لم يكن التصعيد الميداني المتدحرج بين #إسرائيل و”#حزب الله” على الجبهة الجنوبية والذي تجاوز امس بخطورة عالية خطوط المواجهة على الحدود الى #الزهراني والبقاع الأوسط عبر تصعيد إسرائيل لحرب الاغتيالات بعيدا عن دلالات وظروف وتوقيت اصدار سفراء دول المجموعة الخماسية اول من امس بيانهم الذي اتسم برفع وتيرة الدفع بالقوى اللبنانية على استعجال انتخاب رئيس للجمهورية توافقا او تنافسا بأسرع وقت الى حدود تبني “مهلة حث” محددة زمنيا بنهاية أيار الحالي. هذا ما تبين تباعا في الساعات الأخيرة بحيث بات الوضع الميداني المتدحرج بين إسرائيل و”حزب الله” يضع لبنان برمته في عين اخطار حرب واسعة لم يعد ممكنا تجاهل تعاظم احتمالاتها وطمر الرؤوس بالرمال من خلال الإمعان في استبعادها. واذا كان الوضع الميداني يسجل تسارعا خطيرا نحو مزيد من اتساع المدى الجغرافي للعمليات الحربية المتبادلة بما يترجم تهديد إسرائيل للبنان بصيف حار، فان دخول التحرك الديبلوماسي “الخماسي” مجددا على واجهة المشهد اللبناني تحول غداة صدور بيان السفراء الخمسة عقب اجتماعهم الأخير في السفارة الأميركية الى ما يشبه الإنذار الضمني بان عدم التزام مهلة لتسريع ملء الفراغ الرئاسي سيعني تخبط لبنان بمزيد من التداعيات الاستثنائية في خطورتها لجهة افراغ كرسي لبنان حول أي طاولة محتملة للمفاوضات لاحلال تسوية لحرب الجنوب ربطا بمفاوضات انهاء حرب غزة.
وفي ظل هذا الخط البياني العريض للتطورات اكتسبت الوقائع الميدانية في الساعات الأخيرة منحى شديد الخطورة في ظل اندفاع إسرائيل أولا الى تكثيف حرب الاغتيالات في لبنان بحيث استهدفت قياديين كبيرين في “حزب الله” وحركة “#حماس” لم يفصل بين اغتيال كل منهما سوى ساعات، كما في ظل تصاعد الحرب الكلامية والحملات الاتهامية، اذ ان مسؤولين إسرائيليين تحدثوا امس عن ان إيران نقلت وسائل دفاع جوي متقدمة لـ”حزب الله” في لبنان . وخلال جولة لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على جبهة الشمال مع لبنان قال: “مستعدون لكل الخيارات ويجب ضرب مطلقي الصواريخ والمسيرات باستمرار”. وأضاف: “كما قلت للجنود قبل دخول غزة أقول لكم انتظروا سوف نعمل”. وأشار غالانت إلى أنه “يعلم أن للحروب أثماناً”، قائلاً: “علينا الاستعداد وكل شيء قد يحدث”.
وتابع: “أدرك حجم الضرر هنا لكن الطرف الآخر تعرض لضرر أكبر”.
وصعدت إسرائيل عمليات الاغتيال اذ استهدفت عصر امس طائرة مُسيرة إسرائيلية سيارة في منطقة المصنع – مجدل عنجر على مقربة من نقطة المصنع أدت الى مقتل القيادي في “حركة حماس” شرحبيل السيد وهو شقيق المسؤول السياسي لحركة حماس في البقاع كما أصيب معه بجروح خطرة محمد رمضان .
سبق ذلك قبل الظهر ان شن الطيران الحربي الاسرائيلي سلسلة غارات على منطقة الزهراني قرب بلدة العدوسية والمصفاة في منشآت النفط وفي بلدة النجارية حيث أصاب النادي الحسيني وبيك أب تابع للبلدية وافيد عن إصابات في صفوف المواطنين ، كما اغار على بورة فرحات مما أدى الى مقتل قيادي كبير في “حزب الله” هو حسين خضر مهدي بعد استهداف سيارته. كما توفي الطفلان السوريان أسامة وهاني الخالد، نتيجة إصابتهما بجروح بالغة جراء الغارة.
