IMLebanon

النهار: مئة يوم “المشاغلة”: رفض تسوية هوكشتاين للتهدئة

 

في الأيام الثلاثة الأخيرة، وخصوصا في اليومين الأخيرين، لم يكن امام اللبنانيين فسحة “ترف” لمتابعة أي تطور سياسي او امني او اجتماعي من شأنه ان يتقدم الواقع الكارثي الشامل لطوفان السيول والأمطار والانهيارات الذي عمّ تقريبا معظم المناطق اللبنانية. ظهر لبنان مجددا، وهذه المرة اكثر من أي وقت مضى، بواقعه المتخلف والعاجز والمقصر والمهمل خدماتيا على نحو فادح يتدحرج تباعا كلما هبت عاصفة طبيعية ووسط دوامة عقيمة سقيمة من التصريحات الرسمية والشكليات الفارغة التي تعكس الحجم والمدى الخطير لانهيار تحمل المسؤوليات والاضطلاع بالواجبات قبل أي انهيار اخر. وحده مشهد عكار المنكوبة بطوفان حقيقي وانهيارات عارمة، كان كافيا لتظهير حجم الكارثة التي تمددت طولا وعرضا وفي كل الاتجاهات لتغمر بفائض الطوفان الكرنتينا وضبية وطريق المطار والضاحية بمعظم مناطقها وصولا امس الى اقفال الشريان الحيوي عند جسر النملية في ضهر البيدر بسبب انهيار الأتربة وإقفال الطريق الدولية والتسبب باختناق سير لساعات مديدة.

 

مع ذلك، وفي معزل عن “الطوفان” الطبيعي، بدا لافتا ان الأنظار السياسية والديبلوماسية تركزت في مرور مئة يوم على “طوفان الأقصى” على آفاق ومصير “الجبهة الرديفة” في #جنوب لبنان الذي يصادف أيضا مرور مئة يوم على فتحها على يد “#حزب الله” في ما سماه “مواجهة المشاغلة والإسناد” ل#حركة “حماس” في #قطاع غزة. وإذ تزامنت ذكرى المئة يوم مع إطلالة جديدة للامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله امس في احتفال بذكرى أسبوع القيادي في “حزب الله” وسام حسن طويل الذي اغتالته إسرائيل في بلدة خربة سلم في الجنوب، بدا واضحا ان خلاصة الموقف الأساسي الذي انتهى الى إعلانه نصرالله يشكل رداً رافضاً على التسوية المرحلية التي اقترحها المبعوث الأميركي كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس #هوكشتاين الخميس الماضي الى بيروت والآيلة، كما بات معروفا، الى التهدئة الميدانية أولا لجبهة الجنوب وعودة “المهجرين” والنازحين اللبنانيين والإسرائيليين على جانبي الحدود ومن ثم الشروع في مفاوضات غير مباشرة حول النقاط الثلاث عشر المتنازع عليها على الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل من دون مسالة مزارع شبعا راهنا. ومع ان نصرالله أبقى الباب مفتوحا ضمنا للمفاوضات الحدودية بعد حرب غزة، الا انه بدا واضحا انه قطع الطريق على الجزء الأول من تسوية هوكشتاين. وهو اعتبر في كلمته انه “منذ 100 يوم وغزة تصمد، وهي في حالة صمود أسطوري، ويمكن أن يقال لا مثيل له في التاريخ، وهذا المسار إذا استمر في غزة أو الضفة أو اليمن أو لبنان أو العراق، فحكومة العدو لن يكون أمامها إلا الخضوع للمقاومة وإيقاف الحرب”. وقال “عمل الأميركيون وحلفاؤهم الغربيون على إحباط أو منع جبهات الإسناد وشنت حرب نفسية على هذه الجبهات وتسخيف هذه الجبهات في لبنان أو اليمن وهذا لم يصغ إليه وقد انتهى وسقط، والدليل على جدواها انتقال الأميركيين وحلفائهم إلى التهديد والوعيد في لبنان والعراق واليمن”. وتابع “يقول الأميركي إن إذا لم توقفوا في جبهة لبنان سيشن العدو حرباً عليكم وأنا أقول أن هذا الأمر لم يكن مجدياً منذ 100 يوم ولا يمكن أن يكون مجدياً في يوم من الأيام”. وشدد على ان “الذي يجب أن يخشى من الحرب والذي يجب أن يخاف من الحرب هي إسرائيل وجيش العدو ومستوطني العدو، هؤلاء الذين يجب أن يخافوا وليس لبنان، ونحن منذ 99 يوماً جاهزون للحرب ولا نخافها ولا نخشاها وسنقبل عليها، وكما قلنا سنقاتل من دون أسقف ولا ضوابط إذا فرضت علينا”. ولفت الى ان “الأميركي الذي يقدم نفسه حريصاً على لبنان عليه أن يخشى على أداته في المنطقة إسرائيل، لذلك موقفنا واضح أن جبهة لبنان من أجل دعم غزة ومساندة غزة والوقوف إلى غزة وهدفها وقف العدوان على غزة… فليتوقف العدوان على غزة وبعد ذلك لكل حادث حديث. الأميركي والبريطاني وغيرهم أتوا إلى المنطقة وسيسمعون في لبنان و#سوريا والعراق واليمن سيسمعون صوتاً واحداً: أوقفوا العدوان على غزة وبعد ذلك لكل حادث حديث”.

