على مشارف الساعات الـ 48 الأخيرة من السنة 2023 وما تحملها من آمال لا يملك ال#لبنانيون سواها في تبديل مسار مأزوم وضاغط وثقيل للازمات التي تطبق على حياتهم وأعمالهم وتطورهم ومستقبل أولادهم، يبدو مجمل المصير اللبناني رهينة “وديعة” او “تركة” تنتقل الى السنة 2024 يجسد وجهها الأول عند الحدود جنوب متفجر ينذر بتطوراته الميدانية بانزلاق الى الأسوأ، فيما يجسد وجهها الثاني في الداخل ازمة فراغ رئاسي متماد باتت تهدد بتحلل الدولة والنظام والإطاحة بكل الأصول الدستورية. ولعل المفارقة السلبية التي تلازم هذا الواقع تتمثل في ان الخواء السياسي الداخلي ترك لبنان في حالة سلطوية وسياسية لم يعرف مثيلا لها حتى في تجارب الحرب، اذ تأفل سنة وتحل سنة جديدة ولا من مسؤول او سلطة يملكان التوجه الى اللبنانيين بما يضيء على ما ينتظرهم او بما يشكل الحد الأدنى من ضمانات مطمئنة الى حلول آتية. بل ان الأنكى من هذا الخواء الرسمي والسياسي المسؤول، ان وجهي الازمة الداخلية والحدودية ينتظران سواء بسواء تدخلا خارجيا من هنا ووساطة خارجية من هناك لكي يصار الى تحريك الجهود الآيلة الى منع انزلاق غدا اكثر من خطير في الأيام الأخيرة نحو اتساع المواجهة على الحدود الجنوبية، كما الى احياء “رميم” الوساطات حيال ازمة الفراغ الرئاسي وتداعياتها المختلفة. ولعل الجديد الوحيد الذي يعتد به في هذا السياق برز مع معلومات ترددت في الساعات الأخيرة، وان لم تتأكد رسميا بعد، حيال اعتزام البيت الأبيض إعادة ايفاد كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين الى بيروت في منتصف كانون الثاني المقبل لإحياء جهوده في شأن ترسيم الحدود البرية بين لبنان و#إسرائيل، علما ان هذه المهمة تأتي في عز تصاعد المواجهات الميدانية بين إسرائيل و”#حزب الله”، وربما تشكل محاولة أميركية متقدمة لتبريد المواجهات والشروع في وساطة جدية تعيد زمام الأمور الى الديبلوماسية. وبرز في هذا السياق تحذير جديد اطلقه امس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من ان “تبادل إطلاق النار عبر حدود إسرائيل ولبنان ينذر بتصعيد أوسع ويؤثر على الاستقرار”.
ومع انتهاء مهمة السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا والاستعدادات لوصول السفيرة الأميركية الجديدة ليزا جونسون قبل منتصف الشهر المقبل، كتب هوكشتاين على حسابه عبر منصة “أكس”: “نودع اليوم دوروثي شيا، إحدى أفضل الديبلوماسيين لدينا وأفضل سفيرة للولايات المتحدة في لبنان”. وتوجّه هوكشتاين إلى شيا، قائلاً: “بطلة عظيمة لعلاقة القوية بين الولايات المتحدة ولبنان، كان شرفًا وامتيازًا أن يكون لدينا شريكة متميزة في بيروت، لقد حققنا الكثير وسنفتقدك”.
المواجهات
في غضون ذلك تواصل تصعيد المواجهات الميدانية في الجنوب واعلن الجيش الإسرائيلي انه “قصف مجموعة مسؤولة عن إطلاق صواريخ مضادة للدبابات في بلدة عيترون في لبنان”. ومن جانبه، اعلن حزب الله ” انه استهدف رافعة تحمل تجهيزات ومعدّات تجسّس في مزارع دوفيف كما استهدف مرتين موقع حدب يارون وموقع المرج مرابض مدفعية في خربة ماعروتجمعًا للجنود الاسرائيليين في موقع رامية وأماكن انتشارهم بين ثكنة زرعيت وموقع بركة ريشا ورويسة القرن في مزارع شبعا.
