لم يكن وصول كبير مستشاري #البيت الأبيض لشؤون أمن الطاقة العالمي، اموس #هوكشتاين إلى ##إسرائيل امس في مهمة جوهرها لجم مؤشرات خطيرة لإمكان اتساع حرب غزة الى لبنان تطورا عاديا، بل لعل هذه الزيارة بذاتها شكلت إنذارا متجددا الى ما بلغته سقوف التصعيد الميداني على ضفتي الجبهة اللبنانية الإسرائيلية من مراحل موغلة في الخطورة.
وفي أي حال فان زيارة هوكشتاين لإسرائيل، التي لم يعرف ما اذا كانت ستليها زيارة محتملة له لبيروت، لم تكن وحدها المؤشر – الإنذار الى اقتراب لبنان من ذروة “المنطقة الحمراء” بل سبقتها ثلاثة أيام “ميدانية” من العيار الحربي والميداني الثقيل على امتداد “الخط الأزرق” الذي تحول الى خط ميداني مفتوح لتبادل العمليات الحربية والتصعيد المتدرج. وهو امر بات يدفع جانبا بكل “النظريات” المطمئنة الى ان لبنان ابتعد عن احتمالات الانزلاق الى حرب شاملة اذ يرى ديبلوماسيون وخبراء جادون بان واشنطن لا تتحرك عبثا او ملئا لمسرح ديبلوماسي حين ترسل هوكشتاين تحديدا، الذي صار بمثابة المسؤول الأساسي ذي الخبرة المتعمقة في الملف اللبناني الحدودي والنفطي والاستراتيجي، مرتين الى إسرائيل ولبنان في اقل من شهر لولا استشعارها عن قرب وبجدية كاملة خطر اندلاع حرب لا تريدها بين إسرائيل و”#حزب الله”. وذكر هؤلاء انه على رغم الاعتراضات والإدانات وحالة الغضب الصارخة حيال “التغطية العمياء” التي وفرتها وتوفرها الإدارة الأميركية لإسرائيل في حربها ومجازرها في غزة ، فان ذلك لا يحجب واقعا لافتا يتمثل في ان واشنطن وقفت بقوة من اللحظة الأولى ضد سقوط لبنان في متاهة حرب واسعة ومارست الضغوط في اتجاه إسرائيل كما أرسلت التحذيرات المتوالية الى “حزب الله” عبر قنوات لبنانية واجنبية بغية النأي بلبنان عن تداعيات اتساع الحرب اليه. ولذا تترقب الأوساط المعنية مناخ وعناوين ونتائج الحركة الجديدة التي يضطلع بها هوكشتاين موفدا من الرئيس الأميركي إلى إسرائيل علما ان فرضية زيارته بيروت بعد زيارته إسرائيل ليست ثابتة.
ولعل ما تجدر الإشارة اليه ان التحرك الأميركي الجديد يتزامن مع الجلسة التي سيعقدها مجلس الأمن الدولي اليوم المخصصة للمشاورات المغلقة حول الإحاطة الدورية النصف السنوية حول تنفيذ القرار 1701 في الجنوب اللبناني حيث ستقدم ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا التقرير عن هذا القرار في ظل التطورات الميدانية الأخيرة في الجنوب.
وكان هوكشتاين وصل امس إلى إسرائيل لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين حول منع توسع حرب غزة إلى جبهة لبنان، وفقاً لما أورده موقع “أكسيوس” الأميركي. ونقل الموقع عن مسؤولين أميركيين قولهم إنّ هناك قلقًا متزايدًا في البيت الأبيض من أن العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان قد يؤدي إلى تفاقم التوترات على طول الحدود، مما قد يفضي إلى حرب إقليمية.
ووفق مسؤول أميركي، سيؤكد هوكشتاين أنّ استعادة الهدوء على الحدود الشمالية يجب أن تكون أولوية قصوى. وقال مسؤول إسرائيلي للموقع، إنه من المتوقع أن يلتقي هوكشتاين وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي. وقال مسؤول إسرائيلي كبير إنّ إسرائيل تريد من الولايات المتحدة أن تعمل دبلوماسياً للضغط على “حزب الله” لسحب قوة الرضوان الخاصة به من الحدود.
