Site icon IMLebanon

النهار: أول صدام أوروبي – إسرائيلي بعد الاعتداء على اليونيفيل… لا آمال لبنانية على التحرّك الدولي وتشدّد أمني في الداخل

 

لم يكن الصدام العلني الأول المباشر بين إسرائيل والقوة الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل”، منذ شرعت إسرائيل في عملياتها البريّة عبر الحدود الجنوبية تطوراً عادياً، بل شكل المؤشر الأخطر الى احتمالين: الأول مضي إسرائيل في محاولاتها المتقدمة للاندفاع نحو تكثيف توغلاتها في الجنوب، الأمر الذي ترجمته في الاعتداء المتعمد على اليونيفيل بقصد “تطفيشها” ربما. والثاني اختبار الإرادة الدولية أمام خطر اتساع الحرب علماً أن مؤشرات هذا الاتساع تمددت ميدانياً بشكل بالغ الخطورة أمس مع تبادل عمليات القصف الصاروخي البعيد المدى وكثافة الغارات الجوية.

 

وفي تصعيد إسرائيليّ جديد، أغارت الطائرات الإسرائيلية على أحياء مدنية في العاصمة بيروت للمرة الأولى بعد غارتين سابقتين  استهدفت فيهما قيادات الجبهة الشعبية في الكولا ومقر الهيئة الصحية الإسلامية في الباشورة، واستهدفت الغارات الجديدة محيط منطقة رأس النبع، في طلعة النويري تحديداً ومنطقة البسطة. وأدت الغارات إلى سقوط عدد كبير من الضحايا. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن الغارات استهدفت مسؤول الارتباط في “حزب الله” وفيق صفا.

 

وجاءت هذه التطورات لتضفي مشهداً قاتماً على سيناريوهات التطورات الحربية المقبلة إذ استبقت جلسة لمجلس الأمن الدولي انعقدت ليل أمس (بتوقيت بيروت) للبحث في الوضع المتفجر في الشرق الأوسط، ولكن من دون أي آمال لبنانية جدية في إمكان أن يُسفر تحريك فرنسا لمجلس الأمن عن أي نتيجة عملية من شأنها أن تلجم التصعيد المتدحرج في لبنان.

 

وفي ما يشبه الاستنفار الأوروبي المكثف استدعت إيطاليا سفير إسرائيل بعد إطلاق النار على “اليونيفيل” في لبنان، كما أعلنت وزارة الجيوش الفرنسية، أن فرنسا وإيطاليا ستطلبان اجتماعاً للدول الأوروبية المساهمة في قوة الأمم المتحدة بعد تعرّض قوات اليونيفيل لإطلاق نار في جنوب لبنان من قبل الجيش الإسرائيلي. واعتبر وزير الدفاع الإيطالي أن إطلاق إسرائيل النار على قواعد اليونيفيل “أمر غير مقبول على الإطلاق ويخالف القانون الدولي بشكل واضح”، مؤكداً أن “الهجوم على هذه القواعد لم يكن حادثاً أو خطأ”.

 

كما أن المسؤول عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل اعتبر أن قصف إسرائيل لقوات حفظ السلام “تجاوز آخرَ خطير في لبنان”، ودان “الاستهداف غير المبرر لليونيفيل”، مؤكداً “أننا ندعم اليونيفيل ومهمتها بتفويض من مجلس الأمن”.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كشف أن الاتصالات الدبلوماسية تكثفت في الساعات الماضية قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي، “بهدف السعي مجدداً إلى وقف اطلاق النار وبالتالي القيام بمزيد من الضغط لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان”.

 

وقال إن “هناك اتصالات تجري بين الولايات المتحدة وفرنسا، التي طلبت انعقاد مجلس الأمن، بهدف احياء الاعلان الخاص بوقف اطلاق النار لفترة محددة لكي يصار إلى استئناف البحث في الحلول السياسية”. وأوضح “أننا عبرنا مجدداً خلال الاتصالات الدبلوماسية عن استعدادنا لتطبيق القرار 1701 شرط التزام إسرائيل بكل مندرجاته. كما شددنا على أولوية وقف العدوان الإسرائيلي الذي يتسبب بسقوط أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى ولا يوفّر المدنيين وعناصر الاسعاف والاغاثة، وهذا أمر يخالف كل القوانين والشرائع الدولية”. ودعا ميقاتي مجلس الوزراء إلى جلسة اليوم لعرض التطورات الحاصلة علماً أن تطوراً أمنياً برز عبر المشكلات الأمنية التي تحصل في عدد من المناطق مع النازحين، وطلب ميقاتي من وزير الداخلية بسام مولوي دعوة مجلس الأمن المركزي إلى الانعقاد لبحث الملف برمته. وبالفعل وخلال ترؤسه الاجتماع الاستثنائي لمجلس الأمن المركزي كشف مولوي أن خيماً نصبت وكان هناك محاولة لبناء غرف باطونية على كورنيش بيروت البحري “وهذا أمر لا يمكن القبول به”، مؤكداً أننا “بحاجة لمراكز إيواء أكبر في العاصمة”. ولفت إلى أن “الأملاك العامة هي صورة الدولة ولن نقبل بالتعدي عليها ولن نسمح أيضًا بالتعدي على الأملاك الخاصة والقوى الأمنية ستقوم بواجباتها بالطريقة اللازمة”.