ووسط استمرار الصمت والتجاهل الرسميين للاستفزازات التي تعرضت لها قوة “اليونيفيل” في بلدات حدودية، ذكرت نائبة الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” كانديس ارديل، أنّ “حادثة الاعتداء على القوات الدولية هي انتهاك للقانوني الدولي والقرار 1701 والقانون اللبناني”، في إشارة إلى حادثتي بلدتي الطيبة وكفركلا. وشددت على ضرورة أن “تمنح اليونيفيل حرية الحركة لتتمكن من اداء مهماتها”، معربة عن قلقها من التطورات جنوباً بحيث يمكن ان تؤدي اي حادثة الى تصعيد غير مسبوق. ولفتت ارديل إلى “أننا نتعاون وننسق مع السلطات اللبنانية بشكل متواصل في موضوع الحادثتين هذ االأسبوع، والأمر جدّي للغاية بالنسبة إلينا، لأن العناصر هم من حفظة السلام هنا في #جنوب لبنان لتأمين الاستقرار والسلام في المنطقة واي اعتداء عليهم نأخذه على محمل الجد وهو انتهاك للقانون الدولي والـ1701 وللقانون اللبناني وقد طلبنا من السلطات اللبنانية التحقيق في الموضوع لمنع تكراره لأن النساء والرجال يتواجدون هنا في جنوب لبنان لمساندة الشعب، والتأكد من العودة الى الوضع الذي كنا عليه من قبل”. وحول موضوع حرية التحرك للقوات الدولية، اعتبرت ارديل أن “من الأهمية بمكان أن نتمتع بحرية الحركة والا سنكون عاجزين عن تطبيق القرار 1701 والذي يهدف الى اعادة لبنان الى حالة الاستقرار والأمن وان لم نتمتع بحرية الحركة لن نتمكن من القيام بمهامنا”.
الرئاسة
اما في السياق السياسي فأكّد رئيس حزب “#القوّات اللبنانيّة” #سمير جعجع أن “مطلبنا الوحيد هو أن يكون رئيس الجمهوريّة العتيد رئيسًا فعلياً، بكل ما للكلمة من معنى، وليس مجرد صورة تعلّق في قصر بعبدا، وبالتالي لن نقبل الإتيان برئيس للجمهوريّة يؤمن الإستمراريّة للأوضاع الراهنة”. وأوضح جعجع أن “لا علاقة لتطبيق الـ1701، لا من قريب ولا من بعيد بسدّة الرئاسة، فمن يريد تطبيق أي مسألة، إما أن يكون مقتنعاً بها أو لا، ومن يريد أن يعطي بديلاً لشيء من الممكن تحقيقه، ليعطه من جيبه لا من جيبنا الأمر الذي نرفضه على الإطلاق”.وشدد على “أننا سنقوم بكل ما يمكننا القيام به في سبيل إجراء الانتخابات الرئاسيّة في أقرب وقت ممكن، ولا سيّما أنه لا مصلحة خاصة لنا في هذا الشأن، من هنا نتمتع بحريّة التحرّك للوصول إلى الخواتيم المرجوّة، ولكن لدينا مطلب واحد: أن يكون الرئيس المقبل رئيساً فنحن لا نطالب بشخصيّة محدّدة أو مصلحة معيّنة أم نسعى إلى وزارات أو حقائب أو أي مكسب شخصيّ”.
#التعميم 151
وسط هذه الأجواء توافرت معطيات مالية لـ”النهار” تؤكد ان حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري لن يجدّد العمل بالتعميم 151 الذي كان يتيح سحب المودعين دولاراتهم بقيمة 15 الف ليرة للدولار. واذا كان #المصرف المركزي ينتظر اقرار الموازنة المالية لتحديد طريقة التعامل مع ملف سحب الايداعات، فإن التوجه عند المركزي لاتخاذ تدبير يقضي بالسحب من الايداعات بالدولار وفق مبلغ معيّن شهرياً، لضمان عدم خسارة المودعين اموالهم. ويشير مصرفيون الى عدم قدرة المصارف على ترجمة قرار الحكومة المرتقب في الموازنة المالية بسحب الايداعات وفق سعر السوق اي ٨٩٥٠٠ ليرة، لعدم امتلاك المصارف اموال كافية من جهة، ولتعرض الليرة لضغوط تُفقدها قيمتها من جهة ثانية. لذلك، فإن التدبير المرتقب من حاكمية المصرف المركزي هو السحب بالدولار وفق مبالغ محدّدة شهرياً، تمنع هدر اموال المودعين وتحفظ حقوقهم، ريثما يُقر المجلس النيابي سلة اصلاحية شاملة.
وبحسب المعلومات فإن تدابير المركزي المرتقبة مطلع السنة الجديدة ستحفظ الاستقرار النقدي القائم، وتعزّز العناصر التي اعتمدها منصوري، والتي ادّت الى زيادة الاحتياطي مبلغ ٧٥٩ مليون دولار منذ استلامه ولغاية الآن. علماً ان الحكومة تقوم بدفع مستحقات الشركات والمتعهدين بالليرة اللبنانية، من دون ان يؤثر ذلك على سعر الصرف في السوق، بسبب الاجراءات والضوابط التي يعتمدها المركزي منذ مطلع شهر اب الماضي.