لعلّ الواقعية التامة التي طبعت ما نقله الموفد الأميركي كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة أموس #هوكشتاين إلى بيروت امس، شكلت مبعث أمل حقيقيا لدى المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم في امكان احتواء الواقع الميداني والتصعيدي عند الحدود الجنوبية مع #إسرائيل ولو لم يعبروا عن ذلك علنا في انتظار رصد ما ستتركه “اقتراحات” أودعها في لبنان وإسرائيل. اذ انه طبقا لما أوردته “النهار” امس، فان مهمة هوكشتاين تشمل شقين متدرجين على قاعدة تبريد الجبهة الميدانية أولا، ومن ثم الانطلاق في مفاوضات غير مباشرة لحل ديبلوماسي. والمعلومات المتوافرة تشير الى ان هوكشتاين يعمل على الصيغة التي تشكل جوهر حركته ووساطته، وينطلق في تلك الصيغة من القرار الدولي 1701 الذي يريده ركيزة للحل الديبلوماسي، مستبعداً الخيار العسكري، وداعياً في كل لقاءاته إلى ضرورة العمل بأقصى درجات الحذر وضبط النفس لمنع الانزلاق إلى الحرب الموسعة، مؤكداً الضغوط التي تمارسها بلاده في كل الاتجاهات ولا سيما في اتجاه إسرائيل لمنع انزلاق كهذا. هو اكد ان امام لبنان فرصة جدية لبداية حل جدي لتطبيق الـ 1701 والتركيز يجري حالياً على الآليات التي ستسمح بذلك في ظل النقاط الخلافية الأساسية التي لا تزال عالقة.
وعلمت “النهار” ان هوكشتاين لم يحمل عرضا بل مجموعة من الافكار. وسمع من رئيس مجلس النواب نبيه بري ضرورة وقف اسرائيل حربها في غزة وجنوب لبنان. وسبق لهوكشتاين ان ناقش هذه الأفكار مع الجانب الاسرائيلي.
وفي المعلومات انه جرى التركيز في اجتماعاته على التمسك ب#القرار 1701 وان اي ترتيبات على الحدود في الجنوب مع اسرائيل لا يمكن البحث في تفاصيلها قبل وقف المواجهات العسكرية. وكان هناك تشديد من جانب #الرئيس بري ان تشمل كل عملية تثبيت الحدود في البر ومعالجة كل النقاط من الى b1 في راس الناقورة وصولا الى مزارع شبعا اللبنانية المحتلة. وردا على سؤال اذا طرح هوكشتاين ابعاد “#حزب الله” من البلدات الحدودية، رد بري : اذا كان هذا المطروح فليطبق عندها (اسرائيل) أيضا”.
الزيارة الخاطفة لهوكشتاين بدأت بلقاء قائد الجيش العماد جوزف عون ثم زار السرايا حيث التقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وشدد على “ضرورة العمل على تهدئة الوضع في جنوب لبنان، ولو لم يكن ممكنا التوصل الى اتفاق حل نهائي في الوقت الراهن”. ودعا الى “العمل على حل وسط مؤقتا لعدم تطور الامور نحو الاسوأ”. ثم التقى هوكشتاين رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، حيث أدلى على الاثر بتصريح قال فيه “نحن في مرحلة ووقت صعب وطارئ يتطلبان العمل بسرعة وأنا مسرور لأنني تمكنت من لقاء الحكومة اللبنانية وقائد الجيش للبحث في كيفية الوصول الى حل ديبلوماسي للأزمة على الحدود بين لبنان وإسرائيل … أننا نفضل الحلول الديبلوماسية للازمة الحالية، وانا اؤمن بقوة أن الشعب اللبناني لا يريد ان يرى التصعيد في الازمة الحالية لازمة أبعد من ذلك، لذا نحن بحاجة للوصول الى حل يسمح للشعب اللبناني العودة الى منازله في جنوب لبنان والعودة الى حياتهم الطبيعية، كما ينبغي ان يتمكن سكان الشمال في إسرائيل من العودة الى منازلهم والعيش في أمان، هذا هو هدفنا”. وقال:”لقد سمعتم ما قالته الحكومة الاسرائيلية بأن هناك نافذة ضيقة وانهم يفضلون حلاً ديبلوماسياً ، وأعتقد ان هذا هو الواقع نحن نعيش الآن في أزمة ونود ان نرى حلا ً ديبلوماسيا وأعتقد ان الجهتين تفضلان الحل الديبلوماسي ومهمتنا ان نصل الى هذا الحل”.
