اذا كانت الكلمة الثانية المنتظرة للامين العام لـ”#حزب الله” السيد حسن نصرالله بعد اغتيال الرجل الثاني في “حماس” صالح العاروري في الضاحية الجنوبية، لم تحمل ما يصنف في خانة المفاجأت او المعطيات الاستثنائية، علما انها تضمنت تكرارا لوعيده برد “من الميدان” على “الانكشاف الخطير”، فان الحركة الديبلوماسية الغربية في اتجاه لبنان ظلت تتصدر العناوين العريضة للوقائع المتصلة بالمواجهات الميدانية الحدودية بين “حزب الله” وإسرائيل. وفيما تأكد ان المبعوث الأميركي الرئاسي آموس هوكشتاين لن يزور بيروت بعد زيارته الأخيرة لإسرائيل وقبل وصول السفيرة الأميركية الجديدة ليزا جونسون الى عوكر والشروع في مهمتها، تشغل الزيارة التي يقوم بها الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل لبيروت المشهد الداخلي علما انها زيارة تكتسب دلالات بارزة لأعلى مسؤول في الاتحاد الأوروبي لبيروت منذ زمن غير قصير.
غير ان تطوراً لافتاً ميّز هذه الحركة الديبلوماسية مع مبادرة #وزارة الخارجية الفرنسية الى “إنعاش” مهمة الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي ايمانويل #ماكرون وتقديم نتائجها امس في عز الاحتدام الأمني عند #الحدود الجنوبية.
ذلك انه ردا على سؤال حول النتائج التي تم الحصول عليها حتى الان بعد سبعة اشهر من الزيارات المتتالية للممثل الشخصي للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان، اعلن الناطق الرسمي المساعد باسم الخارجية الفرنسية امس ان “تعيين جان ايف لودريان ممثلا شخصيا لرئيس الجمهورية في لبنان منذ حزيران ٢٠٢٣ ساعد على اعادة تعبئة الطبقة السياسية اللبنانية في سياق استقطاب قوي وشغور رئاسي منذ ٣١ تشرين الاول ٢٠٢٢”. وأشار الى انه “خلال الرحلات الاربع التي قام بها الى بيروت بعد تعيينه التقى بجميع الجهات الفاعلة السياسية الممثلة في البرلمان. وتمكن من اقناع محاوريه باتخاذ موقف، والتعبير عن توقعاتهم بشان المشاريع ذات الاولوية لرئيس الجمهورية المقبل والصفات المطلوبة لتنفيذها. وهكذا استخرج خطوطا للتقارب داخل الطبقة السياسية اللبنانية وهو مستمر بالقيام بذلك.” واضاف “بينما تتكثف التوترات في جنوب لبنان في سياق الحرب في غزة، نقل لودريان دعوة الرئيس ايمانويل ماكرون لتجنب حريق اقليمي لن يتعافى منه لبنان. وفي هذا السياق الجديد، دعا ايضا القوى السياسية الى ان لا يكون تمديد ولاية قائد الجيش رهينة اللعبة السياسية. وساعد ذلك في تجنب الشغور في منصب قيادة القوات المسلحة اللبنانية.” وقال “حشد الممثل الشخصي للرئيس ماكرون الشركاء الدوليين الرئيسيين للبنان لا سيما على المستوى الاقليمي مثل المملكة العربية السعودية وقطر بحيث يظل لبنان اولوية بالنسبة لهم. واصبح التنسيق الان قويا لرسم الخطوات التالية التي يمكن ان تؤدي الى مخرج للازمة.”
وفي ما يعكس التنسيق الجاري بين دول الخماسية حيال لبنان، أعلنت السرايا امس ان الرئيس نجيب ميقاتي تلقى اتصالا هاتفيا من رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم ال ثاني ناقشا خلاله الوضع في لبنان وآخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة . وشدد ميقاتي على ضرورة تحرك المجتمع الدولي فورا لوقف الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي وعبر عن خطورة المحاولات الرامية الى جر لبنان الى حرب إقليمية مشددا على ان اتساع العنف ودائرة النزاع في المنطقة ستكون له عواقب وخيمة في حال تمددها لا سيما على لبنان ودول الجوار.
ومن المقرر ان يلتقي ميقاتي اليوم بوريل الذي يلتقي ايضا رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) اللواء أرولدو لاثارو. وأوضحت بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت أن الزيارة “ستشكل مناسبة لمناقشة جميع جوانب الوضع في غزة وحولها، بما في ذلك تأثيره على المنطقة، ولاسيما الوضع على الحدود الجنوبية، فضلاً عن أهمية تجنب التصعيد الإقليمي واستمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، والتي رفعها الاتحاد الأوروبي أربع مرات لتصل إلى 100 مليون يورو”. وقالت: “سيعيد الممثل الأعلى التأكيد على ضرورة دفع الجهود الديبلوماسية مع المسؤولين الإقليميين بغية تهيئة الظروف للتوصل إلى سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين وفي المنطقة”.
