IMLebanon

النهار: حرب الأعماق تستعرّ فهل انهارت المفاوضات؟ وصيّة بوريل: إضغطوا على إسرائيل و”حزب الله”

 

 

بدت مخاوف جدية ساورت أوساطاً رسمية وسياسية وديبلوماسية لبنانية في الساعات الأخيرة من انهيار المفاوضات للتوصل الى وقف النار في لبنان في محلّها الموضوعي، بعد تصعيد وتيرة تبادل العمليات الميدانية الحربية والغارات الجوية وعمليات القصف الصاروخي بين إسرائيل و”حزب الله” إلى ذروة غير مسبوقة من دون اتضاح أي أفق لتحقيق وساطة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين اختراقا حقيقياً. ذلك أنه بالتزامن مع دخول الحرب التصعيدية شهرها الثالث، عكست وقائع اليومين الأخيرين انفجار الحرب على اقصى مدياتها في ثلاثة اتجاهات عبر تعمّق وتوسّع التوغل البري الإسرائيلي في جنوب الليطاني، واستشراس دموي في الغارات، على غرار مجزرة البسطا السبت الماضي، وتعميم المجازر الذي كانت حصيلته الشاملة 84 شهيداً، وتكثيف الهجمات الصاروخية بوتيرة عالية على شمال إسرائيل ووسطها واستهداف منطقة تل أبيب مرات بفاصل ساعات. مجمل هذه الوقائع تزامن مع عدم بلورة أي أفق عملي واضح بعد لمصير وساطة هوكشتاين على رغم المناورات التخديرية التي يتولاها الاعلام الإسرائيلي في ضخ معطيات متفائلة.

 

وبازاء ذلك، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو اللبنانيين والإسرائيليين إلى اغتنام “فرصة” سانحة من أجل التوصل إلى وقف النار في الحرب الدائرة بين إسرائيل و”حزب الله”. وقال بارو لقناة “فرانس 3”: “هناك فرصة سانحة وأدعو جميع الأطراف إلى اغتنامها”. وإذ أعرب عن “حذره”، أشار إلى أنه “من خلال الديبلوماسية والعمل مع الأطراف المعنية بشأن المعايير التي تتيح ضمان أمن إسرائيل وسلامة الأراضي اللبنانية، أعتقد أننا بصدد التوصل إلى حل قد يكون مقبولاً من جميع الأطراف الذين ينبغي عليهم اغتنامه للتوصل إلى وقف النيران ووقف الكارثة الإنسانية أيضاً”.

 

التوغّل البري

وتمثل التطور الميداني الأبرز في اشتداد المواجهات المباشرة بين “حزب الله” والقوات الإسرائيلية الساعية للتوغّل في عمق جنوب الليطاني وذلك في مدينة الخيام التي تشهد معارك ضارية منذ أيام، إضافة إلى معارك تدور عند محور شمع، طير حرفا، حيث يُكثّف الجيش الإسرائيلي قصفه المدفعي على هذه البلدات.                                                         وأفادت  معلومات ميدانية أنّ القوات الإسرائيلية تندفع إلى مزيد من التوغّلات ومنذ ساعات الصباح، تعرضت الخيام إلى قصف مدفعي وجويّ ورمايات من الدبابات الإسرائيلية المتمركزة في بعض أحيائها.

 

تزامن ذلك مع تجدد الاستهدافات الإسرائيلية للجيش اللبناني الذي ارتفع عدد شهدائه منذ بداية الحرب ألى 41 أمس باستشهاد أحد العسكريين وأصابة 18 بينهم مصابون بجروح بليغة نتيجة استهداف إسرائيلي لمركز الجيش في العامرية على طريق القليلة- صور. وسارع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى اصدار بيان اعتبر فيه

“أن استهداف العدو الإسرائيلي بشكل مباشر مركزاً للجيش في الجنوب وسقوط شهداء وجرحى يمثل رسالة دموية مباشرة برفض كل المساعي والاتصالات الجارية للتوصل إلى وقف النار وتعزيز حضور الجيش في الجنوب وتنفيذ القرار الدولي الرقم 1701. وهذا العدوان المباشر يضاف الى سلسلة الاعتداءات المتكررة للجيش وللمدنيين اللبنانيين وهو أمر برسم المجتمع الدولي الساكت على ما يجري في حق لبنان”. وقال إن “الحكومة تدعو دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية الى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد”.

