IMLebanon

النهار: الأزمة المطلبية تنفجر… رواتب الموظفين عالقة!

 

تختلط مع بداية الأسبوع الحالي معالم القلق من التصعيد العنيف الذي شهدته جبهة الجنوب كأنها في سباق مع تقدم محادثات الهدنة في #غزة وملامح تحريك الازمة الرئاسية التي برزت مع مبادرة “جبهة الاعتدال الوطني” وما يمكن ان تسفر عنه من بلورة لمواقف الكتل النيابية من عقد جلسة مفتوحة لانتخاب رئيس الجمهورية.

 

ولكن الاستحقاق الداخلي الأشد الحاحا من كل الأولويات برز في الساعات الأخيرة مع التأكد من وقوع محظور عدم تقاضي موظفي القطاع العام بمن فيهم الأسلاك العسكرية والأمنية والمتقاعدين وسائر الموظفين لرواتبهم في نهاية شباط الحالي. ذلك ان إضراب موظفي وزارة المال مستمر ولا يبدو أنهم في وارد التراجع او خرق الإضراب من اجل توفير دفع الرواتب للموظفين في نهاية الشهر في كل الوزارات والأسلاك والدوائر الذين يقدر عددهم بـ300 الف موظف، وهو الامر الذي كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حذر منه لدى إعلانه ارجاء جلسة مجلس الوزراء في نهاية الأسبوع الماضي. وحتى لو بدأت مفاوضات مع موظفي وزارة المال هذا الأسبوع فان التأخير الحاصل في دفع الرواتب سيتمدد على الأقل لأسبوعين الفترة اللازمة لإنجاز الرواتب بما يفاقم الازمة.

 

واعتبر وزير المال يوسف الخليل ان “استمرار الاضراب يشكل خطرا على صرف رواتب القطاع العام مما يعيق تيسير المرفق العام وتوفير الخدمات للمواطنين، كما يشكّل خطرا على الجباية وعلى تحصيل الايرادات للخزينة، مما يهدّد الاستقرار المالي و النقدي”. وقال “نحن لا نفرّق بتاتا بين موظّفي القطاع العام، ولكن في هذه الظروف الاستثنائية، تبقى وزارة المال الحلقة الاولى في استعادة العمل المنتظم لتأمين التمويل و تلبية حاجات الادارات كافة للقيام بمهامها، و ذلك تدريجيا، على أن يسوّى وضع جميع العاملين في الادارات العامة بالتساوي. مع الاشارة انه رغم كل الظروف القاهرة التي مرّت بها البلاد في السنوات الاخيرة، لم تتوقّف وزارة المال يوما عن مهامها في صرف الاعتمادات و تأمين الرواتب و الاجور وتلبية حاجات الادارات و المؤسسات، لأن التوقف عن العمل في وزارة المال يعني تعطيل المرفق العام بأكمله. كما ان موظفي وزارة المال عملوا دون انقطاع لتلبية طلبات كل المؤسسات والادارات العامة وصرف السلفات والتقديمات لموظفي تلك المؤسسات والادارات، فيما هم يحرمون منها. اننا نتعاطى مع الازمة بكل موضوعية للوصول الى حلول عملية ضمن الامكانيات المتاحة، تفاديا لخلق نزاعات بين الادارات العامة”.

 

التصعيد

اما التصعيد الميداني في الجنوب فاتخذ في اليومين الأخيرين بعدا مثيرا لمزيد من المخاوف من احتمال اتساع المواجهات في ظل العنف الواسع الذي طبع تبادل العمليات التي دفعت بالغارات الإسرائيلية الى ما بعد الحدود اللبنانية مع سوريا وتصاعد التهديدات الإسرائيلية ولو ان المراقبين المعنيين ربطوا هذا التصعيد بالغبار الذي يراد له ان يحجب تقدم المفاوضات الجوالة المستمرة حول تسوية جديدة لتبادل الاسرى والسجناء بين أسرائيل وحركة “#حماس” في غزة قبل حلول شهر رمضان. وتبعا لذلك من غير المستبعد ، في اعتقاد هؤلاء المراقبين، ان تكون الأيام العشرة الأولى من شهر آذار المقبل محفوفة بتصعيد ميداني متدحرج على الجبهة الجنوبية بما يعني انها قد تكون فترة حرجة للغاية، ولو ان ذلك لا يعني بالضرورة انها ستؤدي الى حرب واسعة لا تزال احتمالات اندلاعها من عدمها متوازية في ظل الضغط الأميركي الكبير على إسرائيل لمنعها من إشعالها والتزام “#حزب الله” على خلفية موقف ايران أيضا عدم الانجرار نحو التسبب بحرب شاملة.