 

الاعتداء على اليونيفيل

أما ميدانياً، فحصل تصعيد خطير تمثل في استهداف الجيش الإسرائيلي لبرج حراسة قوات اليونيفيل في المقر العام في رأس الناقورة. وصدر بيان عن “اليونيفيل” أشار إلى حصول “توغلات من إسرائيل إلى لبنان في الناقورة ومناطق أخرى. واشتبك جنود الجيش الإسرائيلي مع عناصر “حزب الله” على الأرض في لبنان. كما تعرّض المقرّ العام لليونيفيل في الناقورة والمواقع المجاورة للقصف بشكل متكرر. وهذا الصباح (أمس) أصيب جنديان من حفظة السلام بعد أن أطلقت دبابة ميركافا تابعة للجيش الإسرائيلي النار من سلاحها باتجاه برج مراقبة في مقر اليونيفيل في الناقورة، فأصابته بشكل مباشر وتسبّبت في سقوط الجنديين. كما أطلق جنود الجيش الإسرائيلي النار على موقع الأمم المتحدة في رأس الناقورة، فأصابوا مدخل الدشمة حيث كان جنود حفظ السلام يحتمون، وألحقوا أضراراً بالآليات ونظام الاتصالات.

 

كما شوهدت طائرة من دون طيار تابعة للجيش الإسرائيلي تحلّق داخل موقع الأمم المتحدة حتى مدخل الدشمة. وبالأمس، أطلق جنود الجيش الإسرائيلي النار عمداً على كاميرات مراقبة في محيط الموقع وعطلوها. كما أطلقوا النار عمداً على نقطة مراقبة تابعة للأمم المتحدة في رأس الناقورة، حيث كانت تُعقد الاجتماعات الثلاثية المنتظمة قبل بدء النزاع، ما أدى إلى تضرر الإضاءة ومحطة إعادة الإرسال”. وأضاف “أننا نذكّر الجيش الإسرائيلي وجميع الأطراف الفاعلة بالتزاماتهم بضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها واحترام حرمة مباني الأمم المتحدة في جميع الأوقات. إن أي هجوم متعمد على قوات حفظ السلام يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي وقرار مجلس الأمن 1701. إننا نتابع هذه المسائل مع الجيش الإسرائيلي”. ولاحقاً أكد المتحدث باسم اليونيفيل أن عمليات الاستهداف كانت على الأرجح مقصودة.

 

في غضون ذلك، نفذّ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات على بلدات الخيام وعيتا الشعب وبلدة المعشوق شرق صور وبلدة محرونة التي أدت إلى استشهاد 5 أشخاص. أما بقاعاً، فشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على بلدة حوش السيد الحدودية مع سوريا والتي يوجد بقربها حاجز للجيش اللبناني ما أدّى إلى إصابة عدد من العسكريين وصفت إصاباتهم بالطفيفة وتحدّث مصدر عسكري لبناني عن إصابة 6 جنود. وشن الطيران غارة على سحمر وأخرى على الكرك أدت إلى استشهاد أربعة أشخاص وإصابة 17 اخرين بجروح.

 

من جانبه، أعلن “حزب الله ” في سلسلة بيانات أنه استهدف كريات شمونة بصلية صاروخية كبيرة. كما قصف تجمعاً للجنود الإسرائيليين في معيان باروخ برشقة صاروخية، وتجمعاً للجنود في بيت هلل في الجولان. وأعلن أنه استهدف تجمعاً للجنود في كفرجلعادي بصلية صاروخية وإستهدف دبابة إسرائيلية أثناء تقدمها إلى رأس الناقورة بالصواريخ الموجهة ما أدىّ إلى إحتراقها وتدميرها وسقوط طاقمها بين قتيل وجريح”. كما أعلن استهداف قوة أثناء محاولتها سحب الإصابات من منطقة رأس الناقورة بصلية صاروخية والاصابة مباشرة ومن ثم أثناء محاولتها مجدداً سحب الإصابات من الآلية المستهدفة في منطقة رأس الناقورة.

 

وأفادت وحدة إدارة مخاطر الكوارث أنه تم في الساعات الأربع والعشرين الماضية تسجيل 61 غارة جوية وقصف على مناطق مختلفة تركز معظمها على الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية والبقاع ليصل العدد الإجمالي للاعتداءات منذ بداية العدوان إلى 9531  اعتداء. وأصدرت وزارة الصحة حصيلة الشهداء والجرحى خلال الساعات الـ24 الماضية حيث تم تسجيل 28 شهيداً و113 جريحاً ليرتفع العدد الإجمالي منذ بدء العدوان الى 2169 شهيداً و10212 جريحاً.