بدا أمس أن إسرائيل، بعودتها الى سلاح الاغتيالات التي تستهدف كبار الكوادر والقادة الميدانيين في “#حزب الله”، سعت إلى ممارسة تصعيد حربي وميداني تواكب عبره المساعي والجهود الديبلوماسية المحمومة الهادفة للتوصل إلى خفض التصعيد عبر تفاهم برعاية متعددة الأطراف الدولية والإقليمية، بدليل أن التطور المتمثل بعودة استهداف قادة ميدانيين بارزين في الحزب تزامن مع اللقاءات البعيدة عن الأضواء التي أجراها كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة وموفده إلى إسرائيل ولبنان آموس هوكشتاين في #باريس أمس للبحث في السبل المتاحة لخفض التصعيد على الحدود الجنوبية بين لبنان وإسرائيل.
وإذ تسبّب الاغتيال الذي استهدف أحد كبار القادة الميدانيين في “حزب الله” باحتدام واسع مع رد صاروخي كثيف للحزب على مواقع إسرائيلية في الجولان والجليل، أثارت السخونة المستعادة على الجبهة الجنوبية قلقاً لدى جهات محلية وديبلوماسية في بيروت تخوّفت من أن تكون إسرائيل تعمّدت التصعيد لإعطاء تهديداتها بنقل الحرب من غزة إلى لبنان معالم “صدقية” وجدية لكون هذه التهديدات صارت في الآونة الأخيرة موضع تشكيك عميق. كما أن الخشية لدى هذه الجهات تتصل باحتمال أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي #بنيامين نتنياهو بدأ التمهيد لزيارته لواشنطن وإلقاء خطاب أمام الكونغرس بنقل متدحرج للتصعيد من غزة حيث يتردد أن “المرحلة الثالثة” ستبدأ قريباً الى الجبهة الشمالية مع لبنان، ولو أن ذلك لا يعني بالضرورة، في رأي هذه الجهات، أن نتنياهو سيقدم على مغامرة كبيرة بإشعال حرب مع لبنان قبل موعد زيارته في الثلث الأخير من تموز (يوليو) الحالي. ولذا توقعت أن تتكثف وتيرة الجهود والمساعي الأميركية والفرنسية في الفترة الطالعة لخفض التصعيد واستكمال المساعي التي كانت مدار بحث مشترك بين الجانبين.
وكان هوكشتاين التقى أمس في باريس الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان #جان إيف لودريان، وناقشا الوضع اللبناني من مختلف جوانبه، لا سيما الوضع المتفجر في جنوب لبنان بين إسرائيل و”حزب الله”. وأشارت المعلومات القليلة المتوافرة إلى أن الاجتماع أسفر عن اتفاق على مواصلة التنسيق بين الطرفين وعلى مواصلة الجهود من أجل منع توسع الحرب عند الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.
ولم تقتصر محادثات هوكشتاين في باريس على لودريان، بل شملت أيضاً المسؤولة عن الملف اللبناني في الأليزيه آن كلير لو جاندر.
سبق ذلك تشديد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على “الضرورة المطلقة لمنع اشتعال الوضع بين إسرائيل و”حزب الله” في لبنان”، وذلك خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وذكر قصر الإليزيه في بيان، أن ماكرون “أعرب مجدداً عن قلقه إزاء تصاعد التوترات بين “حزب الله” وإسرائيل على طول الخط الأزرق. وشدّد على الأهمية المطلقة لمنع اشتعال للوضع من شأنه أن يلحق ضرراً بمصالح كل من لبنان وإسرائيل، وأن يشكل تطوراً خطيراً بشكل خاص على الاستقرار الإقليمي”.
وفي المقابل، عادت إيران إلى الادلاء بمواقف وتحذيرات لإسرائيل من مغبة تورّطها في عمل حربي ضد “حزب الله” . وأفادت وكالة “تسنيم” الدولية للأنباء، أن المشرف على وزارة الخارجية الإيرانية علي باقري، قال في تصريح: “إن لبنان سيكون حتماً جحيماً بلا عودة للصهاينة. في لبنان، لعبت المقاومة، باعتبارها فاعلاً مؤثراً في المجال العملياتي والميداني والدبلوماسي، دوراً خلق الردع اللازم”.
