Site icon IMLebanon

النهار: التصعيد الميداني بلا قواعد بعد مجزرة النبطية… الحريري: مكسبنا الاعتدال، والحلّ يبدأ بالرئيس

 

قد يصح في تداعيات اليوم التالي للمجزرة التي ارتكبتها إسرائيل في النبطية ليل الأربعاء الماضي، ان ما بعدها قد لا يكون ابداً كما قبلها. اذ ان لبنان الذي شهد في يوم 14 شباط مشهدين شديدي البلاغة والتأثير، الأول في حشد كبير فاق التوقعات لاقى الرئيس #سعد الحريري الى ضريح مؤسس الحريرية في وسط #بيروت، والثاني في ليل دموي استباح خلاله الثأر الإسرائيلي لضربة صفد بلدات الجنوب وانقض على النبطية متسببا بجريمة عائلية مروعة، واجه غداة هذا اليوم السؤال الكبير المثير للقلق عن مجريات الأزمتين في الداخل وعلى الحدود. ولكن تطورات الجنوب ظلت ماثلة بقوة في واجهة المشهد اللبناني داخليا وخارجيا، بعدما تعاظمت المخاوف من ان تكون كل قواعد الاشتباك التي كانت تضبط المواجهات الميدانية بين إسرائيل و”#حزب الله” منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، ولو انها كانت تضيق وتتسع تبعا لمسار “الميدان”، قد صارت قيد الانهيار الفعلي التام غداة مجزرة النبطية. وإذ برزت تهديدات إسرائيلية من نوع “متطور” جديد غير مسبوق كمثل تلويح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت للمرة الأولى بغزو بري حتى بيروت، سيكون بديهيا ان ترصد الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن #نصرالله اليوم ترقبا لما سيصدر عنه من مواقف جديدة عقب تطورات اليومين الأخيرين.

 

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي ابلغ نظيره الأميركي لويد أوستن امس “بأن لا تهاون في الرد على هجمات حزب الله”. ونقل عن وزير الدفاع الإسرائيلي قوله: “طائراتنا في سماء بيروت تحمل قنابل ثقيلة وقادرة على ضرب أهداف بعيدة” معتبرًا ان “التصعيد الراهن ضد حزب الله ليس سوى عُشر ما نستطيع القيام به”، وأضاف: “يمكننا الهجوم حتى عمق 50 كلم في بيروت وأي مكان أخر”.

 

اما على الصعيد الميداني فظلت مجزرة النبطية في الواجهة بعدما ارتفعت حصيلة الشهداء والجرحى في الغارة الاسرائيلية التي استهدفت منطقة سكنية في مدينة النبطية إلى 8 شهداء بينهم سبعة من عائلة برجاوي وسبعة جرحى. وسجل تطور لافت تمثل في قصف الطيران الحربي الاسرائيلي قرى وبلدات جنوبية لم تتعرض للقصف منذ بداية الأحداث. وعكس الناطق الرسمي باسم “#اليونيفيل” أندريا تيننتي القلق من تفلت ضوابط المواجهات اذ قال “شهدنا خلال الأيام القليلة الماضية تحولاً مثيراً للقلق في تبادل إطلاق النار، بما في ذلك استهداف مناطق بعيدة عن الخط الأزرق. وأودى تفاقم النزاع بحياة عدد كبير جداً من الأشخاص، بما في ذلك، وبشكل مأسوي، أرواح الأطفال. كما تسبب بأضرار جسيمة في المنازل والبنية التحتية العامة، وعرّض سبل عيش الآلاف من المدنيين للخطر”. ولفت الى ان “الهجمات التي تستهدف المدنيين تعتبر انتهاكات للقانون الدولي وتشكل جرائم حرب. إن الدمار والخسائر في الأرواح والإصابات التي شهدناها تثير قلقاً عميقاً، ونناشد جميع الأطراف المعنية وقف الأعمال العدائية على الفور لمنع المزيد من التصعيد”.

 

وبعدما امتنع “حزب الله” اول من امس عن اصدار بياناته اليومية حول العمليات التي ينفذها ضد القوات والمواقع والمستوطنات الإسرائيلية، اعلن امس أنه “في رد أولي ‌‏على مجزرتي النبطية و#الصوانة، هاجم مستوطنة كريات شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا”. كما اعلن استهداف التجهيزات التجسسية في موقع رويسات العلم في مزارع شبعا وثكنة زبدين بصاروخ “فلق” والتجهيزات التجسسية في موقع الراهب والتجهيزات التجسسية في موقع المرج وتجمعا للجنود الإسرائيليين في محيط ثكنة زرعيت. وافيد ليل امس عن تجدد اطلاق الصواريخ من الجنوب على مستوطنة كريات شمونه. وسرعان ما اعلن “حزب الله” انه قصف ثكنة كريات شمونه بعدد من صواريخ “فلق” .

 

وقال #الجيش الإسرائيلي أن طائراته المقاتلة هاجمت عشرات الأهداف التابعة لـ”حزب الله” في منطقة وادي السلوقي والبنية التحتية التابعة للحزب في منطقة اللبونة وكذلك مبنى عسكريا تابعا للحزب في منطقة الطيبة.

