هل تُعلن فعلاً اليوم، “نهاية” أشرس الحروب التي شهدها لبنان بعد شهرين وبضعة أيام من اشتعالها مخلفة دماراً وقتلاً وضحاياً وتهجيراً ونازحين وخسائر لا حصر لها أعادت لبنان عقوداً الى الوراء؟
قد لا يُلام اللبنانيون في غالبيتهم إن لم يصدقوا تدفق “البشائر” عبر سيل المعلومات المتعددة المصادر عبر وسائل الإعلام والمواقع الإسرائيلية والأميركية التي استبقت أي موقف أو مؤشر أو معطيات من لبنان، معلنة أن اليوم سيكون يوم إعلان التوصل إلى وقف النار أو وقف العمليات العدائية وبدء هدنة بين لبنان وإسرائيل لمدة 60 يوماً يصار خلالها الى تنفيذ آليات الاتفاق بتنفيذ القرار 1701.
وفي انتظار “ثبوت” موافقة الحكومة الإسرائيلية على الاتفاق في اجتماع لمجلس الوزراء السياسي والأمني الإسرائيلي اليوم الثلاثاء بعد مشاورات سيجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع رؤساء أحزاب الائتلاف الحكومي، كما في انتظار ما سيعلنه الجانب اللبناني، ما لم تطرأ تطورات تنسف كل هذا السيناريو في اللحظة الأخيرة، تمثلت أبرز المعطيات في توقع ولادة الاتفاق عبر إعلان مشترك لكل من الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم، من دون معرفة ما إذا كان إعلانهما سيسبق أو يلي إعلان كل من إسرائيل ولبنان موافقتهما الرسمية على الاتفاق. غير أن مصادر البيت الأبيض أوضحت لاحقاً “أننا حققنا تقدماً لاتفاق وقف النار في لبنان لكن لم نصل بعد إلى اتفاق نهائي” بما يرجح انتظار إعلان موافقة الحكومة الإسرائيلية قبل الإعلان الرسمي للاتفاق.
الانطباع الاولي من لبنان جاء عبر زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري الذين نقلوا عنه أن “الأجواء إيجابية جداً والإعلان عن وقف إطلاق النار سيكون من الولايات المتحدة خلال 36 ساعة”. وعلمت “النهار” أنه بعد الساعة الخامسة عصر أمس أُجريت اتصالات بين فريق الموفد الأميركي آموس هوكشتاين والرئيس بري أُبلغ عبرها التوصل إلى الاتفاق والحصول على موافقة الحكومة الإسرائيلية عليه، وقد تم الأخذ بملاحظات الجانب اللبناني ومنها التمسك بعضوية فرنسا في لجنة الرقابة على تنفيذ الاتفاق. ووفقا لأجواء عين التينة، فإن إعلان الاتفاق سيحصل في فترة لا تتجاوز ظهر الأربعاء.
أما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فرفض التعليق على ما يتم تداوله عن موافقة إسرائيل على اتفاق وقف النار، انطلاقاً من سياسة الحذر التي يعتمدها منذ بدء المفاوضات، تاركاً الملف في عهدة رئيس المجلس نبيه بري. لكن معلومات موثوقة توقعت أن يتم الإعلان عن الاتفاق في العاشرة من قبل ظهر غدٍ الاربعاء.
وأفادت المعلومات أن ادارة الرئيس بايدن أبلغت المسؤولين اللبنانيين بإعلان وقف الحرب خلال الساعات المقبلة، فيما أورد موقع “أكسيوس” عن مسؤول أميركي قوله إن لبنان وإسرائيل وافقا على شروط اتفاق وقف إطلاق النار وأن الكابينت الإسرائيلي سيوافق على الاتفاق في لبنان الثلاثاء. من جهته، قال السفير الإسرائيلي لدى واشنطن: “نحن قريبون جدًّا من التوصل لاتفاق مع لبنان وقد يحدث ذلك خلال أيام”. إلا أن وزير الخارجية الإسرائيلي قال إن أي اتفاق لوقف النار في لبنان يجب أن يضمن نزع سلاح “حزب الله” وإبعاده عن الحدود.