 

في المقلب الثاني من المشهد كان “حزب الله” يشنّ أوسع هجماته ويطلق أكثر من 250 صاروخاً تجاه إسرائيل في رقم قياسي لعملياته. ووسط بلوغ صواريخه تل أبيب وحيفا ونهاريا، اعتبر الوزير السابق في حكومة بنيامين نتنياهو، بيني غانتس، أنّ “الحكومة اللبنانية تطلق يد “حزب الله” وحان الوقت للعمل بقوّة ضدّ أصولها”. وكشف الإعلام الإسرائيلي سقوط صواريخ في بتاح تكفا وهرتسليا وإصابة مباشرة لبيت في بتاح تكفا قرب تل ابيب. وأفيد عن ثلاث إصابات في منطقة تل أبيب نتيجة اندلاع حريق وتوقفت حركة الإقلاع في مطار بن غوريون. ووفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية، أصيب 10 إسرائيليين إثر إطلاق صواريخ من لبنان.

 

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية “كان” أنّه في أعقاب الرشقات الصاروخية الواسعة من لبنان، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إجراء “مشاورات محدودة مهمة” مساء أمس بشأن التسوية في لبنان. وأشارت إلى أنّ “حزب الله يُظهر لأنصاره أن معادلة الأمين العام نعيم قاسم لا تزال قائمة، ضربة في قلب بيروت تعادل ضربة في تل أبيب”.

 

 

بوريل مودعاً

في غضون ذلك، اكتسب كلام مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من بيروت التي زارها أمس مودعاً بعد نهاية ولايته أهمية بارزة، إذ أوصى وشدّد على وجوب ممارسة الضغط على إسرائيل و”حزب الله” للموافقة على العرض الأميركي لوقف النار.

 

وقال عقب زيارتيه الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وقبيل لقائه قائد الجيش العماد جوزف عون: “في أيلول جئت الى لبنان وكنت ما زلت آملاً في أن نتمكن من منع وقوع حرب كاملة من خلال اعتداء إسرائيل على لبنان. بعد شهرين، لبنان على وشك الإنهيار مع الحرب… نحن بصفتنا الإتحاد الأوروبي ندعم الشعب اللبناني والجيش اللبناني والمؤسسات اللبنانية ومستعدون لتكريس 200 مليون يورو للجيش اللبناني، وقد أبلغت رئيس الحكومة عن كيفية وطريقة دعم الجيش اللبناني ليس فقط مالياً بل أيضاً تقنياً، وسنقوم بهذا الشيء”.

 

أضاف، “إن نجاح جهود الوصول الى وقف اطلاق النار ولحل مستدام طويل الأمد هو بين أيدي الأفرقاء، ومن أجل حلّ هذه الحرب، على الرؤساء والقادة اللبنانيين تحمل مسؤولياتهم السياسية من خلال انتخاب رئيس جمهورية ووضع حد لهذا الفراغ الطويل للسلطة الذي تخطى العامين، وإنني ادعو كل الأطراف السياسية لتحمل مسؤولياتهم أمام الشعب اللبناني”.

 

وقال: “أغادر تفويضي ومهمتي بحزن مع رؤيتي هذا العذاب والحزن الذي يزداد. يجب أن نختم هذه المأساة التي حصلت في غزة ولبنان لتفادي المزيد من العذاب لشعوب المنطقة، علينا أن نمارس الضغط على الحكومة الإسرائيلية وأيضاً ممارسة الضغط على “حزب الله” للموافقة على العرض الأميركي لوقف إطلاق النار، وهذا تم الإتفاق عليه. إن هذا الإتفاق ينتظر الموافقة العالقة مع الحكومة الإسرائيلية”.