 

واذ نعى الحزب علي محمد الدبس وحسن ابراهيم عيسى، أفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأنه “تم القضاء خلال ليلة الأربعاء، على قائد مركزي في قوة الرضوان المدعوعلي محمد الدبس مع نائبه حسن إبراهيم عيسى وعنصر آخر”.

 

الحريري

في المقلب الاخر من المشهد الداخلي، ظل حضور الرئيس سعد الحريري في بيروت شاغلا الأوساط السياسية والديبلوماسية والإعلامية خصوصا غداة مناسبة احياء الذكرى الـ 19 لاغتيال الرئيس #رفيق الحريري التي شهدت حشدا كبيرا اطلق بحجمه وتعاطفه مع الرئيس سعد الحريري رسائل بارزة ومعبرة. وإذ غص بيت الوسط امس بالوفود والشخصيات قام الحريري مساء بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة في لقاء اتسم بالحرارة واستكمل الى مائدة العشاء.

 

وكان للحريري مساء لقاء مع صحافيين وإعلاميين تناول خلاله بعض جوانب الواقع اللبناني المأزوم فلوحظ تشديده على “أن حل يحتاج الى انتظام المؤسسات وعلى رأسها رئاسة الجمهورية”. وقال “صحيح انني علقت العمل السياسي لكن أعطي رأي، وهذا ما قلته للكتل التي اجتمعت بها”. وكرر ان وقت عودته لم يحن بعد، قائلا: “انا لا ارى انه حان وقت عودتي للعمل السياسي”، مشددا على “اهمية الاعتدال بكل شيء فهو الاساس في السياسة او الطوائف او المذاهب”. وإذ اعتبر ان “هذه المنطقة تخسر الكثير”، لفت الى ان “التقارب السعودي الايراني ينفع المنطقة ويصفّر المشاكل”. وقال “ان محبة الناس نعمة والناس قالت كلمتها، ولبنان اليوم يعاني من الانهيار الاقتصادي ومعاناة مؤسسات الدولة”، معتبرا أن “الجميع يطلب من لبنان انتخاب رئيس فعلينا ان نأتي بالحلول من الداخل ولا يجب ان نكابر”.

 

واعتبر ان “لبنان ليس من اولوية كل الدول التي لديها مصالحها”، موضحا أن “النائب السابق سليمان فرنجية صديق كما انني صديق للوزير السابق جهاد ازعور الذي التقيته في الإمارات وانا من الاشخاص الذين يحافظون على صداقاتهم”. ورأى أن “ما يحصل في غزّة والجنوب يجب أن يتوقّف”، مشددا على انه “إذا لم يساعد اللبنانيّون أنفسهم فمن سيساعدهم، فالدول منشغلة بمشاكلها، ويجب أن يكون لدينا قراءة واضحة”.

 

واعتبر ان الذي كسب في مشهد وسط بيروت اول من امس “هو سياسة الاعتدال وليس سعد الحريري، ومشروع رفيق الحريري والاعتدال وقبول الآخر”. وكرر ان “ليس لدى اللبنانيين اي خيار في مثل هذه الازمة الا تفعيل المؤسسات وعلى رأسها رئاسة الجمهورية ويجب تفعيل الوفاق وان نواصل المحاولة وكل يوم تأخير يعتبر فرصة نخسرها”.

 

وردا عن سؤال عن عدم حصول لقاء بينه وبين رئيس الحزب التقدمي السابق وليد جنبلاط، أجاب الحريري: “وليد هوي وليد”.

 

واعتبر ان “اي طائفة لديها مشكلة فهذا يعني ان لبنان لديه مشكلة، ان كانوا مسيحيين او شيعة او سنة او دروز”. واشار الى “ان ٩٩% من اللبنانيين لديهم وفاء لكن المشكلة في القيادات”.

 

وردا عن سؤال، اعتبر الحريري ان “تجربة تسوية العام ٢٠١٦ فاشلة لكن ذلك لا يعني ان كل التجارب فاشلة”.

 

من جهة أخرى اعتبر الحريري ان “رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مجرم حرب ويريد ان يفتعل حربا”، سائلا: “اين هي الدول الاوروبية من موضوع حقوق الانسان؟. وتابع: “اقول لأهالي الجنوب الله يعينهم والله يجنبهم الحرب، لأنه من الواضح أن نتنياهو يحاول الذهاب الى الحرب مهما كلف الأمر”.

 

وبالعودة الى الاستحقاق الرئاسي، قال الحريري: “اذا فعلا اراد الافرقاء رئيسا، فغدا ينتخب، لكن هناك من يريد التضحية، وآخرين غير مستعدين… فماذا ينتظرون؟ لا اعلم!”. وعن علاقة المملكة العربية السعودية بقراره تعليق العمل السياسي قال بأنه علّق العمل السياسي “بقرار شخصي و”نقطة على السطر” وكل ما يكتب عن علاقتي مع المملكة غير دقيق”.