على رغم ضآلة الرهانات ومحدوديتها على امكان تحقيق أي خرق في الظرف الحالي في الجدار المسدود تماما للازمة الرئاسية والشلل الذي أصاب الجهود الداخلية والخارجية المتصلة بها، يثير التحرك الجديد الذي سيباشره سفراء مجموعة الدول #الخماسية اليوم اهتماما سياسيا وديبلوماسيا واعلاميا واسعا نظرا الى عوامل عدة. فهذا التحرك يتسم أولا بخصوصية الاتساع بحيث لن يتوقف عند لقاءات محدودة مع الرسميين فحسب، بل سيشمل جولة للسفراء الخمسة على القيادات السياسية والكتل النيابية وهذا مؤشر مهم على “انغماس” السفراء في التفاصيل والوقوف على مواقف اللاعبين المحليين مباشرة كما اطلاعهم مباشرة على توجهات دول المجموعة من الازمة الرئاسية والنظرة الى واقع لبنان كلا. ثم ان توقيت التحرك الجديد وان كان يعتبر استئنافا للتحرك الذي شرع فيه السفراء قبل أسابيع، فانه يصعب تجاهل دلالات الإصرار على توسيع التحرك في وقت يتعرض فيه لبنان لخطر متزايد من الوضع المتفجر في الجنوب وعلى حدود لبنان مع #إسرائيل. وهو عامل شديد الأهمية في مهمة السفراء لجهة تحفيز القيادات اللبنانية على استعجال التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية لان استحقاقات لبنان باتت اكثر من داهمة وتستوجب ملء الفراغ الرئاسي والدستوري كحماية أساسية للبنان وبأسرع وقت. وليست عودة التحركات التنسيقية بين اذرع ايران على ارض بيروت بكل ما تختزنه من استفزاز واستباحة موصوفة للسيادة اللبنانية من جهة وتصاعد التهديدات الإسرائيلية للبنان مقترنة بتصعيد الاعتداءات والانتهاكات المتواصلة لهذه السيادة من جهة مقابلة سوى مؤشر على منسوب الخطورة الذي بات يحاصر لبنان.
ومعلوم ان السفراء الخمسة سيشرعون من اليوم بتحركهم الذي يشمل جميع الاتجاهات والكتل وتبدأ لقاءاتهم اليوم برئيس مجلس النواب والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ثم تستكمل غدا الثلثاء بلقاءات مع الرئيس السابق ميشال عون ورئيس حزب “#القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقا وليد جنبلاط وينتظر تحديد مواعيد اللقاءات الأخرى تباعا.
#القيادات المسيحية
وعشية انطلاق الجولة الجديدة للقاءات السفراء الخمسة، برزت مجموعة مواقف لافتة عن عدد من القيادات المسيحية الأساسية من ملف الرئاسة كما من قضايا مصيرية أخرى بدت اشبه باستطلاع عفوي من شأنه ان يضيء على هذه المواقف والاتجاهات الأساسية .
ففي السياق الرئاسي اعتبرت “القوات اللبنانية” ان “رهان الخماسية يجب ان يكون على الممانعة لإحداث خرق رئاسي كون الممانعة هي التي تُمعن في تعطيل الانتخابات الرئاسية، فيما معظم القيادات المارونية على خلافها واختلافها لم تعطِّل جلسات الانتخاب، ووافقت على مفهوم الخيار الثالث، وتقاطعت على مرشّح ثالث، بينما الذين عطلوا نصاب الجلسات كلها هم الممانعة، والذين يحاولون فرض مرشحهم هم الممانعة، والذين يرفضون الخيار الثالث هم الممانعة، والذين يتمسكون بمرشحهم على رغم عجزهم عن انتخابه هم الممانعة، والذين يرفضون الجلسة المفتوحة بدورات متتالية هم الممانعة، والذين يتحملون مسؤولية الشغور هم الممانعة”.
واتسمت كلمة رئيس “#التيار الوطني الحر” باسيل في كلمته في المؤتمر السنوي لـ”التيار” بتركيزه على الجانب الميثاقي والشراكة، فرأى أنّ “التحدي الاكبر لدى المسيحيين هو تثبيت الشراكة المتناصفة. فالطائف أكد المناصفة ولكن نريدها فعلية لا عددية، الرئيس العماد ميشال عون صحح التمثيل ولكن نريدها في كل العهود ونريد رئيسا يحمل الأمانة ولا يكون مواليا لأحد الاّ لشعبه وبلده”. وناشد باسيل “مفتي الجمهورية اللبنانية ببصيرته والقيادات في الطائفة السنية والامين العام لـ”#حزب الله” بصدقه ورئيس مجلس النواب بحكمته ورئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد و نجله تيمور جنبلاط بفهمهم للجبل، وكل القيادات اللبنانية ان لا يفرّطوا بالشراكة المتوازنة والمتناصفة”. وكرر طلبه الذي توجه به الى البطريرك الراعي “المؤتمن على مجد لبنان ان يجمع القيادات السياسية المسيحية ولا يوجد اي سبب حتى لا نلتقي”، وتوجه للقيادات بالقول ” الوقت ليس للمزايدات، ولا للعدائية التي يظهرها البعض؛ لا يوجد انتخابات غدا، واصلاً لا أحد يستطيع ان يلغي أحد، هذا وهم”. وشدد باسيل على ان “مسار التناحر السياسي يجب أن يتوقف والاختلاف بالرأي مسموح لا بل مطلوب والتنافس لا بل مرغوب”. وناشد باسيل “القوات والكتائب بإسم آلاف الشهداء وعلى رأسهم بشير الـ 10452 كلم²، والمردة آل فرنجية وإرث التضحيات من اجل لبنان فلنضع خطًّا احمر عريضًا تحت الوجود والشراكة المتناصفة و لبنان الكبير؛ ونبدأ من هنا”.
