مع أن تراكم الأزمات الداخلية والتطورات المقلقة المتصلة بـ”حرب المشاغلة” الجارية في الجنوب لا يتيح للبنان أن يترقب مزيداً من ارتباطات إضافية لأزماته وواقعه بأي تطور خارجي جديد، بدا لافتاً أن يجد لبنان نفسه مرغماً على رصد دقيق لمجريات الحدث الانتخابي في الولايات المتحدة في ظل تنحّي الرئيس الأميركي جو بايدن عن المعركة الرئاسية. ذلك أن انعكاس الحدث الانتخابي الأميركي يلامس بتداعياته الواقع اللبناني، ولو ضمناً ومن بعيد، من خلال أمرين مباشرين يعنيانه على الأقل وهما: الأول ترقب انعكاس تنحي بايدن على حسابات الحرب والتسوية في غزة التي لا بد من أن تظهر أول الامر في نتائج زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن وهو أمر يعني لبنان مباشرة لأن انعكاساته سترتد على الوضع الميداني في جنوب لبنان والمخاوف من اتساع الحرب إلى لبنان. والثاني أن الرهانات والآمال لدى بعض أهل السلطة والسياسيين في لبنان على استتئناف المهمة المكوكية للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين من أجل تبريد الجبهة الجنوبية مع إسرائيل واطلاق المفاوضات في شأن حل لملف الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، لا تزال قائمة بقوة ولكنها ستكون الآن، وفي ظل تنحي الرئيس بايدن، أمام استحقاق حاسم في ظل اختبار القدرة الأميركية على الضغط لمنع انزلاق الوضع في لبنان إلى حرب شاملة وما إذا كان هوكشتاين سيبقى يتمتع بالقدرة السابقة نفسها على الاضطلاع بدور الوساطة الفعالة والمؤثرة.
وتبعاً لهذا الوضع المتجدد من الترقب والانتظار يتجه الوضع الداخلي نحو شلل غير مسبوق منذ بداية أزمة الفراغ الرئاسي التي ستطوي سنة وعشرة أشهر ولا وجود لأي قبس من أمل في فتح مسارب الحل لنهايتها في ظل واقع داخلي وخارجي لا يشجع اطلاقاً على أي تقديرات إيجابية. ففي البعد الخارجي يخشى أن يفتقد لبنان إلى أي تحرك لمدة طويلة قد تتجاوز نهاية السنة في ظل انهماك الدول المؤثرة لا سيما منها الولايات المتحدة وفرنسا باستحقاقاتها الداخلية. وفي البعد الداخلي يبدو واضحاً أن هوّة الانقسام الداخلي آخذة في التعمق والتضخم ولم تكن الضجة الأخيرة حول امتناع كتلتي الثنائي الشيعي عن لقاء المعارضة سوى عيّنة ناطقة عن مدى التأزم المتّسع بين الأفرقاء وتالياً الصعوبة المتعاظمة أمام أي مخرج لبناني صرف للأزمة بلا تدخل أو تأثير خارجي.
جلسة للجنوب
ووسط هذا المناخ تقدم نواب المعارضة أمس بعريضة طالبوا فيها رئيس #مجلس النواب #نبيه بري، بعقد جلسة مناقشة حول مسألة الحرب القائمة وتداعياتها، وتضمنت العريضة اقتراحات ومطالب للمعارضة لاتخاذ إجراءات يتعين على المجلس مطالبة الحكومة بتنفيذها ومن أبرزها “وضع حد للأعمال العسكرية كافة خارج إطار الدولة اللبنانية وأجهزتها التي تنطلق من الاراضي اللبنانية ومن أي جهة كانت، واعلان حالة الطوارىء في الجنوب وتسليم #الجيش اللبناني زمام الامور فيه، وتكليف الجيش اللبناني بالتصدي لأي اعتداء على الاراضي اللبنانية، والتحرك على الصعيد الديبلوماسي من أجل العودة إلى اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949 وتطبيق #القرار 1701 كاملا”.
