IMLebanon

النهار: “الجبهة الشمالية” في البيت الأبيض… حربٌ أم تسوية؟ 

 

كما في غزة كذلك في الجنوب، مرّ خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس، بكل ملابساته، كأن شيئاً لم يكن، أقلّه ميدانياً في انتظار الفصول المتبقية من لقاءات نتنياهو في واشنطن حيث يمكن تلمس ما إذا كانت ستكون هناك وقائع تتصل بتهدئة أو تصعيد لا سيما على الجبهة الجنوبية للبنان مع إسرائيل.

 

يشجع على توقع طرح واقع الجبهة الشمالية عاملان: الأول أن صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أوردت ما يميّز الملف اللبناني في محادثات نتنياهو في واشنطن إذ أفادت أن الرئيس الأميركي جو بايدن يفترض أن يكون بحث مع نتنياهو في لقائهما ليلاً في البيت الأبيض التطورات على الجبهة الشمالية (مع لبنان) وجهود التوصل الى تسوية. والثاني أن الوقائع الميدانية في الجنوب وعلى الجبهة الشمالية غداة خطاب نتنياهو حافظت على وتيرة عالية من التوتر والستاتيكو التصعيدي، الأمر الذي يُربط بترجمة الموقف الذي أعلنه نتنياهو في خطابه حيال الجبهة مع لبنان، إذ كرر أنه “يفضل حلاً ديبلوماسياً يعيد سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم، لكن إسرائيل ستفعل كل ما يجب عليها فعله لاستعادة الأمن” في إشارة إلى التوقعات بأن إسرائيل قد تقوم بعملية عسكرية كبيرة في جنوب لبنان ضد “حزب الله”. وهذا الموشر بدا كافياً لربط أي تطور محتمل بالجبهة الشمالية بالتسوية المطروحة في غزة أولاً وأخيراً، الأمر الذي يملي انتظار وقت قليل بعد عودة نتنياهو من واشنطن لتلمس “الاتجاهات السرية” التي قد تكون أسفرت عنها زيارته.

 

الميدان والتهديدات

وفي غضون ذلك، ظلت وتيرة التصعيد على حالها جنوباً بدليل أن الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي أكد أن “التصعيد مستمر جنوباً، وتبادل إطلاق النار لم يتوقف، والناس يقتلون، والدمار ممتد على كلا الجانبين”. وحذر من خطر حدوث خطأ في التقدير، وأضاف: “لا يزال هناك مجال للحل السياسي”.

 

وغداة نشر “حزب الله” الفيديو الثالث لـ”الهدهد” الذي عرض لقطات جوية لقاعدة “رامات دافيد” في الشمال الإسرائيلي، التقى قائد سلاح الجو الإسرائيلي الجنرال تومر بار أمس عدداً من القادة الإسرائيليين في هذه القاعدة العسكرية، حيث تم عرض النقاط الرئيسية لتقييم الوضع العملياتي، وتقديم لمحة عامة عن أنشطة القوات الجوية في الحرب، وزيارة سرب مقاتلات حربية.

 

وشدّد قائد سلاح الجو الإسرائيلي على “حجم المسؤولية التي تقع على عاتق القوات الجوية في مهمة الدفاع عن الشمال”. وقال إنّ “الهجوم في اليمن كان موجّهاً لكل الشرق الأوسط”، معتبراً أنّ “المسؤولية الملقاة على عاتق سلاح الجو لتنفيذ جميع الخطط العملياتية كاملة، وستكون هنا قبضة قاضية وساحقة”. وأضاف: “نحن مستعدون للحرب، وإذا اندلعت حرب في الشمال ومع إيران يمكننا التعامل معها، وقادرون على توجيه ضربة ساحقة للعدو ولدينا مفاجآت”.

 

وفي السياق نفسه، افادت هيئة البث الإسرائيلية ان “الجيش أبلغ القيادة السياسية اكتمال الاستعدادات لمناورة برية كبيرة في لبنان”. وقالت إن “الجيش يعدّ قبل المناورة البرية في لبنان لتنفيذ عمليات جوية قوية”.

 

أما ميدانياً، فأبرز الوقائع تمثلت أمس في تنفيذ مسيّرة إسرائيلية غارة بصاروخ موجه مستهدفة أطراف بلدة كفرشوبا، كما استهدف الطيران الإسرائيلي المسيّر محيط جبانة بلدة رب ثلاثين، متسبباً بسقوط قتيل وعدد من الجرحى. وطاول القصف المدفعي والفوسفوري الأطراف الشمالية لبلدة ميس الجبل وتحديداً على أحياء الدباكة، الجديدة، باب الشقاع وسجل اندلاع حرائق عدة، فيما كانت النيران مشتعلة في الأحراج والمنازل في مستوطنة المنارة قبالة البلدة. واستهدفت غارة اسرائيلية بلدة شيحين مساء الاربعاء كما قصفت المدفعية بلدتي رميش وبيت ليف، كذلك خرق الطيران الحربي الإسرائيلي جدار الصوت في أجواء البلدات الجنوبية كافة ملقياً عدداً من البالونات الحرارية. وقرابة الرابعة والربع من عصر اليوم سجل تحليق لمقاتلتين حربيتين إسرائيليتين من نوع أف 16 على علوّ منخفض جداً في اجواء بلدة عيتا الشعب، حيث عمدتا إلى القاء البالونات الحرارية خلفهما. بعدها، سجل قصف مدفعي معاد طاول عدداً من احياء البلدة ومنزلاً.