 

ووسط هذه المناخات لن تنقطع الضغوط الديبلوماسية لتجنب السيناريو الأسوأ في لبنان بحيث ينتظر ان تتحرك مجددا الديبلوماسيتان الفرنسية والأميركية في اتجاه محاولات تبريد الجبهة الجنوبية . وبدا لافتا في هذا السياق النفي الذي أوردته “هيئة الإعلام الإسرائيلية” امس للتقارير من ان يكون الموفد الأميركي آموس هوكشتاين قد أوقف الاتصالات من اجل حل ديبلوماسي في الشمال، في حين كان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يهدد “بأننا سنكثف اطلاق النار في الشمال حتى لو أبرمت هدنة في غزة الى ان ينسحب حزب الله انسحابا كاملا”.

غير ان جبهة الجنوب لم تهدأ وبدا لافتا تواصل الغارات الإسرائيلية على بلدة بليدا قرب مدينة بنت جبيل لليوم الثالث. وبعد ظهر امس شن الطيران الاسرائيلي غارات جديدة على البلدة، بعد يومين متتاليين من الغارات التي استهدفت إحداها مركز الدفاع المدني التابع ل”الهيئة الصحية الإسلامية” مما أسفر عن تدمير المبنى ومقتل مسعفين، وغارة أخرى أسفرت عن تدمير مبنى كبير وتصدع عدد من المحال والمنازل المجاورة. وأعلن “حزب الله” قصف مرابض مدفعية إسرائيلية وانتشار للجنود الإسرائيليين جنوب كريات شمونة بالأسلحة الصاروخية والمدفعية، إلى جانب استهداف تجمع اخر للجنود في محيط ثكنة راميم بالأسلحة الصاروخية. كما اعلن استهداف مبنى يتموضع فيه جنود إسرائيليون في مستوطنة المنارة ومن ثم استهدف مبنيين يتموضع فيهما الجنود في مستوطنة المالكية .

 

ونقلت صحيفة “معاريف” الاسرائيلية عن رئيس بلدية كريات شمونة دعوته من بقي بالمدينة إلى مغادرتها، لافتاً إلى أن “نشاط “حزب الله” متسارع”. وجاءت دعوة رئيس البلدية بعدما أفاد الجيش الإسرائيلي بأن نحو 20 صاروخاً أطلقت على كريات شمونة امس .

 

ونعى “حزب الله” ثلاثة من عناصره قتلوا في الغارة على ريف القصير فجر امس، وهم علي كريم ناصر من بلدة حداثا في الجنوب ، أحمد محمد العفي من بلدة بريتال في البقاع وحسين علي الديراني من بلدة قصرنبا في البقاع. وأورد المرصد السوري معلومات عن استهداف إسرائيل بصاروخ من الجو شاحنة مدنية قرب الحدود السورية-اللبنانية ضمن منطقة متداخلة بين محافظتي حمص وريف دمشق.

 

تحرك “الاعتدال ”

اما في المشهد الداخلي ، فغلب الحذر والترقب على الانطباعات السياسية حيال التحرك التي تقوم به “#كتلة الاعتدال الوطني” في شأن تحقيق اختراق في الازمة الرئاسية ملاقاة لتحرك المجموعة الخماسية الدولية . ومعلوم ان “مبادرة” الكتلة تستند الى اقتراحين هما عقد جلسة تشاور في مجلس النواب يتداعى إليها ممثلون عن الكتل والنواب المستقلين من دون ان يترأسها أحد، وتكون على هيئة تشاور نيابي، يخرج بعدها النواب بإسم واحد او اكثر ، وبعدها تتم الدعوة لعقد جلسة مفتوحة لانتخاب رئيس والتعهد بعدم فرط نصابها . هذا التحرك حرّك الملف الرئاسي من جديد خصوصا في ظل ما ذكر عن موافقة رئيس مجلس النواب نبيه بري عليها والموافقة العلنية لرئيس رئيس حزب “القوات اللبنانية” #سمير جعجع عليها، ووعد من الكتائب وبعض نواب المعارضة بالتعاطي الايجابي معه بعد دراسة بعض التفاصيل والضمانات. ومع ان نوابا من وفد الكتلة الذي يجول على الكتل نفوا ان يكون هناك أي دعم سعودي للمبادرة فان معطيات توصف بالجدية اشارت الى ان هذا التحرك للكتلة يحظى برضى سعودي .

 

وتطرق رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لدى لقائه في معراب السفير البابوي المونسنيور باولو بورجيا الى الملف الرئاسي مشيرا إلى أن “محور الممانعة ما زال يعطل #الاستحقاق الرئاسي”. وأكد للسفير البابوي أن “جهاد أزعور تقدم بوضوح على مرشح حزب الله في الجلسة الأخيرة، ولو لم يعطل حزب الله وحلفاؤه الجلسة بإطاحة النصاب، لكنا وصلنا إلى انتخاب رئيس الجمهورية” . واعلن أن “الفريق السيادي مستعد للبحث في خيار مرشح ثالث، شرط أن يكون شخصية جدية ومستقلة ويستطيع أن يكون رئيسا فعليا وليس مجرد صورة، لكن حزب الله لا يريد حتى هذا الخيار، وما زال متمسكا بمرشحه، ما يعني أنه يصرُّ على التعطيل إلا اذا كان رئيس الجمهورية المقبل من صلب خطه، وهو ما لا يمكن التسليم به”.