وفي وقت سابق امس شدد هوكشتاين على أن ما يحصل في غزة لا يجب أن يؤثر على حدود لبنان، وذلك ضمن فعاليات منتدى حوار المنامة 2023، قمة الأمن الإقليمي 19. وأكد أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل قائم، معتبرا أن الخطة المستقبلية يجب أن تكون في ترسيم الحدود البرية.
التصعيد جنوباً
اما الواقع الميداني على الجبهة الجنوبية فلم يختلف بحدته واحتدامه امس عن الأيام الثلاثة التي سبقته. واعلن “حزب الله” انه هاجم ثكنة زبدين كما هاجم موقع ثكنة برانيت مركز قيادة الفرقة 91 بصاروخي “بركان” ما تسبب باضرار كبيرة فيها. كما اعلن استهدافه قوة مشاة إسرائيلية في تلة الكرنتينا قرب موقع حدب يارون كما اعلن انه استهدف تجمع مشاة إسرائيليا في محيط موقع الضهيرة بالقذائف المدفعية وحقق فيه اصابات مباشرة. وإستهدف ايضا بالصواريخ والقذائف المدفعية تجمع مشاة إسرائيلي في مثلث الطيحات . كما اعلن بعد الظهر انه استهدف “بواسطة ثلاث مسيرات هجومية مراكز تجمع جنود الاحتلال الاسرائيلي غرب كريات شمونة وحققوا فيها اصابات مباشرة.
في المقابل، اعلن الجيش الإسرائيلي انه “قصف مواقع في لبنان أطلقت منها قذائف صاروخية باتجاه مدينة كريات شمونة”. وافيد عن اعتراض 3 مُسيّرات في أجواء الجليل الأعلى. وتعرضت اطراف بلدات يارين ، الضهيرة وطيرحرفا ورب الثلاثين ومحيبيب والجبين ويارين لقصف مدفعي. كما قصفت المدفعية الاسرائيلية اطراف بلدة حولا ووادي السلوقي وحرش هورة بين ديرميماس وكفركلا. وسجل قصف على تلة العزية خراج ديرميماس، وحاصرت نيران القذائف راع في الوادي بين حولا ومركبا. وتعرضت المنطقة الواقعة ما بين بلدتي رميش وعيتا الشعب لقصف مدفعي مركز.
واستهدف قصف مدفعي اسرائيلي كنيسة مار جرجس في بلدة يارون – قضاء بنت جبيل والحق فيها أضرارا كبيرة من الداخل والخارج .
كما استهدفت المدفعية الاسرائيلية منزل عضو هيئة الرئاسة في حركة” أمل” النائب قبلان قبلان في منطقة الجبل في ميس الجبل. وقصفت مروحيات اسرائيلية أطراف بلدة مارون الراس.
وأطلق السفير الروسي ألكسندر روداكوف تحذيرا من خطورة الوضع في الجنوب فأوضح بعد لقائه وزير الخارجية عبد الله بو حبيب “نحن على تواصل دائم حيث نناقش بعض المواضيع والمصالح سواء كانت ثنائية او دولية”.اضاف “كما تحدثنا عن الوضع في لبنان والجنوب وهو خطير جدا ولا بد من وقفه، والأحداث في المنطقة خصوصا في غزة، ونحن في كل المحافل الدولية ننادي بالسلام ووقف العمليات الحربية والعسكرية”.
اما في المشهد الداخلي فلم يطرأ أي جديد على صورة الازمة المتصلة بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون. وغداة مواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الصارمة الرافضة اي تعديل في قيادة المؤسسة العسكرية، زار وفد من “تكتل الجمهورية القوية” بكركي امس بتكليف من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع. وطلب الوفد “عدم المخاطرة بأمن لبنان وسلامة اللبنانيين وتطبيق القرار 1701 “، مشيرا الى “اننا عبّرنا لسيد الصرح عن إرادتنا التمديد لقائد الجيش الحالي العماد جوزف عون. ففي ظل الوضع المتفجّر وفي هذا الظرف لا يجوز تغيير قيادة الجيش كما ان لا يجوز تعيين قائد في غياب رئيس الجمورية”، مؤكدا “اننا نريد قائدا للجيش غير مسيّس وأي قائد جيش سيتم تعيينه اليوم سيكون مسيّساً من قبل الجهة التي ستعيّنه”.