يشار الى ان هوكشتاين التقى في طريق مغادرته لبنان عبر #مطار رفيق الحريري الدولي السفيرة الأميركية الجديدة ليزا جونسون التي وصلت الى بيروت عصرا لتسلم مهماتها. وفي اول بيان لها قالت جونسون: “انا أقدر أهميّة التحديات التي يواجهها لبنان. وفي الوقت عينه، لدي إعجاب عميق بحيوية الشعب اللبناني والثقة بقدرة لبنان على النجاح. الآن، أكثر من أي وقت مضى، حان الوقت للبنان أن يجد حس الوحدة والهدف في الرغبة المشتركة لجميع أبنائه في السلام والازدهار وفي مستقبل أكثر إشراقا.”
التصعيد المتواصل
هذه الحركة الديبلوماسية لم تخفف من التصعيد الميداني الذي اتسم به الوضع في الميدان الجنوبي والحدودي حيث شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة بالقرب من مسجد حانين استهدفت مقر “الهيئة الصحية” واعلنت غرفة عمليات الدفاع المدني – الهيئة الاسلامية على الاثر “استشهاد عنصرين في الدفاع المدني – الهيئة جراء اعتداء صهيوني مباشر على مركز إسعافي في بلدة حانين هما علي محمود الشيخ علي (رشاف) وساجد رمزي قاسم (عيتا الشعب)”.
في المقابل، اعلن “حزب الله” استهداف تجمع للجنود الإسرائيليين في محيط موقع المطلة، كما استهداف التجهيزات التجسّسية في تلة الكوبرا بالأسلحة المناسبة ما أدّى إلى إصابتها وتدميرها”. ثم اعلن انه “ردا على الاعتداء على مركز الدفاع المدني التطوعي في بلدة حانين واستشهاد المسعفين الشهيدين علي محمود الشيخ علي وساجد رمزي قاسم استهدف بعد ظهر الخميس مستوطنة كريات شمونة بعشرات الصواريخ وتؤكد المقاومة مجددا انها جاهزة للرد الفوري على أي عدوان يطاول المدنيين”. وتحدث الإعلام الإسرائيلي عن اطلاق “حزب الله” صاروخًا دقيقًا نحو منشأة كهرباء في كريات شمونة مما أدى إلى انقطاع التيار في بعض المستوطنات.
و شن الطيران الإسرائيلي عصرا 4 غارات على بلدة الخيام كما شن غارة على اطراف بلدة يارين، في حين قصفت مدفعيته بلدة عيتا الشعب.
تحقيق المطار
الى ذلك تثابر الاجهزة الامنية على العمل منذ الاحد الماضي بإشراف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات على كشف ملابسات القرصنة الالكترونية التي احدثت خللا في شاشات المغادرة والوصول في مطار رفيق الحريري الدولي وتعطيل نظام نقل الحقائب.
ووصف مرجع قضائي لـ”النهار” الخرق الحاصل بانه “ليس بالامر الهين و”مش لعبة” ويحتاج الى مزيد من الوقت للانتهاء من تحليل الداتا من الاجهزة الامنية التي تعمل بتنسيق كامل في ما بينها”. واضاف انه لا يمكن الكلام عن ترجيحات اذا كان هذا الاعتداء الالكتروني من خارج البلاد او من داخله لأن كل شيء وارد، في وقت عادت الامور الى طبيعتها في المطار، جازما “ان ما حصل قصد توجيه رسالة فتنوية من مرفق يكاد يشكل موردا وحيدا في البلاد بدليل اثر الاعتداء على وقف الحجوزات عبر الشركات بعد ما شهده المطار من انتعاش وحركة تدفق في موسم الأعياد”. وشدد على اهمية التعامل بجدية مع الامن السيبراني ولاسيما ان ثمة مبدعين في التعامل مع الاجهزة الالكترونية وكون القرصنة الالكترونية والهاكرز هما سلاح جديد وسلاح المستقبل. وفهم ان الفيروس المعتدية غير محددة لكن ثمة خيوطا تقنية من شأنها ان تساعد الملف.
وقال القاضي عويدات لـ”النهار” ان التعاون والتنسيق بين الاجهزة الامنية جار على قدم وساق لجلاء ما حصل في المطار من كل جوانبه، مشيرا في اطار ما يتم تداوله انه لا توجد توقيفات ،كاشفا انه سيعلن عن تقرير تقني اداري عند جهوزه وهو يجري بالتوازي مع تقرير عدلي سيحال على النيابة العامة التمييزية .