IMLebanon

النهار: وقف النار إلى عهدة الأميركيين والفرنسيين… “حمى” 9 كانون الثاني لا تضمن الانتخاب؟

 

 

بدا من الواضح أن المشهد الداخلي في لبنان بدأ يشهد متغيّرات كبيرة لجهة الاستعدادات والتحركات التصاعدية المتصلة بمسارين بالغي الأهمية المصيرية والمتزامنين تقريباً وهما: استكمال الاجراءات العسكرية والأمنية الملقاة على عاتق لبنان الرسمي و”حزب الله” تنفيذاً لالتزامات اتفاق وقف النار مع إسرائيل وقطع الطريق عليها في المضي في اختراقاتها لهذا الاتفاق، والتحفز لجلسة 9 كانون الثاني المقبل لانتخاب رئيس الجمهورية وعدم الاطاحة بهذا الموعد بعدما ظهرت معطيات مثيرة للتشكيك في حتمية انتخاب رئيس في هذا الموعد. وعكست معالم الحركة السياسية في كواليس المسار الرئاسي تصاعداً كبيراً لحمى الاتصالات، والتي بدا العامل الأكثر إثارة للانشداد فيها هو السعي المتعدد الاتجاهات إلى انطلاق مسار مشاورات حتى بين القوى المتعارضة والمتخاصمة سعياً إلى تقارب في طرح أسماء مرشحين “توافقيين” ينتخب أحدهم بأكثرية كبيرة وإلا الاتفاق على أن تكون الجلسة حاسمة بحيث تتحول إلى جلسة بدورات مفتوحة ولو أدت إلى انتخاب رئيس بالأكثرية العادية.

 

وترصد الأوساط السياسية والديبلوماسية ما تردّد عن “فاتحة” هذه الحمى بلقاء بين وفد من نواب “كتلة الجمهورية القوية” ورئيس مجلس النواب نبيه بري بالتوازي مع لقاء متوقع بين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، إذ أن من شأن هذه التحركات أن تنقل المسار السياسي المأزوم إلى نقلة جديدة تطل على مرحلة ما بعد الحرب والاستعداد للجلسة الانتخابية. ومع ذلك، فإن المطلعين على معالم الاطلالة على مرحلة تقريرية وحاسمة للاستحقاق الرئاسي بعد طول تعطيل لانتخاب الرئيس يلفتون إلى تعقيدات كبيرة تقف دون الافراط في التفاؤل أو اطلاق توقعات استباقية، إذ أن حسابات ما بعد الحرب تداخلت بقوة مع ملف طرح أسماء المرشحين الجديين وربما تكون الأمور أمام خلط واسع جداً للاوراق والأسماء خصوصاً بعدما ثبت أن الدول المعنية برعاية اتفاق وقف النار كما الدول المعنية بالوضع اللبناني بدأت تتداول بجدية حاسمة أسماء مرشحين وتجري استقصاءات حيالهم تمهيداً لبلورة مواقفها الوشيكة من الاستحقاق.

 

ولذا أثارت تصريحات جديدة لمستشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للشؤون العربية والشرق الأوسط  مسعد بولس حول الانتخابات الرئاسية تساؤلات إضافية حيال عدم جزمه بالانتخاب في جلسة 9 كانون الثاني إذ قال في حديث لمجلة “لوبوان” الفرنسية: “أعتقد أن لديهم الوقت. في 9 كانون الثاني سيكون قد مر عامان وشهران على شغور منصب الرئاسة. برأيي، يمكن للبنانيين الانتظار شهرين أو ثلاثة إضافيين لإنجاز الأمور بشكل صحيح وفي إطار اتفاق شامل. لا يجب التسرع لانتخاب أي شخص بشكل عشوائي. يجب الحرص على ضمان مشاركة الأغلبية المطلقة لممثلي الشعب اللبناني، وليس الاكتفاء بانتخاب رئيس بأغلبية 65 صوتًا فقط”. كما شدّد على “تحديد رؤية واضحة بشأن تشكيل الحكومة، ومعرفة من سيرأسها، وما هي الأحزاب التي ستكون ممثلة فيها، وما هو برنامجها لإعادة الهيكلة، خصوصاً على الصعيدين الاقتصادي والمالي. وأخيرًا، يجب ضمان تمثيل المعارضة، التي تشكل اليوم نحو نصف البرلمان، بشكل جيد”.