من جهتها، أكدت القناة 14 الإسرائيلية “التوصل إلى اتفاق مع “حزب الله” بمشاركة فرنسا، التي ستكون جزءًا من آلية مراقبة التفاهمات”، مشيرة إلى أن “الاتفاق يشمل انسحاب “حزب الله” إلى ما وراء نهر الليطاني، نزع سلاحه في مناطق جنوب لبنان، مع الحفاظ على حرية عمل الجيش الإسرائيلي في المنطقة إذا تم خرق الاتفاق”. كما أشارت القناة إلى أن “عودة المدنيين إلى قراهم في جنوب لبنان ستكون من دون وجود مسلحين”.
ولا تزال إسرائيل متحفظة على بعض تفاصيل الاتفاقية، والتي من المتوقع أن تكون نقلت إلى الحكومة اللبنانية أمس. ويجري التفاوض على هذه التفاصيل وغيرها.
وقال نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب لـ”رويترز” إن “الهدنة التي ترعاها الولايات المتحدة ستراقبها لجنة من 5 دول ترأسها أميركا”، وأضاف: “الهدنة التي ترعاها أميركا تقوم على انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان وانتشار القوات اللبنانية في غضون 60 يوماً”، مشيراً إلى أنه لا عقبات جدية أمام بدء تنفيذ الهدنة”. وكان بو صعب أشار بعد اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب برئاسة بري إلى أن “إسرائيل وافقت على وجود فرنسا لأن الرئيس بري لم يقبل إلا بوجودها في اللجنة لأنه كان متفقاً مع الوسيط الأميركي خلال زيارته إلى لبنان على اللجنة بوجود أميركا وفرنسا، وكان موقف الرئيس بري أن ما اتفقنا عليه، هو أن فرنسا في هذه اللجنة، وأما في موضوع حرية التحرك، نحن نتكلم عن القرار 1701 كاملاً، وكما هو ولا يعطي لإسرائيل حرية التحرك في لبنان”.
الغارات
في غضون ذلك، لم تتبدل اطلاقا صورة الوضع الميداني والحربي إذ تواصل التصعيد في شن الغارات الإسرائيلية على مناطق الجنوب والبقاع الشمالي والضاحية الجنوبية لبيروت والشويفات وسط مخاوف من افتعالات اللحظة الأخيرة التي يمكن أن تتسبب باطاحة اعلان وقف النار. وسجلت أبرز التطورات في استهدافت غارات إسرائيلية متعاقبة على منطقتي حارة حريك وبئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت وغارات على الضاحية مساءً استهدفت ساحة الغبيري والطيونة والسانت تيريز- الحدت وغارة عنيفة جداً على مبنى في منطقة الطيونة. كما هزّت غارة إسرائيلية منطقة الأمراء في الشويفات قرب السرايا الارسلانية. واستهدفت غارة من مسيّرة إسرائيلية دراجة نارية في الموقف المقابل لمصرف لبنان في مدينة صور، وقد افيد عن استشهاد 10 اشخاص بينهم عسكري في الجيش وامرأة، وعن اصابة 17 شخصاً واستهدفت أخرى البوابة قرب ساحة القسم في مدينة صور.
وفي البقاع الشمالي استهدفت غارات إسرائيلية بعد الظهر مناطق النبي شيت، بوداي، وادي أم علي الهرمل والعسيرة بعلبك. وسقط 3 شهداء في الهرمل مع عدد من الاصابات، وأفيد أن الغارة الثانية على بلدة النبي شيت دمرت منزلا يتم فيه توزيع المساعدات للأهالي الصامدين في البلدة، والحصيلة غير النهائية 8 شهداء.
وشن الطيران الحربي المعادي غارة رابعة على مدينة بعلبك، استهدفت مبنى في محلة تلال رأس العين.
وسجلت وزارة الصحة حصيلة شاملة بلغت 3768 ضحية و15699 جريحًا منذ بدء الحرب علماً أن حصيلة يوم الأحد الماضي بلغت 14 ضحية و73 جريحًا.