إذا كان ضرباً من ضروب الرعونة والتسرّع، الجزم بأي اتجاه نهائي قد تسلكه المواجهات الميدانية بين إسرائيل و”حزب الله” بعد مواجهات ساعات الفجر التي دارت أمس الأحد في 25 آب (أغسطس) 2024، فإنه من غير الممكن أيضاً تجاهل أن “#حرب الفجر” هذه التي لم تدم أكثر من أربع ساعات شكلت ما يمكن اعتباره الاختبار الأكثر “صلابة” على تجنب طرفي الحرب الذهاب إلى الأخير في إشعال الحرب الكبيرة، أقله في الظروف الراهنة، سواء لحسابات ذاتية لكل منهما أم لقوة الضغط الدولي الذي تتقدمه الولايات المتحدة الأميركية في المقام الأول.
وبرز هذا البعد المفصلي في مبادرة كل من إسرائيل و”حزب الله” بعد توقف الغارات والقصف إلى تعمّد اعلان وقف العمليات العسكرية، حتى أن إسرائيل ألغت التدابير الاسثنائية في المناطق البعيدة عن الحدود اللبنانية. كما أن وكالة “رويترز” نقلت عن ديبلوماسيين أن إسرائيل و”حزب الله” تبادلا الرسائل عقب هجمات البارحة بأن أياً منهما لا يريد التصعيد.
المجهول الجديد في مراحل المواجهات الذي دخلته البلاد أمس، تمثّل في التضارب العنيف حول طبيعة المجريات الحربية التي حصلت في مواجهات الفجر. إسرائيل سارعت إلى تصوير أنها امتلكت المبادرة الميدانية من خلال “ضربة استباقية” وكشفت وسائل إعلامها أن الضربة سبقت بدء ردّ “حزب الله” الانتقامي ل#اغتيال #فؤاد شكر بربع ساعة فقط، عبر انخراط مئة طائرة حربية في أكثر من أربعين غارة على نحو الف قاذفة صاروخية للحزب، الأمر الذي أحبط استهدافه المقار المخابراتية الأساسية في تل أبيب.
وفي المقابل، فإن الحزب نفى السردية الإسرائيلية نفياً تاماً عن إحباط خطته وردّه ولو أنه لم يستفض في الشرح والتفصيل وترك لأمينه العام السيد #حسن نصرالله في إطلالة استثنائية حربية الطابع مساء أمس أن يعلن سرديته لما سماها الأخير “عملية يوم الأربعين” التي صادفت مع احياء “ذكرى أربعين الإمام الحسين” ويرد على الردّ الإسرائيلي.
تحدث نصرالله عملياً عن ردّ محدود حصره بهدف واحد هو قاعدة استخباراتية قرب تل ابيب راهناً، والردّ مرة أخرى أو الاكتفاء بردّ البارحة “بالتدقيق بالنتائج وما اذا كانت مرضية لنا” بما عكس ضمناً إقراراً بمحدودية الردّ. وإذ اعترف بأن الغارات الإسرائيلية على منصات اطلاق ال#صواريخ والمرابض التابعة للحزب بدأت قبل نصف ساعة من توقيت بدء ردّ الحزب نافياً أن تكون دمرت أياً من المنصات “قبل بدء الهجوم”، اعتبر أن ما حصل من جانب إسرائيل “كان عدواناً وليس عملاً استباقياً”.
وأعلن “أننا قررنا أن لا يكون الهدف مدنياً، وأن نستهدف المخابرات العسكرية وأهدافاً تتصل بطيران العدو. حددنا قاعدة غيليلوت قرب تل أبيب كهدف أساسي لعملية “يوم الأربعين” وهي قاعدة أساسية للمخابرات الإسرائيلية، ومسؤولة عن كثير من عمليات الاغتيال في بلادنا والمنطقة، وهي تبعد عن حدود لبنان مئة وعشرة كيلومترات.
والى جانب ذلك، استهداف عدد من ال#ثكنات والمواقع العسكرية في شمال #فلسطين المحتلة والجولان المحتل، لإشغال القبب الحديد والصواريخ الاعتراضية لإتاحة المجال للمسيرات كي تعبر… استهدفنا العدو بصواريخ الكاتيوشا وكان المقرر أن يطلق الأخوة 300 صاروخ كاتيوشا وتوزيعها على المواقع لأن هذا العدد كافٍ لاشغال القبة الحديدية والصواريخ الاعتراضية لدقائق عدة لتعبر ال#مسيّرات. السلاح الآخر هو سلاح المسيّرات على أساس أن يتجه بعضها لعين شومرا والجزء الأكبر يعبر إلى تل أبيب. اتفقنا مع الإخوة أن تكون المنصات جاهزة فجر اليوم في ذكرى أربعين الحسين ونحن لأول مرة نطلق مسيّرات من منطقة البقاع.
أُطلقت الصواريخ التي أصابت كل الأهداف، وكل المسيّرات عبرت الحدود اللبنانية- القلسطينية، وكل المسيّرات التي أطلقت من البقاع عبرت الحدود بسلام باتجاه الأهداف المحددة”. وأكد نصر الله أن “ادّعاء الاحتلال أنه دمر لنا صواريخ باليستية كذب ولم يكن لدينا نية باستخدامها في هذه العملية ولكن من الممكن أن نستخدمها في المستقبل”.
