تصادف اليوم الذكرى السنوية الأولى لعملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة “حماس” في غلاف غزة، والتي أشعلت حرباً طاحنة متمادية حتى اللحظة في القطاع وفجّرت زلزالاً من التداعيات الاستراتيجية في كل المنطقة، ولكن أخطرها وأشدّها تأثيراً إلى حدود تمدد الحرب إياها حطّ رحاله في لبنان.
سوف يتاح لكل البلدان العربية وسواها أن تعاين وتقف عند الذكرى الأولى لـ7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 من زاوية البلدان “المعنية عن بعد” ، إلا لبنان الذي يغرق في يوم الذكرى وما يليها (غداً 8 تشرين الأول ذكرى انطلاق “جبهة المساندة” لغزة ستخصص له “النهار” ملفاً خاصا) في حرب مستنسخة عن حرب غزة إذ تحوّلت وجهة التدمير الإسرائيلي إلى جبهة الشمال منذ أسبوعين وها هي مناطق واسعة من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية تتسابق مع غزة تحت وطأة التدمير والقتل وحمامات الدماء وكأن طوفان الدم انتقل الى لبنان.
وقد شهدت الأيام الأخيرة تصعيداً هستيرياً مخيفاً في القصف الإسرائيلي التدميري الذي يستهدف منطقة الضاحية الجنوبية خصوصاً، فيما تواكب هذا القصف خطة تفريغية واضحة لمناطق جنوب الليطاني حيث دأب الجيش الإسرائيلي على توجيه الإنذارات إلى أهالي وسكان البلدات والقرى الحدودية لمغادرة منازلهم والاتجاه نحو شمال الليطاني وعدم العودة الى منازلهم. وباتت تداعيات هذه الخطة، تنذر بتراكم أعداد هائلة من النازحين اللبنانيين قد تتجاوز أرقامها المليون الذي تحدث عنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل فترة. وأعربت أوساط معنية عن مخاوفها من أن تؤدي إطالة أمد الحرب إلى انهيار قدرات لبنان على احتواء الحدّ الأدنى الممكن من كارثة النزوح اللبناني فيما هو يعاني أفدح تداعيات النزوح السوري. يضاف إلى ذلك أن اخطار الإضطرابات الأمنية والاجتماعية ستتفاقم تباعاً ككرة الثلج في ظل ما سيرتبه ملف النزوح لأكثر من مليون هجروا منازلهم في العديد من المناطق المستهدفة. ولم يعد مجدياً التستر عن أحداث واحتكاكات عديدة حصلت وتحصل في مناطق عدة بعضها يأخذ طابعاً حزبياً وطائفياً.
التصعيد الحربي
اما في المشهد الميداني، فلم يتبدل الوضع عند الجبهة الحدودية الجنوبية حيث يسود الغموض الشديد اتجاهات الجيش الإسرائيلي بعد مرور أيام عدة على بدء محاولات اختراق الحدود وعدم تقدمه وسط مقاومة ضارية من “حزب الله”.
وفي هذا السياق صرّح الرئيس ميقاتي قائلاً “إنّني تعهدت بأن الجيش قادر على تعزيز وضعه في الجنوب”. وطالب في حديث تلفزيوني “بتطبيق القرار 1701 لوقف الحرب”. وأشار ميقاتي إلى “أنّنا متمسكون بوقف إطلاق النار ومستعدون لتطبيقه فور تنفيذه من جانب إسرائيل”. وأضاف: “في الاتصالات التي نجريها مع الرئيس نبيه بري قادرون على القول إنه إذا تم وقف إطلاق النار فسنلتزم به”.
في المقابل، تفقّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس قواته المنتشرة عند الحدود مع لبنان، بعد نحو أسبوع من بدء عملياتها البرية في المنطقة اللبنانية المحاذية وفق ما ذكر مكتبه في بيان.
جاء ذلك غداة الليلة الأعنف التي شهدتها مناطق الضاحية الجنوبية كما تجدّد القصف الإسرائيلي بعد ظهرأمس على الضاحية مستهدفاً محيط برج البراجنة ومنطقة الليلكي. وأعلن “حزب الله” أنه شنّ هجوماً جوياً بسرب من المسيرات الانقضاضية على قاعدة 7200 جنوب مدينة حيفا مستهدفة مصنع المواد المتفجرة فيها وأصابت أهدافها بدقة. وكانت الضاحية استهدفت ليل السبت – الاحد بأكثر من 25 غارة شملت مناطق الغبيري، المريجة، طريق المطار القديمة، الليلكي باتجاه الحدث، محيط الشويفات، العمروسية، المنطقة ما بين الصفير وحي ماضي والرويس وبرج البراجنة.
وعلى طريق المطار، استهدف مبنى فيه مستودع مستلزمات طبية واندلعت النيران فيه وسمعت أصوات مدوية بسبب وجود قوارير أوكسجين بكمية كبيرة. كما استهدفت محطة للمحروقات أيضا على طريق المطار القديمة وتطايرت شظايا الصواريخ على المنطقة المحيطة بالضاحية.
واعلن الجيش الإسرائيلي أنه شن سلسلة غارات على مرافق تخزين أسلحة تابعة لـ”حزب الله” في ضاحية بيروت، كما أعلن مهاجمته وسائل قتالية للحزب في منطقة بيروت. وأعقب الغارات، انفجارات قوّية سُمع صداها في عدد كبير من المناطق اللبنانية. كما شعر عدد من سكان بيروت بهزّة أرضية نتيجة قوّة الغارات والانفجارات التي تلتها. وبدا لافتاً استمرار حركة الملاحة الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت تزامناً مع الغارات الإسرائيلية وتصاعد ألسنة اللهب من مبنى مستهدَف على طريق المطار.
وأصدر مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بياناً أعلن أن الغارات يوم السبت على بلدات وقرى جنوب لبنان والنبطبة والبقاع وبعلبك الهرمل وجبل لبنان والشمال أدت في حصيلة إجمالية إلى استشهاد 23 شخصاً وإصابة 93 بجروح.