بهجوم على مواقع الحزب الذي يهددها بجدية عالية في امنها الداخلي ومحاولة اضعافه عسكريا لتسهيل اعادة النظر في الخارطة الاقليمية”.
التصعيد
في أي حال، فان التطورات الميدانية في الجنوب اتخذت طابع الاتساع المثير للقلق وباتت تنذر بما لا تحمد عقباه. وبدأ التصعيد البارحة مع غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في عيناتا بما أدِى إلى إستشهاد شخص وجرح آخر من المدنيين صودف مرورهم بسيارتهم لحظة وقوع الغارة، في وقت تحدث اعلام اسرائيلي عن مقتل إسرائيلي متأثراً بإصابته جراء صاروخ مضاد للدروع أطلقه “حزب الله” اول من أمس تجاه “دوفيف”، واعلنت شركة الكهرباء الإسرائيلية مقتل أحد موظفيها في هجوم صاروخي من لبنان الأحد.
وبعد ظهر امس جددت إسرائيل استهداف القطاع الإعلامي وكان هدفها هذه المرة الموكب الإعلامي الذي كان يقوم بجولة في يارون بحيث سقطت على مقربة من افراده قذيفتان نجا الموكب منها باعجوبة ولكن أصيب مصور قناة “الجزيرة” عصام مواسي بجراح طفيفة وتضررت عربة البث مع فريقه .
كما استهدف قصف مدفعي اسرائيلي منطقة “عين الزرقاء” بين طيرحرفا والناقورة وعلما الشعب واشتعلت النيران بالاحراج المتاخمة للخط الازرق قبالة بلدات الناقورة وعلما الشعب والضهيرة جراء القصف، في وقت وجه “حزب الله” رشقة كبيرة من الصواريخ من الجنوب باتجاه الجليل الغربي المحتل حيث اعلن “حزب الله ” استهداف قوة مشاة في موقع الضهيرة بالصواريخ وتحقيق إصابات مباشرة فيه. وقالت وسائل إعلام اسرائيلية انه عقب دوي صفارات الإنذار في الجليل الغربي تم رصد إطلاق 18 صاروخاً من لبنان. وتم الإعلان عن إصابتين في مستوطنة “نتوعا” جراء إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان. واعلن الحزب استهداف قوة مشاة قرب ثكنة برانيت بالصواريخ الموجهة وأيقاع إصابات مؤكدة بين قتيل وجريح فيها . كما اعلن إستهداف موقع الراهب وموقع بياض بليدا الإسرائيلي وموقع المرج في هونين المحتلة، وموقع الرمثا في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة . واستهدفت مدفعية الجيش الاسرائيلي احد المنازل في حي أبو لبن في بلدة عيتا الشعب الحدودية للمرة الخامسة. وتعرضت أطراف رميش لقصف مدفعي .
وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو تهديداته الى “حزب الله” فتوجه اليه بتحذير مؤكدا ان “النار سيتم الرد عليها بنيران أقوى بكثير”.وقال: “هناك من يعتقد أن بإمكانه توسيع الهجمات ضد قواتنا وضد المدنيين وهذا ما نعتبره لعبا بالنار”.وأكّد ان اسرائيل ستعيد الأمان إلى الشمال والجنوب، وستدمّر حماس”.
من جهته، اكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي إنّ “قواته مستعدة بقوة مع خُطط عملياتية لتوسيع هجماتها في الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان.”. وقال: “مهمتنا هي تحقيق الأمن ولن يتم ترك الوضع على ما هو عليه، حيث لا يشعر سكان الحدود الشمالية بالأمان للعودة إلى منازلهم”.
و ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنَّ هاليفي وافق على خُطة دفاع وهجوم للجبهة الشمالية مع لبنان، كما أوعزَ بالجاهزية لكل وحدات قوات الجيش.
تحركات الداخل
وفي المشهد الداخلي كان الوضع المتفجر في الجنوب محور لقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والسفيرة الاميركية دوروثي شيا التي غادرت بكركي من دون الادلاء باي تصريح. وأفادت المعلومات الموزعة عن اللقاء انه تم التداول في مختلف المواضيع، “وكان تشديد على ان احوج ما يكون اليه لبنان اليوم هو انتخاب رئيس للجمهورية، اذ ان الولايات المتحدة الاميركية مهتمة باستقرار لبنان على كل الصعد، وترفض دخوله في #حرب غزة. وفي موضوع انتهاء ولاية قائد الجيش، كرر البطريرك الراعي موقفه الرافض لاسقاط قائد الجيش. وقال الراعي: “يخلقون العقد والمطلوب واحد وهو انتخاب رئيس للجمهورية”.
وفي التحركات البارزة المتصلة بملف السعي الى التمديد لقائد الجيش #العماد جوزف عون صار مؤكدا ان مجلس الوزراء لن يتطرق في جلسته اليوم الى هذا الموضوع الذي لن يطرح من خارج جدول الاعمال لان لا توافق عليه ضمن مكونات الحكومة. وفي هذا السياق استقبل امس رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة امس وفد “كتلة الجمهورية القوية” النيابية برئاسة النائب جورج عدوان التي بحثت معه في مشروع قانون تأجيل التسريح لرتبة عماد، الذي تقدمت به منذ ايام. واعلن عدوان بعد اللقاء ان “الظرف الاستثنائي دفعنا الى سلوك طريق استثنائي في ملف قيادة الجيش ويجب الا نترك الامور للحظة الاخيرة واخذنا وعدا من الرئيس بري بأنه سيتريث حتى نهاية الشهر وبعدها سيعين جلسة سيكون اقتراحنا اول بنودها”. اضاف: “الرئيس بري يفضل ان يتم التمديد عبر مجلس الوزراء واذا لم يحصل ذلك ودعينا الى جلسة لمجلس النواب سنحدد موقفنا من كيفية التعاطي معها في وقت لاحق آخذين في الاعتبار الاوضاع كلها”. ومن المقرر ان يلتقي اليوم وفد من “كتلة الجمهورية القوية” نواب “اللقاء الديموقراطي”.
وسط هذه الاجواء، التقى رئيس “التيار الوطني الحر” النائب #جبران باسيل في دارته في البترون رئيس “اللقاء” النائب #تيمور جنبلاط وبحث معه في الملفات السياسية والوطنية واستبقاه الى الغداء وقاما بجولة في مدينة البترون. وافادت المعلومات عن اللقاء انه “تميّز بالكثير من الودّ والصراحة وتركز النقاش على أفضل السبل لتمتين الوحدة الوطنية وجعل لبنان في موقع أقوى في مواجهة التحديات الداخلية، والمخاطر الكبرى المتأتية من وضع إقليمي ودولي متشنج.
واتفق الطرفان على مقاربة مشتركة بشأن الحرب الاسرائيلية على غزة وعلى تعزيز العلاقة بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي وعلى مقاربة الملفات الداخلية بالحوار والتفاهم حيث أمكن. وأكدا أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية كأساس لإعادة تكوين السلطة واتفقا على تعزيز الاستقرار في الجبل وتطوير الحياة المشتركة وفتح آفاق التعاون في المجالات الإنمائية”. ولوحظ ان المعلومات التي وزعت لم تأت على ذكر اثارة موضوع التمديد لقائد الجيش في اللقاء. وافيد ان النائب جنبلاط سيلتقي قريبا الوزير السابق #سليمان فرنجية .