 

الرئاسة والاستقرار

 

وفيما اثار الموقف الحكومي المتبني لربط التهدئة في جنوب لبنان بوقف حرب غزة مزيدا من التداعيات السلبية، تساءل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته امس في بكركي “أين هو لبنان اليوم، والنافذون من كتل نيابيّة وأحزاب وذوو أهداف شخصيّة وفئويّة ومشبوهة يمعنون في بتر رأس الدولة بتعطيلهم انتخاب هذا الرأس، وإبطال ما يمليه الدستور بوضوح كنور الشمس؟ على ضوء هذا السؤال، لا يمكن القبول لا ماضيًا ولا حاضرًا ولا مستقبلًا بتغييب رأس الدولة، المسيحيّ المارونيّ، التزامًا بالميثاق الوطنيّ واتفاق الطائف، وتأمينًا لقيام دولة المؤسّسات. ولا يمكن القبول من جهةٍ ثانية أن تحصل وتسير قانونًا مفاوضات ومعاهدات واتفاقات هي حصرًا من صلاحيّات رئيس الجمهوريّة وفقًا للمادّة 52 من الدستور. ولا يمكن القبول من جهة ثالثة بربط انتخاب الرئيس بوقف الحرب على غزّة، لأنّ وجوده أفعل بكثير من أي وسيلة أخرى، لأنّه يحمل قضيّة الفلسطينيّين عاليًا على المستويين الإقليمي والدولي، ويحمي لبنان أرضًا وشعبًا وكيانًا”.

 

كما ان متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة اعلن في عظته انه “في ظل هذه الأوضاع أصبحنا أحوج من أي وقت مضى لرئيس يتسلم زمام الأمور، ويقود مع حكومته لبنان بعيدا من الحرب وعرس الجنون المحيط بنا، يكون ناطقا باسم لبنان ومفاوضا عنه، رافعا الصوت من أجل حماية حدوده وصون سيادته وتأمين السلام والاستقرار لشعبه” وقال:” نأمل أن يعلو صوت الحكمة والديبلوماسية على ضجيج المدافع، ويتم التوصل إلى وقف القتال وإيجاد حل عادل يضمن السلام والإستقرار والعدالة لفلسطين والمنطقة كلها، لأن الحرب لا تؤدي الا إلى الموت والدمار”.

 

التصعيد جنوباً

 

اما على الصعيد الميداني فتصاعدت المواجهات عقب مقتل أربعة مقاتلين من حركة “حماس” نجحوا في اختراق الدفاعات في مزارع شبعا المحتلة وتمكنوا من جرح خمسة جنود إسرائيليين . واستهدف الجيش الاسرائيلي منزلين في رب ثلاثين وقصف ميس الجبل وتعرّضت بلدة كفركلا لقصف بالقذائف المدفعية والفوسفورية ،ونفذ الطيران الحربي المعادي نفذ غارتين بالصواريخ استهدف منطقة “اللبونة” جنوبي بلدة الناقورة .وأفادت هيئة البث الإسرائيلية عن إصابة 5 جنود بجروح في اشتباكات في مزارع شبعا عند الحدود الشمالية مع لبنان فجر امس. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن جنوده قتلوا أربعة ‏مسلحين تسلّلوا من لبنان إلى إسرائيل في وقت متأخر من ليل ‏السبت.‏ وقال إن “دورية من ‏قواته في منطقة جبل روس رصدت المسلحين بعد تسللهم من ‏لبنان وتبادلت إطلاق النار معهم مما أسفر عن مقتل المسلحين ‏الأربعة”.‏

 

في المقابل أعلنت “كتائب العز الإسلامية” في بيان: “اخترق عناصرنا الشريط الحدودي في مزارع شبعا واشتبكوا مع دورية للعدو قرب موقع رويسات العلم من المسافة صفر وحققوا إصابات مؤكدة، وقد ارتقى ثلاثة عناصر فيما تمكن عنصران من العودة سالمين”.

 

أما “حزب الله” فاعلن في بياناته انه استهدف مرابض ‏مدفعية الجيش الإسرائيلي في خربة ماعر كما استهدف تجمعاً ‏للجنود الإسرائيليين في محيط موقع المرج كما اعلن ان قوة ‏القناصة استهدفت ظهراً التجهيزات التجسسية المستحدثة في محيط موقع المطلة وأصابتها إصابة مباشرة، ومن ثم استهدف قوة ‏عسكرية للجيش الإسرائيلي في مستوطنة كفر يوفال بالأسلحة المناسبة، مما أدى إلى وقوع عددٍ ‏من الإصابات في صفوف القوة بين قتيلٍ وجريح كما اعلن انه تصدى ‏‏‌‏‌‌‌‏لمُحلّقة ‏اسرائيلية فوق مروحين ممّا أدى إلى سقوطها . وتصاعدت حدة الوضع الميداني مساء بعدما شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة استهدفت منزلا في عيترون ومن ثم شن ست غارات متعاقبة على منطقة إقليم التفاح شمال الليطاني في جبل سجد وجبل صافي . وسجل على اثر هذه الغارات انقطاع التيار الكهربائي عن مدينة جزين ومنطقتي إقليم التفاح وجبل الريحان. واتهم متحدث باسم الجيش الإسرائيلي مساء “حزب الله” بقتل مدنيين مهددا بانه “سيدفع ثمنا باهظا ليس الليلة فقط بل أيضا في الأيام المقبلة”.