وقال: “الهدف العسكري النوعي في غيليلوت هو قاعدة المخابرات العسكرية التابعة للفرقة 8200، ومعطياتنا أن عدداً من المسيّرات وصل الى هذا الهدف ولكن العدو يتكتم”. أضاف: “كل ادعاءات العدو بأنه اكتشف العملية وأفشلها كذب، واذا كانت ادعاءاته تخفف عنه فلا مشكلة، ولكن كلها أكاذيب، وهذا يكشف وهن هذا الكيان وضعفه. والحديث عن أن المقاومة كانت ستطلق 6 آلاف صاروخ هو ادّعاء كاذب أيضاً، كل ما أردنا إطلاقه في العملية 300 صاروخ . والعدو لم تكن لديه #معلومات استخباراتية ولكنه رصد الحركة، وكل الأهداف التي قصفها لا علاقة لها بالمنصات التي أطلقت الصواريخ”. وقال نصرالله: “في المرحلة الحالية يمكن للبنان أن يرتاح، والعدو أعلن أن ما جرى اليوم انتهى”.
نتنياهو
في المقابل حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي #بنيامين نتنياهو من أن إسرائيل لم تقل “كلمتها الأخيرة” بضرباتها على جنوب لبنان لإحباط هجوم واسع النطاق لـ”حزب الله”. وقال نتنياهو في مستهل جلسة مجلس الوزراء، بحسب مكتبه، بعد الهجوم الذي نفذه “حزب الله”: “قبل ثلاثة أسابيع، قضينا على القائد في “حزب الله” واليوم أحبطنا خططه الهجومية”.
وقال نتنياهو: “إننا ننفذ ضربات مفاجئة على حزب الله”، مؤكداً أن “الجيش الإسرائيلي اعترض جميع المسيّرات التي أطلقها الحزب”. وأضاف: “ليعلم الأمين العام للحزب حسن نصرالله والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، أن هذه خطوة على طريق تغيير الوضع في الشمال”. وأكد “أننا اتخذنا الخطوات الأولى لإعادة السكّان إلى الشمال بأمان”.
ساعات المواجهة
وكان “حزب الله” اعلن انه نفذ فجراً “الرد الاولي”على اغتيال #اسرائيل لقائده العسكري فؤاد شكر واستهدف 11 ثكنة ومواقع إسرائيلية في عمق الكيان بـ320 صاروخاً. ونشر الإعلام الحربي في الحزب مقطع فيديو يظهر “القواعد والثكنات العسكرية التي استهدفتها المقاومة الإسلامية في المرحلة الأولى من الرد”.
واشتعلت الجبهة الجنوبية بشكل عنيف جداً فجراً، حيث نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي ضربة استباقية قدرت بنحو أربعين غارة على جنوب لبنان.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه شنّ #ضربات استباقية في لبنان جاء بعد رصده استعدادات لـ”حزب الله” لشن هجمات واسعة النطاق ضد إسرائيل. وأشار إلى أنه شن هجمات في لبنان لإزالة تهديدات لـ”حزب الله” بعد رصد استعداده لإطلاق قذائف وصواريخ. وأشارت القناة 12 الإسرائيلية نقلاً عن مسؤول سياسي إلى أن هدف الهجوم هو إحباط تهديد أمني كان سيطال ملايين الإسرائيليين.
وأفاد إعلام إسرائيلي نقلاً عن مصدر سياسي أن هجوم “حزب الله” كان موجها نحو منشآت استراتيجية وسط البلاد “وقد أحبطنا هجوماً كبيرا”. وأعلن الجيش الإسرائيلي، أن قرابة 100 طائرة حربية هاجمت آلاف المنصات التابعة لـ”حزب الله” في عملية استباقية بتوجيه من الاستخبارات.
وقال إنه جرى استهداف أكثر من 40 منطقة إطلاق. وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية وأميركية، أن “الضربة الإسرائيلية في لبنان خلال الساعات الأولى من صباح الأحد، أحبطت هجوماً صاروخياً لـ”حزب الله” على إسرائيل قبل دقائق من وقوعه”. وافادت “يديعوت احرونوت” أن “حزب الله” كان ينوي ضرب “هدف استراتيجي” . وأوضح المصدر أن “جميع منصات إطلاق الصواريخ دُمرت”.
الحكومة
وفي المواكبة الحكومية للتطورات رأس رئيس الحكومة #نجيب ميقاتي اجتماعاً وزارياً في دارته تم خلاله البحث في الوضع في الجنوب والخدمات الطارئة على الصعد الصحية والايوائية والتموينية والغذائية والمحروقات وجهوزية خلايا الطوارئ في المناطق، اضافة الى نتائج الاتصالات مع المنظمات الدولية المعنية وهيئات المجتمع الأهلي الشريكة في تنفيذ خطة الطوارئ.
وأكد رئيس الحكومة “انه يجري سلسلة من الاتصالات مع اصدقاء لبنان لوقف التصعيد”. واعتبر “أن المطلوب هو وقف العدوان الإسرائيلي اولاً، وتطبيق القرار 1701. كما أكد “موقف لبنان دعمه للجهود الدولية التي يمكن أن تؤدي الى وقف إطلاق النار في غزة”.