كما ان مواقف أخرى برزت لرئيس “تيّار المرده” سليمان فرنجيه في لقاء له مع نقابة محرري الصحافة اللبنانية اذ اعتبر “أن إحترام الدستور واجب ولا يمكن أن نتعاطى معه باستنسابيّة أو وفق المصلحة الشخصية كما يفعل البعض”. ولفت إلى “ضرورة أن يكون للمرشّح تاريخ في العمل السياسي والوطني ومواقفه معروفة وأن لا تهبط الأسماء فقط بهدف العرقلة”. وقال “منذ ٢٠٠٥ وإسمي مطروح للرئاسة وبالتالي فإنّ الثنائي الشيعي لم يرشّحني بل هو داعم لترشيحي وليس من الجائز عدم الأخذ بعين الاعتبار الواحد والخمسين صوتاً ما يعني أنّ هناك ١٥ نائباً مسيحياً اقترعوا لي وهم داعمون. أمّا موقفي مع المقاومة فليس مستجدّاً ولا يتبدّل وفق الظروف أو الاستحقاقات، والكلّ يعلم أنه في ٢٠١٦ كان بإمكاني أن أصل الى سدّة الرئاسة لكنني لم أقبل ولست نادماً على ذلك وكنت قد أبلغت الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند حينها بأنني لن أنزل الى المجلس إلّا يداً بيد مع الرئيس ميشال عون”. وعن رفض تيّارين مسيحيين انتخابه قال: “المشكلة أنني موجود. يختلفون على كلّ الامور ويتّفقون ضدّي والسؤال الأساس: هل يخافون من رئيس ينجح؟” ولفت إلى “أن الرئيس عون وصل بأكثرية نيابيّة إلا أنه مارس الحكم ست سنوات من غير توافق”. وإذ أكد أن “لا ڤيتو أميركيّاً أو سعودياً على إسمه والسفيرة الأميركية قالت علناً أنه في حال وصولي سيتعاونون معي” لفت الى “أنّ الجميع يدرك أن لا رئيس من دون رضى المقاومة وأن البعض يقدّم أوراق اعتماده من تحت الطاولة”.
وعلى عادته في كل عظاته اثار البطريرك الراعي موضوع الفراغ فسأل “كيف يمكن القبول بالمخالفة الكبرى للدستور بعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة منذ سنة ونصف، على الرغم من وضوح موادّ الدستور ذات الصلة وضوح الشمس في الظهيرة؟” وقال “أجل لقد فقدت الدول ثقتها بلبنان الرسمي لا بلبنان الشعبي. هل المعطّلون، وقد باتوا معروفين، لا يريدون انتخاب رئيس لأهداف خاصّة؟ أو يطيلون زمن الفراغ الرئاسيّ لغايات أخرى متروك التكهّن بشأنها؟ لا يوجد أي مبرر لعدم التئام مجلس النواب وانتخاب رئيس للبلاد”.
تهديدات …وتنسيق
اما في ما يتصل بالوضع المتفجر والمواجهات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية فنقلت امس صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية عن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس قوله “نقترب باستمرار من الحرب مع حزب الله وسيتحمل لبنان عواقبها”. كما نقلت محطة “العربية” الفضائية عن مصدر إسرائيلي قوله ” ان نشوب الحرب على الجبهة الشمالية سيكون مع دولة لبنان وليس حزب الله”.وأضاف: “في حال وقوع حرب مع لبنان سندمّر أهدافا على عمق 5 كلم”. وتابع: “لدينا بنك أهداف بعمق 5 كلم داخل لبنان لم نستهدفها بعد”.
ولم يصدر أي تعليق رسمي عن السلطات المعنية في لبنان عما كشفته وكالة الصحافة الفرنسية السبت نقلا عن مصادر فلسطينية وحوثية، من ان اجتماعاً نادراً عُقد الأسبوع الماضي بين قيادات من فصائل فلسطينية أبرزها حركة “حماس”و”الحوثيين”اليمنيين، لمناقشة “آليات تنسيق أعمال المقاومة” ضدّ اسرائيل في ظل حرب غزة. وقال أحد هذه المصادر الفلسطينية طالباً عدم نشر اسمه، إنّ “اجتماعاً مهمّاً عُقد الأسبوع الماضي شارك فيه قادة كبار من حركتي حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مع حركة أنصار الله اليمنية”. وأضاف أنّه خلال هذا الاجتماع “تمّت مناقشة آليات التنسيق بين هذه الفصائل بشأن أعمال المقاومة في المرحلة المقبلة”. وأكد مسؤول حوثي بدون الكشف عن اسمه لـ”فرانس برس” السبت أن الاجتماع “عُقد في بيروت”، وناقش “توسيع دائرة المواجهات ومحاصرة الكيان الاسرائيلي وهو ما أعلنه عبد الملك الحوثي” الخميس. وأضاف المسؤول الحوثي السبت “نحن ننسق مع المقاومة منذ بداية عملية طوفان الاقصى”. وبحسب مصدر فلسطيني ثانٍ طلب بدوره عدم نشر اسمه فإنّ الاجتماع ناقش أيضاً “تكاملية دور أنصار الله مع الفصائل الفلسطينية، خصوصاً مع احتمال اجتياح إسرائيل لرفح” في أقصى جنوب القطاع.