 

لجنة المراقبة

اما في ملف تنفيذ اتفاق وقف النار، فالجديد البارز تمثل في جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي امس في نيويورك في شأن لبنان بطلب من رئاسة المجلس الولايات المتحدة الأميركية، واستمع المجلس إلى احاطة من وكيل الأمين العام لعمليات السلام جان بيار لاكروا.

 

ومن المقرر أن تعقد لجنة المراقبة لاتفاق وقف النار أول اجتماع رسمي وعملي لها الثلاثاء المقبل في الناقورة علماً أن اجتماعاً أولياً للجنة متوقع غداً بعدما وصل امس إلى بيروت العضو الفرنسي في اللجنة الجنرال غيوم بونشان.

 

وأبلغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى الوزراء في جلسة مجلس الوزراء أمس أن جلسة ستعقد صباح السبت المقبل في ثكنة بنوا بركات في صور. وعلم أن الخطوة الرمزية لمجلس الوزراء تهدف إلى اظهار التضامن مع الجنوبيين، كما أن قائد الجيش العماد جوزف عون سيحضر الجلسة ويشرح فيها خطة انتشار الجيش في الجنوب. وفي مداخلته الافتتاحية للجلسة أمس قال ميقاتي: “مضى أسبوع على وقف اطلاق النار وما زلنا نرى الخروقات الإسرائيلية التي تحصل وهي بلغت حتى الآن اكثر من ستين خرقاً. وقد لمست من خلال اتصالاتي مع الدول التي شاركت في التوصل إلى وقف اطلاق النار وتحديداً الولايات المتحدة وفرنسا حرصاً على معالجة هذا الموضوع. من هنا حصل في اليومين الأخيرين تثبيت أكيد لوقف اطلاق النار، ونأمل بأن يتحوّل إلى استقرار دائم رغم أننا نتخوف ونحذر من خروقات تعيدنا إلى أجواء القلق”. وأضاف: “كلنا ثقة بأن يكون للقرار العربي الداعم لوقف النار، نتيجة مباشرة على الدور الديبلوماسي الموازي للدور السياسي في التعاطي مع التطورات بعقلانية وواقعية سياسية”.

 

كما أن نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب نقل عن الرئيس بري قوله “إنه في الأيام القليلة المقبلة سينطلق عمل لجنة المراقبة، ومع إنطلاق عملها، الأمور ستضبط بشكل أفضل”. وقال بو صعب: “هذا الاتفاق أنجز من أجل أن يبقى وأنجز من أجل أن ينجح، وأعتقد إن شاء الله في الأيام المقبلة ستتغير هذه المعطيات واللجنة تصبح فعالة وتنعدم الخروقات والاعتداءات على اللبنانيين”.

 

وعن جلسة 9 كانون الثاني لانتخاب رئيس للجمهورية قال: “تأكد للمرة الثانية أن الجلسة قائمة في تاريخها وهي ستستمر إلى حين تصاعد الدخان الأبيض وينتخب رئيس الجمهورية، ما زلنا في مرحلة التباحث حول إسم يتوافق عليه الجميع، إسم يحظى بـ86 صوتاً يكون عنواناً للتوافق وليس رئيس تحدٍ يُفرض بطريقة أو بأخرى… أما في حال لم يتأمن التوصل إلى توافق فالجلسة هي التي ستحدد المسار”.

 

على الصعيد الميداني وعلى رغم انحسار الاختراقات والانتهاكات الإسرائيلية لوقف النار فهي تواصلت بوتيرة متقطعة وأطلق الجيش الإسرائيلي قذيفة مدفعية على سهل مرجعيون كما أطلق النار على قوة للجيش اللبناني خلال تفقدها مرفأ الناقورة.

واستهدفت مسيرة بعد الظهر آلية مدنية في بلدة مجدل زون وأفيد عن قصف مدفعي إسرائيلي على سهل مرجعيون.