Site icon IMLebanon

النهار: جولات الاغتيالات والانتقامات تهدّد جهود خفض التصعيد

 

مع أن الجهات الديبلوماسية المعنية بالمفاوضات المستعادة في الدوحة بين إسرائيل وحركة “حماس” بوساطات ورعايات أميركية وقطرية ومصرية تطلق إشارات متقدمة حيال الفرصة المتاحة، هذه المرة، لتحقيق اختراق يتم بموجبه التوصل الى تسوية أو هدنة في غزة ولو تمادت المفاوضات بعض الوقت، ظل الوضع الميداني على الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية على غليانه، ولو أن الآمال المعلقة على تسوية غزة عززت كفة الذين يستبعدون حرباً واسعة في لبنان.

 

والواقع أن تأرجحاً كبيراً طغى على الوضع الميداني في الجنوب اللبناني وعبره الوضع الديبلوماسي ذات الصلة في ظل عدم تراجع نهج الاغتيالات التصعيدي الذي تعتمده إسرائيل بلا هوادة في استهداف قادة ميدانيين وكوادرعسكرية أساسيين في صفوف “حزب الله” متسبّبة له بضربات قاسية وشرسة يسارع الحزب إلى الرد عليها بموجات طويلة وكثيفة من القصف الصاروخيّ الانتقامي الذي يطاول مناطق جديدة في شمال إسرائيل.

 

ومع تجدد فصل جديد أمس من هذه الدوامة الميدانية – العسكرية بعد أقل من ثلاثة أيام على اغتيال قيادي كبير في الحزب، أعربت مصادر ديبلوماسية مواكبة للاتصالات الجارية في شأن الوضع في لبنان عبر عواصم عدة عن خشيتها الكبيرة حيال تداعيات وآثار وانعكاسات دوامة الاغتيالات المتعاقبة والردود العنيفة عليها على الجهود الديبلوماسية التي تبذلها دول عدة في مقدمها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وكذلك الأمم المتحدة لخفض التصعيد الميداني والعسكري بين إسرائيل و”حزب الله” في انتظار التوصل الى وقف النار في غزة بما يتيح استتئناف مهمة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين بين لبنان وإسرائيل.

 

وتوقعت المصادر نفسها أن تتحرك الاتصالات والجهود بقوة لمنع تفلّت غير محسوب للوضع على الجبهة الجنوبية من شأنه أن يزعزع كل المساعي لمنع انفجار واسع.

 

وبرز القلق المتنامي من هذا الواقع في الاتصال الأول الذي أجراه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذ كشفت المتحدثة باسم ستارمر أنه “أعرب عن قلق كبير من الوضع على الحدود الشمالية لإسرائيل”. ولفتت المتحدثة إلى أن “ستارمر أبلغ نتنياهو بضرورة أن تتصرف كل الأطراف بحذر بشأن شمال إسرائيل”.

 

ومعلوم أن التوترات على كامل الحدود اللبنانية الجنوبية والبالغة 120 كيلو متراً بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله”، تستمر بحيث يستهدف “حزب الله” المواقع العسكرية الإسرائيلية الموزعة على 3 قطاعات، الغربي والأوسط والشرقي، من رأس الناقورة إلى منطقة الماري على الحدود مع سوريا، ومن جهتها تستهدف إسرائيل مواقع الحزب جنوب لبنان والمناطق المجاورة للحدود.

 

وفي إطار الجهود الديبلوماسية، أفاد مكتب الإعلام للأمم المتحدة في بيروت أن المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس- بلاسخارت بدأت أمس زيارةٍ لإسرائيل تستغرق ثلاثة أيام، وقد تواصلت منذ تولّي منصبها الشهر الماضي “بشكل مكثّف مع القيادات اللبنانية والأطراف المعنية لبحث سبل وقف التصعيد عبر الخط الأزرق. وتأتي زيارة المنسقة الأممية إلى إسرائيل تمهيداً لجلسة المشاورات المقرر أن يعقدها مجلس الأمن حول تنفيذ القرار 1701 (2006) قبل نهاية الشهر الحالي.

 

ومن المتوقّع أن تُركّز مناقشاتها مع المسؤولين الإسرائيليين على الحاجة لاستعادة الهدوء وافساح المجال لحلٍّ ديبلوماسيٍّ يمكن من خلاله للمدنيين النازحين من الجانبين العودة إلى ديارهم، بالإضافة إلى معالجة البنود العالقة في القرار 1701”.

 

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حذر السبت الماضي من خطر تحوّل المواجهات بين “حزب الله” وإسرائيل إلى حرب شاملة، مشدداً على ضرورة التوصل إلى “حل سياسي”.

 

وأفاد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن “الأمم المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء تزايد كثافة تبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق، ما يزيد من خطر نشوب حرب واسعة النطاق”.

