لا تقل الخطوة الاستنفزازية السافرة التي أعلنتها حركة “حماس” – لبنان لإنشاء ما سمته “طلائع طوفان الأقصى” في لبنان عن التماهي مع ما يسمى”سرايا المقاومة” التي انشأها “#حزب الله” كميليشيا شعبية تضم أنصارا الى جانب التنظيم القتالي. ذلك ان انخراط “حماس” الميداني في المواجهات مع إسرائيل منذ الثامن من تشرين الأول الماضي الى جانب “حزب الله” شكل انزلاقا شديد الخطورة في إشراك تنظيم #فلسطيني في القتال الى جانب التنظيم اللبناني الذي يغطيه تشريع “المقاومة” لا ينسحب على تنظيم فلسطيني أساسا. ومع ذلك صممت الدولة اللبنانية وابتلعت لسانها وتعاملت مع التطور الخطير الذي تمثل في عودة شبح استباحة الجنوب والتفلت المتعدد السلاح والانتماء تعامل الزوج المخدوع ، كما صمت الكثير من الافرقاء السياسيين تحت وطأة الترهيب او المسايرة اوالتعامي لئلا يتعرضون لحملات التخوين وكأن المواجهة مع إسرائيل يجب ان تقترن بضرب بقايا الشرعية والا ..
تبعا لهذا الصمت المتخاذل رسميا وسياسيا جاء التحدي الصارخ للشرعية اللبنانية امس على لسان “حركة حماس” – لبنان اشبه باستفزاز متعمد من خلال الدعوة الى تعبئة او استنفار للمناصرين الفلسطينيين، وربما لاحقا غيرهم، للانضمام الى هيكل ميليشيوي جديد مرتبط بـ”حماس” معيدا بقوة الى الذاكرة اللبنانية هواجس التجارب القاتلة التي استباحت لبنان عشية تفجيره في حرب 13 نيسان 1975 . ولعل الأخطر في هذا الانزلاق انه سيضع حليف “حماس” اللبناني وشريكها أي “حزب الله” امام الأسئلة الساخنة المصيرية ليس من خصومه، بل من حلفائه وبيئته أولا عما اذا كان قابلا او موافقا او مرغما على قبول هذه الخطوة وتداعياتها المنذرة بكل التحدي للدولة والجيش والأمن والشرعية قاطبة. وهل طريق مساندة الشعب الفلسطيني في مواجهة مجازر إسرائيل في غزة تمر حكما بهذه الاستباحة الوقحة للدولة اللبنانية والمشاعر اللبنانية المتضامنة الى حدود قياسية غير مسبوقة مع الشعب الفلسطيني وقضيته المحقة ؟
والحال ان الاستفزاز الجديد تمثل في بيان صدر عن حركة “حماس” – لبنان جاء فيه “تأكيداً لدور الشّعب الفلسطينيّ في أماكن تواجده كافة، في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة والمشروعة. واستكمالاً لما حققته عمليّة “طوفان الأقصى”، وانتصارًا لصمود شعبنا الفلسطيني الصابر ومقاومتنا الباسـلة… تعلن حركة المقاومة الإسلاميّة – حماس في لبنان، تأسيس وإطلاق “طلائع طوفان الأقصى”. فيا أبناء شعبنا، أيّها الشباب والرّجال الأبطال، انضمّوا إلى طلائع المقاومين، وشاركوا في صناعة مستقبل شعبكم، وفي تحرير القدس والمسجد الأقصى المبارك”.
مواقف
في غضون ذلك ذكر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط بأن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله قال ان ثمّة جبهة في لبنان مُساندة لحماس، وأضاف جنبلاط : “أنا أقول يجب ألا نُستدرج إلى الحرب بمواجهة إسرائيل وحتى هذه اللحظة ثمّة احترام لقواعد اللعبة”. وتابع: “ثمّة وقف إطلاق النار جرى في العام 2006 وصدر حينها القرار 1701 وعلينا جميعاً احترام هذا القرار لأن الإخلال به يعني انسحاب القوات الدولية ونُصبح أمام حالة حرب كاملة وهذا ليس لصالح لبنان أو القيّمين في لبنان والمنطقة”.
واثارت خطوة “حماس” ردود فعل غاضبة ومنددة فاعلن رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل: “طلائع الأقصى” في فلسطين وليس في لبنان ولا من لبنان.”
وقال رئيس “#التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل : “نرفض بالمطلق اعلان حركة حماس كما نعتبر ان اي عمل مسلح انطلاقاً من الاراضي اللبنانية هو اعتداء على السيادة الوطنية. نذكّر بما اتفق عليه اللبنانيون منذ الـ٩٠ في الطائف بوجوب سحب السلاح من الفلسطينيين في المخيمات وخارجها وبما اجمعوا عليه من الغاء اتفاقية القاهرة التي شرّعت منذ ١٩٦٩ العمل المسلح للفلسطينيين انطلاقاً من لبنان. لبنان صاحب حق يقوى “بمقاومته الوطنية” لاسرائيل دفاعاً عن نفسه، ويضعف بإقامة حماس لاند في الجنوب من جديد للهجوم على اسرائيل من اراضيه. يجب ان يكون التاريخ قد علّمنا كيف لا نتحوّل لورقة مساومة في زمن الحروب عندما نستطيع ان نفرض شروطنا على الطاولة في زمن المفاوضات”.
واكد النائب مارك ضو ان “لبنان دولة وليس ساحة ولا يحق لحماس استباحة لبنان، نتضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته ولكن لن نرضى ان تستعمل القضية كحجة لإستباحة لبنان وتنظيم قوى مسلحة من غير اللبنانيين. على قيادات حماس التراجع عن تلك الخطوة مباشرة او نعتبر ذلك عملا عدائيا ضد اللبنانيين وإخلالا بأمنهم “.