وفي هذا السياق تناول رئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي الوضع في الجنوب، فاعتبر “أن التطورات الميدانية الحاصلة في الأيام الاخيرة تدعو إلى الحذر طبعاً ولكننا نواصل البحث مع المعنيين والاتصالات الديبلوماسية المطلوبة لمنع تفلت الامور إلى ما لا تحمد عقباه”. وقال: “لا يمكننا القول إن هناك تطمينات وضمانات لأن لا أحد يضمن نوايا العدو الإسرائيلي ولكننا نواصل السعي الحثيث لمعالجة الوضع”. وعن ملف التجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب” #اليونيفيل” قال: “إننا نواصل الاتصالات الديبلوماسية من أجل تأمين تمديد هادئ لولاية اليونيفيل التي نقدر عالياً الدور الأساسي الذي تقوم به في الجنوب والتعاون المثمر بينها وبين الجيش. ومن خلال الاتصالات التي أجريناها لمسنا حرصا على المحافظة على هذا الدور لا سيما في الظروف الدقيقة التي يمر بها الجنوب”.
واجتمع ميقاتي مع وزير الخارجية والمغتربين #عبدالله بو حبيب الذي اطلعه على نتائج لقاءاته في الولايات المتحدة، وأبلغه “أن هناك شبه اتفاق على تجديد عمل قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان لمدة سنة بالشروط ذاتها ومن دون أي تعديل، ووضعته في أجواء الاجتماعات التي عقدتها مع عدد من المسؤولين الأميركيين والأوروبيين الذين شددوا على أهمية عدم توسيع الحرب في الجنوب، والعمل على عدم تصعيد الاعمال العسكرية على الحدود. لذلك هناك نوع من التفاؤل أو اقل تشاؤمًا في موضوع نشوب حرب واسعة على لبنان”.
وفي سياق آخر ترددت أمس على نطاق واسع معلومات تتحدث عن اتجاه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان إلى تقليص كبير لخدماتها ومكاتبها الفرعية في المناطق اللبنانية وحصرها بالمكتب المركزي وعدد محدود من المكاتب الفرعية وتقليص عدد الموظفين لديها. وعُزيت الأسباب إلى عامل التقشف المالي وانخفاض تمويل المفوضية من الدول المانحة.
الميدان جنوباً
على الصعيد الميداني في الجنوب عاودت إسرائيل عمليات الاغتيال إذ نفذ أمس الطيران الحربي الإسرائيلي غارة بصاروخين على بلدة شيحين استهدفت منزلاً في البلدة، وفيما أفادت معلومات عن سقوط قتيلين أحدهما من “#حزب الله” وثلاثة جرحى، أفاد مصدر عسكري لبناني أن شخصاً قُتل وأصيب 2 من #الحزب السوري القومي الاجتماعي في استهداف إسرائيلي لمنزل في بلدة شيحين. ولاحقاً نعى الجناح العسكري للحزب السوري القومي الاجتماعي “نسور الزوبعة” #ابراهيم الموسوي، وهو من بلدة قرحا قضاء #بعلبك الهرمل. وسجّل قصف إسرائيلي على أطراف بلدة الخيام وسهل مرجعيون. وتعرّضت المنطقة الواقعة بين كفركلا والعديسة لقصف إسرائيلي، ما تسبب باندلاع حريق في المكان. وشن الطيران غارة استهدفت بلدة ياطر في القطاع الاوسط.
وفي المقابل، أعلن “حزب الله” استهداف موقع المالكية بمسيّرة هجومية انقضاضية أصابت إحدى دشمه ما أدى إلى تدمير جزء منها واشتعال النيران فيها واستهداف التجهيزات التجسسية في موقع الراهب كما في موقع الرادار في مزارع شبعا وتدميرها.