 

وأضاف أنه “يمكن، بل ويجب، تجنّب التصعيد، ونكرر أن خطر سوء التقدير الذي يؤدي إلى حريق مفاجئ وواسع النطاق خطر حقيقي”، مشدداً على أن “الحل السياسي والديبلوماسي هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق للمضي قدما”.

 

اشتعال متجدد

وعلى غرار كل مرة تغتال فيها إسرائيل قيادياً أو كادراً في “حزب الله” أشعل اغتيالها مساء السبت الماضي في منطقة بعلبك الكادر في الحزب ميثم العطار، الجبهة الجنوبية أمس، علماً أن غارات إسرائيلية استهدفت بلدة معروب وبلدة عيتا الشعب، ومنزلاً في الناقورة. وسُجّل قصف مدفعي إسرائيلي على أطراف يارون ومارون الراس، جنوب لبنان.

 

وأعلن “حزب الله” في بيانات متعاقبة استهدافه التجهيزات ‏التجسسية في موقع الراهب ثم قاعدة نيمرا الإسرائيلية، غرب منطقة طبريا، مشيراً إلى أنه تم استخدام عشرات صواريخ الكاتيوشا خلال العملية، وبأنّ القاعدة المُستهدفة تُعتبر من القواعد الرئيسية في المنطقة الشمالية. ولفت الحزب إلى أن الهجوم الذي حصل جاء رداً على الاغتيال الذي نفذته إسرائيل السبت، في منطقة البقاع، حيث استهدفت طائرة مُسيّرة سيارة تابعة للمسؤول في “حزب الله” ميثم العطار. كما استهدف الحزب موقع البغدادي ومقر وحدة المراقبة وإدارة العمليات الجوية في قاعدة ميرون في جبل الجرمق بعشرات صواريخ الكاتيوشا “ما أدّى إلى تدمير جزء من تجهيزاته واندلاع حرائق بداخله”.

 

وكانت وسائل إعلام #اسرائيلية أفادت عن إطلاق “حزب الله” صلية صاروخية من جنوب لبنان باتجاه مستوطنات الجليل، وصولاً إلى الجليل الأدنى. وأفادت معلومات أن الصواريخ طاولت هدفاً عسكرياً إسرائيلياً قرب طبريا في الجليل الأدنى.

 

وأفادت “القناة 12 الإسرائيلية” عن “رصد 7 عمليات اعتراض على الأقل في منطقة الجليل الأدنى”. وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أنهُ تمّ تفعيل التحذيرات من إطلاق الصواريخ في الجليل الأدنى، مُتحدّثة عن انفجار قذائف مصدرها لبنان في مناطق مفتوحة، ما تسبّب باندلاع حرائق. كذلك، أشارت الصحيفة إلى أنّه تم إطلاق طائرات مُسيّرة من دون طيار باتجاه عددٍ من مناطق الجليل . ومساء أفادت “يديعوت احرونوت” عن سقوط ثلاث إصابات وصفت إصابة احدهم بالخطيرة عقب اطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان الى الجليل الغربي.

 

الراعي وعودة

اما في المشهد الداخلي ووسط جمود متدحرج يسود كل الملفات، فبرزت كالعادة مواقف كل من #البطريرك الماروني الكاردينال #مار بشارة بطرس الراعي وميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس #المطران الياس عودة. البطريرك الراعي قال في عظته: “إنّنا في لبنان نعيش أزمة حقيقة. فلا بدَّ من العودة إليها، أوّلًا لكي ينتخب مجلس النواب رئيسًا للجمهوريّة وفقًا للدستور الواضح والصريح. لا نستطيع البقاء خارج إطار الحقيقة، والعيش في الكذب على بعضنا البعض، فيما وطننا يتلاشى أمام أعيننا بمؤسّساته الدستوريّة. بل علينا أن نعيش ثقافة الحقيقة الواضحة التي لا لبس فيها، فنتصارح ونتصالح بها وعلى ضوئها”.

 

اما المطران عودة، فقال: “الجميع يعرفون أن البلد لا يقاد بلا رأس وأن #انتخاب رئيس للبلاد هو الخطوة الأولى الضرورية. المسؤولون مدعوون إلى اتخاذ خطوات عملية، فهل يقومون بواجبهم؟ النواب كانوا مدعوين إلى انتخاب رئيس للجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس، لكنهم حتى الآن لم يلبوا نداء الواجب. فإذا كانوا عاجزين عن القيام بدورهم، أو أنهم وصلوا إلى طريق مسدود لا منفذ له، ألا تحتم عليهم المسؤولية الوطنية والأخلاقية مصارحة من أوصلوهم وأوكلوا إليهم مسؤولية تمثيلهم، أن هذا المجلس النيابي، بتركيبته الحالية، غير قادر على انتخاب رئيس، وبالتالي عليه إفساح المجال لغيره، بالطرق الديموقراطية التي يمليها الدستور؟”.