 

في المقابل، اعلن “حزب الله” أنه شن هجوماً جوياً بسرب من المسيّرات الانقضاضية على مربض المدفعية التابع للكتيبة 411 في نافه زيف التابع للواء النار 288 مستهدفة نقاط تموضع واستقرار ضباطه وجنوده واصابت أهدافها بدقة وأوقعت فيهم إصابات مؤكدة، كما استهدف مبنىً يستخدمه الجنود في مستوطنة المنارة ومبانٍ يستخدمها الجنود في شتولا والتجهيزات التجسسية في موقع بركة ريشا وموقع حانيتا. وأعلن أن مقاتليه في وحدات الدفاع الجوي اطلقوا صواريخ مضادة على الطائرات الإسرائيلية داخل الاجواء اللبنانية في منطقة الجنوب “ما أجبرها على التراجع والانسحاب الى خلف الحدود‏ اللبنانية مع فلسطين المحتلة”.

 

في الداخل

في المشهد الداخلي يسود جمود متمادٍ وسط مراوحة وانعدام أي افق في الازمة الرئاسية التي لم يبق من معالمها سوى تبادل الحملات الإعلامية. وأمس انتقد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “إفصاح الرئيس نبيه بري عن مكنوناته كلها دفعة واحدة، بطرحه ثلاثية جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية: “تشاور فتوافق فانتخاب” وهذا يعني بوضوح تام تطيير الانتخابات الرئاسية بشكل عملي وفعلي وجعلها خطوة شكلية بعد التشاور والتوافق”.

 

وقال جعجع “إن هذا المنطق يشكل ضرباً كاملاً للدستور الذي ينص في مواده كلها التي تعنى بالانتخابات الرئاسية على الانتخابات فقط لا غير. كما أن معادلة الرئيس بري الجديدة تحوّل المجلس النيابي إلى “#لويا جيرغا” بدلاً من أن يكون مجلساً ينبض بالحياة وتجري الأمور فيه كما ينص الدستور وكما تجري في سائر برلمانات الكرة الارضية. وفي الأحوال كافة، تذكرنا ثلاثية الرئيس بري الجديدة بالثلاثية القديمة “جيش وشعب ومقاومة”، والتي أدت إلى مصادرة دور الجيش الذي وحده يدافع عن لبنان، وأدت إلى تهجير الشعب الذي يعاني الأمرين من تغييب الدور الفعلي للدولة”.

 

بدوره دعا رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل “كل اللبنانيين الأحرار الذين يؤمنون بسيادة لبنان وقراره الحرّ أن يتوحدوا وأن نضع جانباً كل الاعتبارات الشخصية والحزبية والانتخابية والزعاماتية، فنحن بأمس الحاجة الى توحيد كل الجهود من كل الطوائف لخوض معركة انقاذ لبنان التي لا تحصل من منطلقات طائفية”. وجاء ذلك بعد استقبال الجميّل للمرة الأولى منذ مدة طويلة النائب السابق فارس سعيد في بكفيا. وأكد الجميّل “التفاهم مع سعيد ومجموعة كبيرة من القوى السياسية والشخصيات على خطورة الواقع الحالي، معتبراً أن الأولوية هي لإنقاذ لبنان ومبدياً تخوفه من التطورات في المنطقة والاحتمالات بأن تتدهور الأمور خارج السيطرة، فيدفع لبنان واللبنانيون وأهل الجنوب وكل المناطق اللبنانية الثمن مرة جديدة لمغامرة لا تهدف سوى لخدمة مصالح إيران في المنطقة.

 

وأوضح سعيد “أن حزب الله يريد أن يؤمن مصلحة إيران في المنطقة، ومن عليه تأمين مصلحة لبنان هم المؤتمنون عليه وهؤلاء عليهم تحديد المصلحة اللبنانية وأهمها انقاذ لبنان من عين العاصفة والمغامرات القادمة ووضع يد إيران وذلك بتأمين مصلحته ومصلحة اللبنانيين التي يجب أن نكون جميعاً مؤتمنين عليها، متمنياً أن يتم مع النائب الجميّل وكل الأطراف الأخرى من كل الطوائف تشكيل نصاب سياسي عريض يأخذ على عاتقه الحفاظ على مصلحة لبنان التي يجب أن تكون أمانة في أعناقنا كلبنانيين لا سيما في أعناق الأحزاب العريقة التي دفعت في العام 1982 ثمناً كبيراً لإنقاذ لبنان كما في العام 2006 وهذا الأمر مطلوب مجدداً منها اليوم”.