الكلمة الثانية
في غضون ذلك غلب على الاطلالة الثانية للسيد حسن نصرالله خلال الاسبوع الجاري طابع عرض جردة شاملة بالعمليات التي نفذها مقاتلو “حزب الله” منذ بدء المواجهات قبل ثلاثة اشهر بما أوحى بان نصرالله تعمد بذلك الرد على ما يتصاعد من تساؤلات وشكوك وانتقادات وتبرير جدوى “استراتيجية المشاغلة “التي يتبعها الحزب منذ عملية طوفان الأقصى وحرب غزة. كما انه ربط أي مفاوضات في شأن الحدود اللبنانية بوقف العدوان على غزة أولا. وقال في كلمته في ذكرى مرور أسبوع على وفاة النائب السابق محمد حسن ياغي، في حسينية مقام السيدة خولة في بعلبك: “على امتداد أكثر من 100 كلم وما يزيد عن 90 يومًا تمّ استهداف كلّ المواقع الحدودية المعادية وعدد كبير من المواقع الخلفية والمستعمرات ردًا على الاعتداءات على المدنيين”. اضاف: “لم يبقَ موقع حدودي إلّا واستُهدف مرات عدة ” مشيرا الى ان “حزب الله” نفّذ ما يزيد على 670 عمليةً خلال 3 أشهر وتم إستهداف 48 موقعاً حدودياً أكثر من مرة.
واضاف: “في كيان العدو الخبراء يقولون إن عدد القتلى الحقيقي هو ثلاثة أضعاف ما يعلنه الجيش وهو مجبور على التكتّم لكي لا يذهب الى حرب يعرف أنها صعبة جداً… لمن سأل عن الفائدة لفتح الجبهة الجنوبية أقول أن هدف هذه الجبهة امران الاول الضغط على حكومة العدو من أجل وقف العدوان على غزة كما حصل في باقي الجبهات منها العراق واليمن، والهدف الثاني تخفيف الضغط عن المقاومة في غزة ميدانياً”. وقال: “العمليات كانت مستنزفة جداً للعدو الذي مارس تكتماً شديداً على خسائره الكبيرة والمعركة التي تجري في جنوب لبنان ثبّتت موازين الردع ونحن أمام فرصة تاريخية اليوم لتحرير كل شبر من أرضنا اللبنانية ومنع العدو من إستباحة حدودنا وأجوائنا”. واكد ان “ما حصل من خرق للضاحية الجنوبية لا يمكن أن يمرّ ولن يكون بلا ردّ وبلا عقاب والقرار هو للميدان”، مشيرا الى ان “إذا سكتنا على قتل العاروري فسيصبح لبنان مكشوفاً والرد آتٍ لا محالة”.
وقال “اليوم الاسرائيلي يثبت معادلات الردع التي أسست لها المقاومة منذ سنوات طويلة، وهذا يفتح للبنان فرصة أن يتمكن بعد توقف العدوان على غزة من تحرير بقية أرضه من منطقة الـb1 إلى بقية مزارع شبعا وكل شبر من أرضنا، ونحن أمام فرصة حقيقية لتثبيت معادلة تمنع فيها العدو من اختراق سيادة بلدنا وهي فرصة فتحتها هذه الجبهة من جديد.. لكن أي كلام أو تفاوض أو حوار لن يكون أو يوصل أي نتيجة إلا بعد وقف العدوان على غزة”.
وفي هذا السياق، اوعز وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الى مندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة، “بناء لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، بتقديم شكوى امام مجلس الامن الدولي عقب اعتداء اسرائيل على منطقة سكنية في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت”.
وتضمّن نص الشكوى المرفوعة ان “هذا الإعتداء يمثل الفصل الأكثر خطورةً في مسلسل الاعتداءات حيث شكّل تصعيداً هو الأول من نوعه منذ العام 2006، كونه قد طال هذه المرة منطقةً سكنية شديدة الإكتظاظ في ضاحية العاصمة بيروت، وإنتهاكا اسرائيليا سافرا لسيادة لبنان، وسلامة أراضيه، ومواطنيه، وحركة الطيران المدني، وهو أمرٌ يدعو للقلق لأنه قد يؤدي إلى توسع رقعة الصراع وزعزعة الأمن والسلم الإقليميين”.