وفي المقابل كثف “حزب الله” هجماته وردوده فاعلن استهداف المرابض الاسرائيلية في الزاعورة بدفعة من صواريخ الكاتيوشا كما اعلن انه “رداً على اعتداء العدو الإسرائيلي الذي طال قرية النجارية وأدى الى استشهاد مدنيين، استهدفت المقاومة الإسلامية قاعدة تسنوبار اللوجستية في الجولان المحتل ب 50 صاروخ كاتيوشا” ومن ثم استهدف موقع الراهب .
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي انه تم رصد إطلاق نحو 75 قذيفة صاروخية من لبنان نحو الأراضي الاسرائيلية حيث تم اعتراض العشرات منها.
تداعيات بيان السفراء
اما في المشهد السياسي فبدا واضحا ان التريث غلب على مواقف الكتل النيابية والقوى السياسية حيال بيان سفراء المجموعة الخماسية لتقويم المعطيات التي تقف وراء اصدار هذا البيان قبيل تحديد المواقف منه علما ان أحدا لم يغفل استبعاد أي امكان فعلي لانتخاب رئيس للجمهورية سواء في نهاية أيار او في فترة ابعد . ولكن ذلك لم يحل دون مخاوف ومحاذير بدأت تطل برآسها من خلال توظيف الفريق المعطل للانتخابات الرئاسية وابتزازه المتكرر لموقف السفراء المؤيد للمشاورات لتصوير الامر بانه تبن لموقف فريق وتحديدا لموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري و”الثنائي الشيعي” من “الحوار” وتاليا محاولة رمي الكرة في ملعب القوى المعارضة وتحديدا “القوات اللبنانية” بما يعني إعادة اذكاء الانقسام بقوة حيال البيان وتفسيراته .
وتحدثت معلومات عن ان السفراء الخمسة اتفقوا على مقاربة تؤدي الى لم الشمل النيابي اللبناني قدر الامكان وسيترجم هذا الامر بالخطوات الاتية:
– يقوم السفير الفرنسي هيرفي ماغرو بتكليف من السفراء بزيارة بري ووضعه في تفاصيل مع توصلوا اليه للعمل على تحضير الارضية النيابية المطلوبة للمشاورات المنتظرة.
– يقوم السفراء الاربعة الاخرون بالتواصل مع رؤساء الكتل الى النواب المستقلين للهدف نفسه .
وينقل عن بري انه “يأمل ان تلبي الكتل هذا المطلب وتدخل في المشاورات المطلوبة. وعند لحظة تأكده وتيقنه ان الافرقاء المعنيين سيشاركون في المشاورات السياسية المقترحة وغير المفتوحة والتعاطي معها في شكل جدي ، لا يمانع في تحديد جلسة الانتخاب اذا كان يضمن ان تكون منتجة وتلبي المطلوب وان لا تكون على شكل سابقاتها”.
وبحسب مصادر ديبلوماسية أوروبية على اطلاع على تحرك السفراء، فان هؤلاء وصلوا إلى اقتناع بضرورة الانتقال إلى مرحلة الدفع في اتجاه انجاز عملية الانتخاب ولذا تبنى البيان صياغة اكثر حزماً في التعامل مع الاستحقاق. فوضع وان بطريقة ديبلوماسية، مهلة لهذا الاستحقاق، محددا الاسباب المهمة التي تتطلب وجود رئيس للبلاد في المرحلة المقبلة. فإلى جانب التأكيد على “حراجة الوضع وتداعياته الصعبة التدارك، على اقتصاد لبنان واستقراره الاجتماعي بسبب تأخير الإصلاحات الضرورية”، لفت البيان الى انه “لا يمكن لبنان الانتظار شهراً آخر، بل يحتاج ويستحق رئيساً يوحد البلد ويعطي الأولوية لرفاهية مواطنيه ويشكل تحالفاً واسعاً وشاملاً في سبيل استعادة الاستقرار السياسي وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. كذلك، فإن انتخاب رئيس لهو ضروري أيضاً لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية وكذلك لإبرام اتفاق دبلوماسي مستقبلي بشأن حدود لبنان الجنوبية”. اذن، فإن الاستحقاق الداهم بالنسبة إلى سفراء الخماسية لا يقتصر على التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للشغور في موقع الرئاسة، وانما على حفظ موقع لبنان على طاولات المفاوضات المقبلة في شأن الوضع في الجنوب وتطبيق القرار الدولي لمجلس الامن 1701.