كان صعباً للغاية تجاهل تصعيد إسرائيل لتهديداتها بعملية برية في لبنان، التي بلغت حدود ضرب مهل زمنية بعد عملية رفح، واثارة أي موضوع داخلي اخر لولا ان فضيحة أمنية على خلفية اختراقات سياسية حتمية كاملة المواصفات للأجهزة ارتسمت معالمها فجر امس مع “اكتشاف” فرار الموقوف “الشهير” داني الرشيد في ملف الاعتداء والضرب على المهندس الزراعي عبد الله حنا في #البقاع، من مكان توقيفه لدى امن الدولة مع كل ما اثاره هذا التطور من استغراب ودهشة ومعالم تواطؤ. اخذ الموضوع مداه بين الأمن والقضاء الى ان طرأ الفصل الثاني مساء مع إعادة توقيف داني الرشيد في ظروف “هوليوودية” وملتبسة جديدة. ولكن اتضح ان توقيفه وفق مصدر في امن الدولة جرى على يد دورية من جهاز المديرية بالتنسيق مع المخابرات السورية، اذ دخلت الدورية الأراضي السورية المحاذية لنقطة المصنع والقت القبض على الرشيد الذي لجأ إلى احد المنازل وجرى تسليمه للأمن العام عند نقطة المصنع لاجراء المعاملات القانونية وتسليمه مجددا امن الدولة.
هكذا شكلت هذه الفضيحة “الاختراق” الوحيد لمناخ مثير لمزيد من القلق حيال التصعيد المنهجي الميداني والإعلامي والسياسي الذي اتجهت اليه إسرائيل بشكل لافت في اليومين الأخيرين في ما يؤشر الى ان تركيزها على الجبهة اللبنانية بات جزءا لا يتجزأ عن الاستراتيجية التي تتبعها منذ تفجر الخلاف النادر بينها وبين الإدارة الأميركية بمواكبة صدور قرار مجلس الامن الأخير القاضي بوقف نار فوري في غزة. وفي حين تصاعدت حرب التهويل بغزو إسرائيلي جديد للبنان عقب المجازر التي ارتكبها الطيران الحربي الإسرائيلي اول من امس، كانت علامة فارقة ان يصدر موقف عن البيت الأبيض في واشنطن يؤكد فيه ان “استعادة الهدوء على الحدود اللبنانية الإسرائيلية أولوية بالنسبة لواشنطن”.
وبينما شيع الذين سقطوا في الغارة على #الناقورة مساء اول من امس، بقيت المواجهات على حالها جنوباً ومعها تهديدات اسرائيلية بشن حرب على لبنان. في السياق، أفادت هيئة البث الإسرائيلية نقلا عن مسؤول قوله إن “الجيش الإسرائيلي سيدخل لبنان بعد الانتهاء من عملية رفح”، وذلك غداة اعلان قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي أوري غوردين أن “القوات الإسرائيلية جاهزة لـ”التصرّف” على الحدود اللبنانية”.
في المقابل أودعت وزارة الخارجية والمغتربين بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك نص شكوى لتقديمها أمام #مجلس الأمن. وتتناول الشكوى المجازر التي ارتكبتها إسرائيل ضد المسعفين والمدنيين في قرى الجنوب لا سيما الهبارية والناقورة وبعلبك، والتي راح ضحيتها ما يزيد عن 18 شخصا بين مسعفين ومدنيين.
واما مؤشرات القلق الدولي من التصعيد، فكان ابرزها اصدار قيادة “#اليونيفيل” بيانا تلفت فيه الى “إن اليونيفيل تشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد أعمال العنف التي تحدث عبر الخط الأزرق في الوقت الحالي، حيث تسبب هذا التصعيد في مقتل عدد كبير من المدنيين وتدمير المنازل وسبل العيش” . واضافت “من الضروري أن يتوقف هذا التصعيد فوراً، ونحن نحثّ جميع الأطراف على إلقاء أسلحتهم وبدء العمل نحو حل سياسي وديبلوماسي مستدام. وتظل اليونيفيل على استعداد لدعم هذه العملية بأي طريقة ممكنة، بما في ذلك من خلال عقد اجتماع ثلاثي بناء على طلب الأطراف”.