وأما في جديد المواقف الإسرائيلية، فإن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أكد أمس الأربعاء، “إننا نوجه ضربات موجعة لـ”حزب الله” كل يوم وسنصل إلى حالة الاستعداد الكامل للقيام بما هو مطلوب في لبنان”. وأضاف: “نفضل التوصل إلى اتفاق على الجبهة الشمالية. لكن إن فرض الواقع علينا شيئاً آخر، فسنعرف كيف نقاتل”. وأشار غالانت، إلى أن “الدبابة التي تخرج من عملية رفح يمكنها الوصول إلى الليطاني”.
اغتيال واحتدام
وفي تطور أشعل احتداماً ميدانياً واسعاً استهدفت مسيّرة إسرائيلية أمس سيارة على طريق الحوش شرق مدينة صور بعد الظهر، وكان على متنها شخصان نقلتهما سيارات الإسعاف إلى المستشفى، قبل أن يُعلن مقتلهما، أحدهما هو قائد “#وحدة عزيز” في “حزب الله” #محمد نعمة ناصر وهو ثاني قيادي كبير يُقتل بعد قائد “#وحدة النصر”. وقد أصدر “حزب الله” بياناً، نعى فيه نصر ووصفه بالقيادي وهو ثالث شخصية يطلق عليها الحزب هذا التوصيف. كما نعى #محمد غسان خشاب. وأعلن الحزب عن سلسلة عمليات على الأثر استهدف فيها موقع الرمثا وتجمعاً للجنود في مثلث الطيحات و#موقع السماقة ومن ثم استهدف الجولان بصلية كثيفة من الصواريخ. كما أطلق رشقة صاروخية في اتجاه الجليل الأعلى. وأعلن “حزب الله” أنه “في اطار الرد على الاعتداء والاغتيال الذي نفذه العدو في منطقة الحوش في مدينة صور” قصف مقر قيادة فرقة الجولان 210 في ثكنة نفح ومقر الدفاع الجوي والصاروخي في ثكنة كيلع بمئة صاروخ كاتيوشا، كما استهدف مقر قيادة اللواء 769 في ثكنة كريات شمونه بصواريخ فلق. وتعرضت الأحياء السكنية لبلدة شبعا مساء لقصف مدفعي إسرائيلي وافيد عن ثلاث إصابات.
#بكركي والمجلس الشيعي
في سياق داخلي وعلى خط رأب الصدع بين بكركي والمجلس الشيعي الاعلى، استقبل أمس نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى #الشيخ علي الخطيب في مقر المجلس، المطران بولس مطر والوزير السابق #وديع الخازن موفدين من البطريرك الماروني الكاردينال #مار بشارة بطرس الراعي. ورحّب الخطيب بالوفد “في بيت اللبنانيين الذي أطلق مؤسسه الإمام السيد موسى الصدر مقولته التي أصبحت مقدمة للدستور اللبناني “لبنان وطن نهائي لجميع بنيه”، ونحن في المجلس نعتبر أن اللبنانيين أخوة وشركاء في الوطن، والمسلم مسؤول عن حفظ أخيه المسيحي كما المسيحي مسؤول عن حفظ أخيه المسلم، والتمايز المذهبي للمواطنين لا يعطي تمايزاً في الحقوق والواجبات”.
وأوضح المطران مطر أنه “كان لقاءً أخوياً وجيداً جداً، تحدّثنا فيه عن القيم الجامعة بين اللبنانيين وبين أهل الأديان، وواجبنا أن ندخل في حوار صريح من أجل لبنان ومن أجل المنطقة بأسرها لأن لبنان له رسالة خاصة في هذا المجال”. وقال: “نحن وأنتم أيها الإخوان لنا علاقات تضرب عميقاً في التاريخ وفي الجغرافيا في لبنان، وهذه ثوابت ستبقى”.
وفي اتصال مع “النهار” قال الوزير السابق وديع الخازن “أن اللقاء مع الشيخ الخطيب كان ودياً للغاية وأكد الأخير أنه يسجل عتباً ولا مقاطعة من المجلس لبكركي إذ يحرص على التعاون معها لمصلحة البلد خصوصاً في هذه الظروف”. ودعا الخازن إلى وقف السجالات من المحيطين بالمرجعيات لتجاوز هذه المرحلة الحرجة. وعلم أنه تم الاتفاق على تفعيل التواصل في المرحلة المقبلة ولكن ليس هناك لقاء في وقت قريب كما تردد بين البطريرك الراعي الموجود في الديمان والشيخ الخطيب.