IMLebanon

النهار: اشتعال ميداني… والرئاسة إلى شلل مستعاد!

 

لم يكن تطورا عابرا ان تشهد الجبهة الجنوبية للحدود اللبنانية الإسرائيلية احتداما بمنسوب مرتفع جدا في اليومين الأخيرين على وقع خلفيتين تضعان هذه الجبهة في عين العاصفة ربما اكثر من جبهات غزة نفسها: الخلفية الأولى تتمثل في تهديد إسرائيل بانها ستمضي في المواجهات على الجبهة الشمالية مع “#حزب الله” حتى لو توقفت الحرب في غزة، الامر الذي يعد تطورا متقدما للغاية في رسم نيات الدولة العبرية حيال لبنان ووضع عودة المستوطنين الى الشمال وإبعاد “حزب الله” عن الحدود شرطا جوهريا لوقف المواجهات. وهو الأمر الذي يبدو انه السبب الأول والاساسي في الرد العنيف المزدوج ميدانيا الذي تولاه “حزب الله” وكذلك #حركة “أمل” امس اذ تعتبر كثافة الهجمات التي شنها كل منهما على طول خطوط المواجهة الحدودية مع إسرائيل قياسية منذ تاريخ اندلاع المواجهات في الثامن من تشرين الأول الماضي.

 

اما الخلفية الثانية فتتصل بربط هذا الاحتدام بأسبوع ديبلوماسي محموم أيضا تنشد معه الأنظار الى رصد الحركة الديبلوماسية الجديدة التي انطلقت في اتجاه المنطقة والتي يشكل لبنان جزءا اساسياً منها، اذ يبدو لافتا انه بعد جولة وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في المنطقة تتزامن جولات جديدة لكل من وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن الذي بدأ جولته الخامسة منذ اندلاع #حرب غزة، ووزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في اول جولة له في المنطقة بعد تعيينه في منصبه، وكذلك كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون امن الطاقة آموس #هوكشتاين الذي يتوقع ان يكون له تحرك مكوكي جديد بين إسرائيل ولبنان. واذا كان لبنان ليس مشمولا بجولة بلينكن فيما ستشمله جولة سيجورنيه غدا الثلثاء، فان تحرك هوكشتاين يشكل الدلالة الحاسمة على ان عودة الاستقرار على الحدود اللبنانية الإسرائيلية يشكل واقعيا أولوية أميركية لا لبس فيها.

 

وبإزاء تقدم العامل الميداني، بدا واضحا ان الازمة الرئاسية استعادت الشلل والمراوحة في انتظار ما قد يطرأ من جديد في مسار المجموعة الخماسية. وانعكست استعادة المراوحة في تصريح مساء امس لرئيس مجلس النواب نبيه بري لمحطة “الجديد” اقفل عبره الباب تكرارا على عقد الجلسات المتعاقبة لانتخاب رئيس الجمهورية الامر الذي يثير الشكوك في جدوى أي تحرك جديد خارجي او داخلي حيال الازمة. قال بري “لا جلسات متتالية من دون تشاور او حوار واذا كان لديهم أي طريقة أخرى يأمنولي اياها وأنا حاضر”. وأضاف :”لو عقدت خمسون جلسة متتالية لن نصل الى رئيس لذلك طرحت الحوار لمدة أقصاها سبعة أيام “يفترضوا أني عم ببلفهم ويجوا يحرجوني”. واشار الى انه “سمع من كل السفراء أن لا فيتو على أي اسم ومن ضمنها السعودية، وتوافقنا أن انتخاب الرئيس يتطلب توافقا، وتمنوا تسميتها تشاورا، لا حوارا، وكنت متجاوبا مع كل ما يخدم الملف الرئاسي، وقلت انه اذا اقتضى الأمر فليترأس نائب رئيس المجلس الحوار ولا مشكلة لدي”.

 

وعشية ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قال بري لرئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري “أهلا وسهلا بعودتك للعمل السياسي عندما تقرر فقد أثبتت الانتخابات الاخيرة أن سعد الحريري هو الناجح الأكبر على الرغم من اعتكافه، فمن النهر الكبير الى الناقورة حصد 24% من الطائفة السنية من غير أن يشارك في الانتخابات”.

 

ولم يقف تصاعد الاحتدام جنوبا عند الجانب الميداني وحده بل رد نائب الأمين العام لـ”حزب الله” #الشيخ نعيم قاسم على تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بالاستمرار في اطلاق النار على الجبهة الشمالية حتى لو تم التوصل الى تسوية في غزة فقال : “نسمع بعض الإسرائيليين المسؤولين يقولون إنَّهم لن يتوقفوا عن الحرب حتى لو توقفت في غزة! وعلى مهلكم، من قال أنَّنا ننتظر منكم أن تتوقفوا أو لا تتوقفوا؟ نحن في الميدان إن اعتديتم ردينا عليكم، وإن وقفتم جانباً ندرس كيف نتصرف مع هذا الوجود بالطريقة المناسبة، وإذا فكرتم بإعادة المستوطنين بتصعيد الحرب، فهذا يعني أنَّكم تفقدونهم أي أمل بالعودة، لأنَّه كلما ازدادت الحرب يعني أنَّ إمكانية عودة المستوطنين ستصبح أعسر”.

 

كما ان “حزب الله” وعقب توزيع الجيش الإسرائيلي إحصاءات عن عدد عملياته ضد مواقع الحزب في #سوريا ولبنان منذ بدء المواجهات في تشرين الأول الماضي عمد في المقابل إلى توزيع رسم بياني مفصل يبين ان حصيلة عملياته ضد المواقع والمستوطنات الإسرائيلية في 120 يوما بلغت 961 عملية .