وبدوره قال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عمران ريزا في بيان، تعقيباً على الأحداث الأخيرة التي وقعت في #جنوب لبنان: “لقد أدت الأحداث المروعة التي وقعت خلال الـ 36 ساعة الماضية إلى خسائر كبيرة في الأرواح والإصابات في جنوب لبنان. وقُتل ما لا يقل عن 11 مدنياً في يوم واحد، من بينهم 10 مسعفين”. اضاف: “أشعر بقلق بالغ بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة الطارئة لمجتمعاتهم المحلية”، مشيرا الى ان “الهجمات على مرافق الرعاية الصحية تنتهك القانون الإنساني الدولي وهي غير مقبولة . قواعد الحرب واضحة: يجب حماية المدنيين، بما في ذلك العاملون في مجال الرعاية الصحية. ويجب حماية البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المرافق الصحية”.
مع ذلك تواصل التصعيد الميداني امس حيث استهدف الجيش الاسرائيلي قبل الظهر اطراف بلدات الظهيرة، زبقين، علما الشعب، الناقورة، مجدل زون ،طير حرفا ووادي حامول بعدد من القـذائف المدفـعية. وسجل انفجار صاروخ اعتراضي فوق بلدة الخيام. واعلن الجيش الإسرائيلي “اننا قضينا على خليتين تابعتين ل#حزب الله في جنوب لبنان”.
في المقابل، أعلن “حزب الله” عن تكثيف سلسلة عملياته واعلن انه في إطار الرد على الاعتداءات الإسرائيلية على القرى الجنوبية والمنازل المدنية خصوصا مجزرة الناقورة والاعتداء على بلدة طير حرفا والطواقم الطبية فيها، “قصفت المقاومة الإسلامية صباح الخميس مستعمرتي “غورن” و”شلومي” بالأسلحة الصاروخية والمدفعية”. كما اعلن استهدافه مقر قيادة كتيبة ليمان المستحدث بالقذائف المدفعية وموقع السماقة وموقع الرمثا في تلال كفرشوبا. كذلك، أعلن قصف مستوطنتي غورن وشلومي بالأسلحة الصاروخية ومن ثم استهداف محيط موقع جل العلام.
#جعجع: لا لـ”صورة عالحيط”
في المشهد السياسي ومع جمود يبدو مرشحا لان يطول مع بدء إجازة الأعياد، كانت لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مواقف جديدة امس في لقائه مع مجلس نقابة محرري الصحافة اذ اعتبر ان “الحوار في مفهوم فريق الممانعة ينطلق أولًا وآخراً من أن يكون الوزير السابق سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية أو فلتبق الجمهورية بلا رئيس”. وقال “يريدون حوارا غير دستوري في ما خص رئاسة الجمهورية، ولا يحاورون أحدا عندما يأخذون لبنان إلى حرب لا يريدها معظم الشعب اللبناني.” وأضاف: “بالنسبة للحوار حول رئاسة الجمهورية أنا أول من تواصل مع معظم الكتل النيابية ومع كتلة الرئيس نبيه بري، وتوصلنا إلى قواسم مشتركة لحوار جدّي، لكنهم أقفلوا الأبواب كلها وأصرّوا على مرشحهم أو الشغور. الحوار الذي يدعونا إليه رئيس مجلس النواب هو بالسؤال: ماذا تريدون للسير بسليمان فرنجية؟ وقال: “إذا فاز مرشح “الحزب” في الإنتخابات الرئاسية فهو لن يستطيع أن يحسّن الوضع الإقتصادي وأقول ذلك صراحةً وعلنًا. وليعلم الجميع أن محور الممانعة هو من يعطّل الإنتخابات الرئاسية ربما لأنه لا يريدها. مع العلم أن مشكلة الرئاسة ليست بين المسيحيين كما يحلو للبعض أن يقول، وأكبر دليل على ذلك أننا تقاطعنا مع التيار الوطني على ترشيح #جهاد أزعور. نحن لسنا بوارد السير برئيس “صورة عالحيط” فحسب، بل نريد رئيساً للجمهورية بكل ما للكلمة من معنى”.
وعن الفيديرالية وعمّا إذا كانت القوات اللبنانيّة مع هذا الطرح، قال جعجع “الحزب يطبق الفيديرالية. فلنطبقها في كل لبنان أو فلنلتزم الدستور. أمور الناس “مش ماشية” فلنتحاور لتسيير أمورهم، والتركيبة اللبنانية تحتاج إلى إعادة نظر لتستقيم الأمور، ولكن قبل البحث عن التركيبة علينا إجراء إنتخابات رئاسية”.