ووصف “لقاء سيدة الجبل” اعلان “حماس” تطويع عناصر مسلحة في لبنان بانه ” خطوة استفزازية لعموم اللبنانيين المؤمنين بلبنان وسيادة دولته ودستوره وقوانينه ” وحمل “ايران وواجهتها حزب الله تبعات محاولة الاستفادة من فراغ الحكم لتمرير مقولة ان لبنان ارض جهاد ومنطلق لتحرير فلسطين ” وتوجه “بأقسى تعابير اللوم على التقصير الى جميع المسؤولين في الحكومة والجيش” ودعا الى “اعتصام سياسي وشعبي داخل البرلمان وخارجه اعتراضا على بيان حماس باعتباره انقلاباً وتمردا”.
اما على الصعيد الميداني فسجلت امس أيضا ، اسوة باليوم الذي سبق ، حماوة كبيرة على الحدود الجنوبية التي كانت مسرحا لسلسلة هجمات لـ”حزب الله” وقصف مدفعي وجوي مركز للقوات الإسرائيلية. فقد اعلن الحزب في سلسلة بيانات عن هجمات استهدفت تجمعاً للجنود الإسرائيليين في حرج شتولا وموقع الراهب وموقع البغدادي وموقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا وتجمعاً للجنود الإسرائيليين شرق مسكاف عام وقوة مشاة إسرائيلية في كرم التفاح شرق ثكنة برانيت وموقع الراهب وقوة مشاة إسرائيلية في حرج شتولا.
وفي المقابل نفذت مسيرة اسرائيلية غارة جوية استهدفت منزلا خاليا قرب مجمع موسى عباس في الطرف الشمالي لمدينة بنت جبيل ، وافيد عن اصابة مواطنة وابنها بجروح طفيفة. وتزامن ذلك مع قصف مركز بالمدفعية طاول منزلا قرب حديقة مارون الراس، كان استهدف سابقا ايضا. وطاول القصف الاسرائيلي العديسة كما سقطت قذيفتان على تلة حمامص في سردا، وسقطت قذيقة مدفعية عند اطراف اللبونة. وتعرضت المنطقة بين كفركلا و العديسة لقصف بالقنابل الفوسفورية. وطال القصف المدفعي ايضا منطقة حامول اطراف الناقورة، ومحيط بلدة طيرحرفا والجبين واطراف بليدا وبلدة الوزاني. وشن الطيران الحربي الاسرائيلي غارات على اطراف عيتا الشعب ومزرعة سلامية خراج كفرشوبا واطراف رامية والقوزح. واعلن الجيش الإسرائيلي انه قصف مخزنا للسلاح لـ”حزب الله” .
ملف التمديد
وسط هذه الاجواء، بقي ملف التمديد لقائد الجيش #العماد جوزف عون في صدارة الاهتمام المحلي. ولم يحدد رئيس مجلس النواب #نبيه بري بعد موعدا لانعقاد هيئة مكتب المجلس وسط حالة ترقب من “القوات اللبنانية” وكتل اخرى للبناء على الخيارات التي ستتخذ . ولا يزال رئيس المجلس يعول على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للتوصل الى مخرج عن طريق الحكومة وسيلتقي بري وميقاتي اليوم وسيناقشان باسهاب هذا الموضوع.
ونقل زوار ميقاتي عنه بانه سيعالج الموضوع بعناية شديدة مع ابداء كامل حرصه على المؤسسة العسكرية وعدم تعريضها لخضات.
وقبل ان يحدد بري موعدا لعقد هيئة مكتب المجلس كرر ان على الحكومة ان تقوم بواجبها في هذا الخصوص وان لا تتلكأ في هذه المهمة رغم الصعوبات التي تعترضها. وان الوقت لا يزال يسمح لها بحسم هذا الموضوع الذي يشكل مادة انقسامية بين الافرقاء حيث لكل واحد حساباته الخاصة وغير المحصورة بمن يكون على رأس قيادة الجيش بل تتعلق ايضا بكيفية التعاطي مع انتخابات الرئاسة.
وعندما يدعو بري مكتب المجلس الى الالتئام مع ترجيح الا يكون هذا الاسبوع فهذا يعني انه قد توجه بالفعل الى تحديد موعد للجلسة التشريعية التي تحتاج الى حضور 65 نائبا.
في السياق، كتب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على حسابه عبر منصة “إكس”: “نحن اليوم في 4 كانون الأول. ولا زلنا في انتظار الرئيس نبيه بري ليدعوَ إلى جلسة لمجلس النواب كما وعد بغية تجنيب المؤسسة العسكرية أي هزة أو فراغ أو فوضى لا سمح الله”.
وهاجم “التيار الوطني الحر” امس “القوات اللبنانية ” معتبرا أن”لا داعٍ لتوتر “القوات” أو تبرير سعيها للتمديد يكفي أنّها انقلبت على موقفها من وجوب عدم حضور اي جلسة تشريعية الى قيامها بتقديم اقتراح قانون التمديد والاعلان عن حضورها جلسة من عشرات البنود غير الضرورية، ليتيقن الرأي العام الى أي مدى هي “غب الطلب” للقوى الخارجية وتستجيب لطلباتها، سواء كانت سفيراً اميركياً او موفداً فرنسياً، لا فرق. المهم أن احترام السيادة الوطنية واستقلالية القرار لديها مجرد شعار ووجهة نظر!”