 

وفي المقابل هدد عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس بان “إسرائيل ستوسع نشاطها العسكري لإزالة تهديد “حزب الله” ما لم يعمل المجتمع الدولي ولبنان على إزالته” . وقال غانتس عقب لقائه الموفد الأميركي آموس هوكشتاين : “أبلغت المبعوث الأميركي أن لبنان مسؤول عن الإرهاب الذي ينطلق من أراضيه”.

 

التصعيد ميدانياً

 

واكب هذه الأجواء تصعيد ميداني عنيف اذ استهدف القصف المدفعي الاسرائيلي منزلاً في بلدة بليدا، تحت جبانة البلدة، خلال مراسم تشييع عنصري حركة “أمل” مصطفى عباس ضاهر وعلي خليل محمد، اللذين سقطا بالقصف الاسرائيلي لمنزل في بليدا يوم الجمعة الماضي ولاحقا قام الجيش الاسرائيلي بعملية تمشيط على محيط الجبانة. وسجل قصف مدفعي على أطراف بلدات مروحين وطير حرفا الشمالية وشيحين ووادي حسن ومجدل زون.

 

وافيد عن غارة إسرائيلية على بليدا وعلى ميس الجبل وانفجار صواريخ اعتراضية فوق حولا، وتوازيا سجل قصف مدفعي إسرائيلي على محيط بلدتي كفركلا والعديسة وغارة اسرائيلية استهدفت بلدة ميس الجبل منطقة طوفا عند الاطراف الجنوبية الشرقية للبلدة . وأفيد أن القصف المدفعي الاسرائيلي استهدف مطل الجبل في الخيام كما أطراف طير حرفا والجبين والضهيره وسجل ايضا قصف مدفعي طاول أطراف بلدة حولا ووادي البياض ووادي السلوقي.

 

وفي المقابل، اعلن “حزب الله” عن سلسلة عمليات كثيفة استهدف عبرها موقع المرج بالأسلحة المناسبة وتم تحقيق إصابة مباشرة كما اعلن الحزب انه “رداً على ‏الاعتداءات الإسرائيلية التي طاولت القرى والمنازل المدنية وآخرها في بليدا وميس الجبل إستهدفنا مبنيين ‏في مستعمرة المنارة بالأسلحة المناسبة فأصبناهما إصابةً مباشرة”. واستهدف ايضا تجمعاً للجنود الاسرائيليين جنوب موقع العباد ثم موقع رويسات العلم وموقع زبدين في مزارع شبعا ورويسات العلم للمرة الثانية .

 

ومع ان حركة “امل” لم تصدر بيانا رسميا عن عملياتها فان معلومات مستقاة من أوساط قريبة منها أفادت ان الحركة شنت مجموعة عمليات صاروخية ضد المواقع الإسرائيلية استهدفت ثكنة ادميت بركة ريشا – مستوطنة مارغيليوت وموقع حانيتا وموقع عرب العرامشا ومستوطنة ايلون بالأسلحة الصاروخية وحقّقت فيها إصابات مباشرة رداً على استهداف اثنين من عناصرها في #جنوب لبنان.

 

الراعي

 

الواقع المتفجر في الجنوب والمنذر بمزيد من اخطار الحرب دفع بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس الى التذكير بانه “منذ بداية حرب إسرئيل على غزّة بالشكّل الوحشيّ الذي رأيناه ونراه، اعتبرنا إنّها حرب إبادةٍ للشعب الفلسطينيّ، وتصفيةٍ لقضيّتهم. وأدنّاها تكرارًا. ودعونا إلى التقيّيد بالقرار 1701 من الجانبين الإسرائيلي واللبنانيّ، حمايةً لبلدات الجنوب الحدوديّة من القصف والقتل والتهجير والتدمير. وإنّا لم نتوقّف يومًا عن المطالبة بوقف النار نهائيًّا والذهاب إلى التفاوض والحلول السياسيّة والديبلوماسيّة بهدف تثبيت حلّ الدولتين”. وقال “ربّما لا يتذكّر الجميع أو لا يعرفون أنّ قرار إنشاء دولة خاصّة بالفلسطينيّين إلى جانب دولة إسرائيل يرقى إلى القرار 181 الصادر عن جمعيّة الأمم المتّحدة العامّة في 29 تشرين الثاني 1947… لم تتكوّن الدولة الخاصّة بالفلسطينيّين حتى يومنا هذا. غير أنّ المساعي الدوليّة تطالب بإنشائها في ما يُعرف “بحلّ الدولتين”. والكلّ يعلم أنّه شرط أساسيّ لإنهاء الحرب الدائرة على أرض فلسطين. هنا ينتظر من لبنان أن يقوم بدور الوسيط سياسيًّا وديبلوماسيًّا وفقًا لرسالته. فلا يستطيع القيام بهذا الواجب طالما أنّه محروم من رئيس للدولة، وأنّه فقد الحياد بإقحامه في حروب ونزاعات إقليميّة لا يريدها”. وأضاف “بحرمان لبنان من رئيس انكشفت النوايا من خلال نتائج الفراغ : كتحويل لبنان في الممارسة من دولة تفصل الدين عن الدولة إلى دولة دينيّة طائفيّة مذهبيّة، كما نشهد في التعيينات عامّة والقضائيّة خاصّة، حيث أصحاب السلطة يتجاوزونها ويتدخّلون سياسيًّا، ويلغون فصل السلطات خلافًا للدستور، ويعطّلون مسيرة القضاء. فنقول لهم: إرفعوا أيديكم عن القضاء، لكي تسلم العدالة التي هي أساس الملك”.